الإعلان عن أن الرئيسين، الأميركي أوباما والفرنسي ساركوزي، اتفقا على كل المسائل ما عدا موضوع علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي وعضويتها المنتظرة، قرينة على أن العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي لا تسير على ما يرام. ولفهم ما حصل بين الرئيسين، الأميركي والفرنسي، علينا أن نعود الى الوراء قليلاً. فبينما كان أوباما يلقي خطابه الشهير من القاهرة، كان مسؤول توسيع الاتحاد الأوروبي اولي رين، يزور واشنطن، وكذلك وزير الخارجية التركي، احمد داود اوغلو، وقائد الأركان التركي الجنرال الكر باشبوغ. وبحث الجنرال مع المسؤولين الأميركيين الوضع في الباكستان وأفغانستان والعراق، الى ملف حزب العمال الكردستاني. وفي المقابل، وفي الوقت نفسه، كان وزير الدولة التركي مسؤول العلاقات بالاتحاد الأوروبي، اغامان باغيش، يقول إن الإصلاحات القانونية التي وعدت تركيا بإقرارها تأجل إقرارها بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية. وبحسب مصادر رفيعة المستوى فأن أهم موضوع توقف عنده اولى رين في محادثاته بواشنطن، كان الملف التركي، ووضع تركيا قبيل انتخابات البرلمان الأوروبي. وتخصيص أوباما تركيا بزيارته في أثناء جولته الأوروبية ? وليس في أثناء جولته الى الشرق الأوسط ? يشير بوضوح الى المكان الذي يريد أن يرى تركيا فيه، وهو الذي يعتبرها حليفاً مهما للولايات المتحدة الأميركية، ويعتبر أن عضويتها في الاتحاد الأوروبي تساعد على وئام أكبر بين الاتحاد و"الناتو". لكن جبهة ميركل - ساركوزي تعارض الطلب الأميركي. ونتائج انتخابات البرلمان الأوروبي تقوي التوجه نفسه في أوروبا. ولكن الأمر لا يقتصر على هذا. ففي حديث مسؤول توسيع الاتحاد الأوروبي، رين، مع المسؤولين الأميركيين بواشنطن، شدد هذا على أن شهية الاتحاد الأوروبي للتوسع لم تبق على ما كانت عليه، ولعلها انقطعت. والرغبة التركية في الانضمام الى الاتحاد الأوروبي فترت. ولم تخطُ أنقرة خطوة جدية واحدة في المدة المنصرمة على هذا الطريق. وتصريحات المسؤولين الاتراك متضاربة في هذا الشأن، بل أن أنقرة تصم أذنيها عن أي انتقاد أوروبي لبطء عجلة الإصلاحات التركية بدلاً من تسريعها، والكلام في أوروبا يدور على احتمال انضمام ايسلندة والنرويج الى الاتحاد الأوروبي قبل تركيا. وعندما يناقش أوباما ساركوزي موضوع تركيا، فالأمر جدي. وواضح أن تركيا تعتمد على الدعم الأميركي، وعلى الحاجة الأميركية إليها في المنطقة، في سبيل حض الاتحاد الأوروبي على استقبالها. وتراهن تركيا على ثقلها، وعلى نشاطها في السياسة الخارجية. ولكن يبدو واضحاً ان أوروبا عينها على أمور أخرى، ومقاييسها مختلفة. * معلق، عن "راديكال" التركية، 8 /6/ 2009 نشر في العدد: 16875 ت.م: 17-06-2009 ص: 28 ط: الرياض