في أوروبا ستسرك المدارس ودور الحضانة التي تهتم بتعليم الطلاب من مختلف الأعمار. وإن كنت من القاطنين بجوارها فلن تسمع صوتاً لمكبر صوت يصدر من خلاله بعض الأوامر والتعليمات من الإدارة إلى التلاميذ أو الطلاب. لن تسمع كذلك أيضاً أي صخب أو ضجيج أو نحيب أو بكاء لأحد هؤلاء. ولن يزعجك أن تكون لهم جار. وإنما ستشعر بالفخر والاعتزاز لهذا الجوار ولهؤلاء الجيران. وحتى إن مررت بجانبها فستجد هذه المنشآت بمنتهى الروعة، لما تذخر به من حسن التنظيم والتخطيط والبناء. فالباحة بمعظمها حدائق غناء مكسوة ببساط عشبي أخضر يموج بالأزهار. وتنتصب فيها الكثير من الأشجار. وعلى هذه الحدائق شيدت بعض الأراجيح والهياكل والمقاعد. ولن تجد طفلاً أو طالباً يعبث بالورود، أو يتطاول على الأشجار كي يتلهى بقطف الثمار، أو يكسر الأغصان. وسترى بأم عينيك روعة الأسلوب الحضاري بكل مظاهر الانضباط والاحترام لهذه المنشآت التعليمية. ولن تقع عينيك على أي مظهر من مظاهر الازدحام والصخب والفوضى والتدافع. ولن تخدش أذنيك كلمة بذيئة من طالب أو أستاذ، أو أي صوت لصراخ أو شجار. والصعود إلى وسائط النقل أو النزول منها يتم بانضباط طوعي وذاتي يتوافق مع غيره في كل مكان. وستجد من يفضل منهم العودة إلى منزله مشياً على الأقدام، أو على دراجته الهوائية أو النارية، يسير على الأرصفة أو على جانب الشارع، أو في الممرات المحددة لمرور الدراجات. وهو يحث الخطى للوصول إلى منزله بسرعة. وكله انتباه لئلا يعرقل وسائط النقل. أو يزعج المشاة. ولن تجد شباناً يقفون أمام المدارس، أو في الأحياء بغية معاكسة الفتيات من دون احترام مشاعر سكان هذه الأحياء. فمثل هذه التصرفات تعتبر جرائم تحرش واغتصاب وإرهاب يحاسب عليها المجتمع والقانون والقضاء أشد حساب. ولن تجد منهم من يتجمهر أمام المدارس. أو في الساحات قبل الدوام أو بعد انتهائه كي يلعبوا بالكرات. أو أن يهدر أحدهم الوقت كي يتأخر عن موعد وصوله الى المنزل مهما كانت الدوافع والمغريات. فالوقت ثمين لما له من دور مركزي في هذه الحياة. لو راجعت تلك المدارس في شأن معرفة المستوى الدراسي لفلذات كبدك، فستحصل على الصورة الحقيقية لما هو عليه حالهم من كل النواحي الإيجابية والسلبية والمدونة بدقة وبشكل علمي ومنهجي في السجلات المدرسية. والتي سترافقهم طيلة مسيرتهم المدرسية والجامعية أو التخصصية أو المهنية. وستجد الكادر التعليمي يؤدي عمله على أكمل وجه، ويتقن الأساليب التربوية والتعليمية بامتياز. وستجد أن يوم الطالب أو التلميذ أو الطفل مخطط ومبرمج في البيت والمدرسة، أو في دور الحضانة. فمواعيد النوم والاستيقاظ ومشاهدة التلفاز واللعب والراحة واللهو وتناول الطعام، وتنفيذ واجباته المدرسية محددة سلفاً بتوقيتات. ولن تجد طالباً يسهر ويلهو ويعبث بأوقاته على مزاجه. وإذا كانت الدولة في أوروبا تقدم كل مساعدة لرعاية الأسرة والطفل. إلا ان دولاً أخرى مثل إسرائيل والولايات المتحدة تقوم بعمليات عدوان وغزو وإرهاب يكون الطفل والطالب ضحيتها. وأخيراً لن تجد أسرة أو طفلاً في أوروبا يعيش في أجواء حصار وتهديدات وغزو وعدوان أميركي وإسرائيلي لبلاده، كما يحصل في العراق وفلسطين. برهان إبراهيم كريم - بريد الكتروني