تعود الحياة مجدداً الى حلبات بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد، اعتباراً من اليوم الجمعة موعد انطلاق التجارب الحرة لجائزة استراليا الكبرى، اذ ستشكّل حلبة البرت بارك في ملبورن، بداية عصر جديد يصعب توقع ابطاله، بعدما خلطت الاوراق بسبب التعديلات التقنية، التي ادخلت على سيارات رياضة الفئة الاولى، بهدف تحجيم النفقات. ولن يعطي السباق الاسترالي وخلافاً للمواسم السابقة، صورة حقيقية عن هوية السائقين والفرق، الذين سيشكّلون اطراف المنافسة خلال هذا الموسم، لان كبار رياضة الفئة الاولى لم يتوصلوا حتى الآن الى الصيغة "الرابحة"، التي ستؤمن لهم تركيبة الفوز بالسباقات، لانهم لا يزالون في طور التأقلم مع جديد هذا الموسم، ما يعزز من احتمالات ان يفرض السباق الاسترالي فائزاً "صغيراً" مثل الوافد الجديد فريق "براون جي بي ريسينغ"، الذي حل بدلاً من هوندا لانسحاب الاخيرة، بسبب الازمة الاقتصادية العالمية. الموسم ال60 في رياضة الفئة لن يكون تقليدياً على الاطلاق، او على اقله في السباقات الاولى، اذ ان التجارب الشتوية التي اقيمت تحضيراً لانطلاق الموسم، اظهرت ان هناك امكاناً بان نرى فرقاً خارجة عن "توليفة فيراري - ماكلارين مرسيدس"، الفريقين اللذين سيطرا على البطولة الموسمين الماضيين، بفوز الفنلندي كيمي رايكونن بلقب 2007، والبريطاني لويس هاميلتون بلقب 2008 في الامتار الاخيرة على حساب سائق فيراري الثاني البرازيلي فيليبي ماسا. والواقع الذي يعزز هذا الاحتمال، ان الفرق الثلاثة براون مع هوندا قبل انسحاب الاخيرة بدأت تحضيراتها ل2009 مع انتصاف الموسم الماضي، بعدما ارتأت ان آمالها بالمنافسة ضعيفة جداً، ففضلت التركيز على تطوير سياراتها، لتتماشى مع القوانين الجديدة، في حين ان فيراري وماكلارين مرسيدس وبي ام دبليو ساوبر ايضاً مع سائقيها البولندي روبرت كوبيتسا والالماني نيك هايدفيلد، كانت مشغولة بالتحضير لسباق تلو الاخر، لانها كانت تتنافس على المراكز الاولى ان كان عند السائقين او الصانعين. ارتباك داخل الحظائر قبل علم الانطلاق ولا يزال الوضع التقني مبهماً على الجميع قبل ساعات معدودة من انطلاق السباق الافتتاحي، لدرجة ان الثلاثي براون وتويوتا ووليامس لا يعلم حتى الان اذا كانت الاجنحة الانسيابية التي يستعملها تتطابق مع القوانين، وهو لم يحصل حتى على جواب من الاتحاد الدولي فيا حول هذا الموضوع، لان رد الاخير كان بان قرار قانونية الجانح الخلفي الارضي الذي يفصل بين الاطارين الخلفيين يعود الى مراقبي السباق الاسترالي، الذين سيتخذونه بعد ان يقوموا بالفحص الفني الاعتيادي قبل انطلاق السباق. ولن يكون هذا الجانح الانسيابي الجديد الوحيد لموسم 2009 اذا اعتمد او تم استبداله، اذ شملت التعديلات جميع النواحي التقنية والانسيابية بدءاً من الاطارات، اذ ستعود الملساء بالكامل الى البطولة للمرة الاولى منذ 1998 مع مواصلة اجبار الفرق على استعمال نوعين من الاطارات خلال كل سباق، والملساء منها ستكون محددة بخط اخضر. اما على صعيد الانسيابية، فكان التعديل الاكبر في هذه الناحية، اذ تغير شكل السيارات بشكل كبير، نتيجة لاعتماد جانح خلفي عال واقل عرضاً من السابق، واخر امامي عريض وادنى من السابق. واعرب العديد من السائقين عن تخوفهم من ان التعديل الذي ادخل على الجانح الامامي، قد يتسبب في الكثير من الحوادث، لان مقدمة السيارة ستكون عريضة جداً، ما يصعب من عملية الانعطاف والتجاوز، خصوصاً على حلبات ضيقة مثل موناكو، اضافة الى ازدياد خطورة التصادم عند خط الانطلاق، بسبب تقارب المسافة بين السيارات. كما قرر الاتحاد الدولي منع استعمال اي اجنحة اضافية على هيكل السيارة، مثل الجانحين الجانبيين، او الجانح الذي يركب فوق مقصورة السائق. وسيسمح للسائقين للمرة الاولى بان يدخلوا تعديلاً انسيابياً على الجانح الامامي، وهم داخل السيارة خلال السباق، وذلك عبر جانحين صغيرين متحركين والتعديل المسموح به هو في حدود 6 درجات فقط. وافد جديد و"ثقيل" اما الوافد الابرز الى بطولة 2009 هو جهاز "كيرز" كينيتيك اينرجي ريكافري سيستم، الذي يهدف الى اعادة استعمال الطاقة التي تولدها الفرملة وتخزينها، ثم استعمالها لاحقاً عبر محول "باور بوست" شبيه بذلك المستعمل في سباقات "اي وان غران بري"، يمنح السائق 82 حصاناً اضافية لمدة 6 ثوان. أما على الصعيد المحرك فتم تحديد دوراته ب18 ألف دورة في الدقيقة، عوضاً عن 19 ألف دورة من اجل أن يحظى بجدارة تشغيل أطول خصوصاً أنه أصبح على كل سائق أن يستعمل محركاً واحداً لثلاثة سباقات عوضاً عن سباقين، وثمانية فقط خلال الموسم بأكمله إضافة إلى أربعة محركات أخرى من اجل التجارب والاختبارات التي أصبحت محدودة جداً بين سباق وآخر. وكانت الأمور لتصبح أكثر تعقيداً وخطورة لو ثبت الاتحاد الدولي عند قراره الأولي بمنح لقب بطولة العالم للسائق الأكثر فوزاً بالسباقات، لان هذا الأمر كان سيدفع السائقين للاندفاع أكثر نحو الفوز عوضاً عن الاعتماد على استراتيجية الحصول على اكبر عدد من النقاط مع تفادي المخاطرة كثيراً. وقرر"فيا"تأجيل قانون منح اللقب إلى السائق الأكثر فوزاً حتى 2010 بعدما عبرت جمعية الفرق المشاركة في البطولة عن"خيبة أملها وقلقها"جراء القرارات التي اتخذها المجلس العالمي للسيارات، ورأت أن"الخلل المستمر سيعقد مهام الجميع، وينعكس سلباً على روح اللعبة". ويبقى السؤال ما مدى تأثير هذه التعديلات على مستوى رياضة الفئة الأولى وسرعة سياراتها ونسبة التنافس هذا الموسم؟ أقطاب المنافسة أما السؤال الأهم هو من سيكون المنافس الأبرز على اللقب هذا الموسم؟ خصوصاً وسط التوقعات التي ترى بان هاميلتون وماكلارين سيعانيان في بداية الموسم قبل أن يلحقا لاحقاً بركب فيراري وبي ام دبليو ساوبر ورينو. "نعم سيارتنا حالياً أضعف من بقية السيارات، لكن ثقتنا كبيرة وسنتطور مع مرور الوقت. أعتقد بان البطولة ستكون أكثر تنافسية عن العام الماضي"، هذا ما قاله هاميلتون الذي سيفتقد في 2009 مرشده رون دينيس، عن توقعاته لهذا الموسم، مضيفاً"مستوى الفرق متقارب، لذلك من المرجح أن نشهد فائزين مختلفين خلال السباقات. عطشي للنجاح أكبر من الموسم الماضي، ورغبتي بالفوز أعظم من أي وقت مضى. هذا يعني أنني أريد الفوز بعد والتقليل من أخطائي وخوض سباق كامل في يوم من الأيام". رايكونن خسر لقبه الموسم الماضي وقدم أداء عادياً لكن الفنلندي وعد بالعودة إلى المنافسة على لقب 2009 :"سأعود لأفوز. هناك قوانين جديدة وأمور كثيرة ستتغير، لذا من الصعب التوقع كيف ستكون عليه الحال في 2009، لكن اعتقد أننا سنقف في صف المنافسين مجدداً". وختم"أياً تكن التغييرات تستطيع فيراري دائماً التأقلم معها بسرعة اكبر من الفرق الأخرى". وسيكون الجميع في انتظار ما سيقدمه ماسا زميل رايكونن هذا الموسم بعدما خسر لقب 2008 بطريقة"دراماتيكية"عند المنعطف الأخير لحلبة انترلاغوس عندما فاز بالمركز الأول من دون أن يتوج باللقب لان هاميلتون حسمه في مصلحته في أكثر السباقات إثارة لان البريطاني دخل اللفة الأخيرة في المركز السادس ما يعني انه كان في طريقه إلى الاكتفاء بمركز الوصيف، لكنه استغل عدم دخول الألماني تيمو غلوك سائق تويوتا إلى المرآب لتغيير إطاراته إلى تلك المخصصة للأمطار التي هطلت قبل 6 لفات على النهاية، فنجح سائق ماكلارين مرسيدس في تخطيه عند المنعطف الأخير قبل نقطة الوصول. أما الطرف الرابع المرجح بقوة للعودة إلى ساحة التتويج بعد أن غاب عنها في 2007 و2008، فهو بطل 2006 و2007 الاسباني الونسو الذي بدا واثقاً من قدرته على استعادة اللقب"بنسبة سبعة على عشرة". وقال الونسو الذي اعتبر مطلع العام الماضي أن لا حظوظ لديه في الفوز في بطولة 2008:"من دون أي شك أنا متفائل أكثر من العام الماضي. هذه المرة لسنا على بعد ثانية ونصف عن سائقي المقدمة، إنما أقرب بنحو سبعة أعشار من الثانية". وأردف الونسو الذي حقق 13 نقطة فقط في أول 10 سباقات العام الماضي:"العام الماضي، وبعد نحو ثلاثة سباقات على انطلاق البطولة، اعتقدت أن مشاركتنا ستكون للنزهة والسياحة في المدن المضيفة للسباقات. لم تكن السيارة سيئة، بل كنا بحاجة إلى محرك قوي". وتابع الونسو:"في نهاية المطاف أحرزنا 48 نقطة في 8 سباقات، بينها فوزان ومركز الوصيف مرتين، بفضل عمل الفريق"، ولو كان أداء رينو ثابتاً على هذا الإيقاع طوال الموسم لأحرز لقب السائقين حتماً.