سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخرطوم تؤكد أنها لن تتراجع عن قرار طرد المنظمات الدولية وتقلل من إعلان "حركة العدل والمساواة" مقاطعة محادثات السلام قيادة الجيش السوداني تطلب من البشير عدم السفر إلى الدوحة خشية توقيفه
أكدت القيادة السودانية مجدداً أمس أنها لن تتراجع عن قرارها طرد 13 منظمة دولية من إقليم دارفور"ولن تعدل عن موقفها مهما كانت الضغوط وتهديد ووعيد مجلس الأمن". وفي وقت قللت الخرطوم من إعلان"حركة العدل والمساواة"مقاطعة جولة محادثات السلام المقبلة مع الحكومة المقررة خلال أسابيع وانتظارها رداً من الوسيط القطري، تدخلت أسرة الرئيس عمر البشير وقيادات عسكرية ودينية لمنعه من السفر إلى الدوحة للمشاركة في القمة العربية نهاية الشهر خشية توقيفه تنفيذاً لقرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه أمام مؤتمر لمنظمات المجتمع المدني تشارك فيه أكثر من 40 منظمة وجمعية طوعية وانسانية عربية في الخرطوم"إن قرار الحكومة ابعاد بعض المنظمات هو قرار سيادي أملته المصلحة الوطنية، ولن نتراجع عن هذا القرار مهما كانت الضغوط". وأضاف:"إننا نعلم واجباتنا الوطنية، ولسنا في حاجة لمن يذكّرنا بتلك الواجبات، ولا نقبل بأن يهددنا أحد أو يتوعدنا"، منتقداً مجلس الأمن الذي قرر تصعيد الضغط على الخرطوم للعدول عن قرارها طرد المنظمات وعبّر عن القلق من حدوث فجوة انسانية في دارفور. وأوضح:"كان الحري بمجلس الأمن أن يتلقى المعلومة من مصادرها الصحيحة، ومن وكالات الأممالمتحدة التي تشترك في إجراء تقويم للحالة الانسانية في دارفور"، مؤكداً أن الحكومة السودانية ملتزمة تماماً تغطية احتياجات مواطنيها وتوفير تلك الاحتياجات من الموارد الذاتية. وتابع:"التقويم المشترك مع الأممالمتحدة يقف دليلاً على التزام الحكومة بمواثيقها وعهودها الدولية، وان الادعاءات التي تُساق جزافاً يكذّبها المسح المشترك والتقويم". ونفى طه اتهامات المجتمع الدولي أن قرار الخرطوم طرد المنظمات الدولية يهدف إلى حرمان المحتاجين في اقليم دارفور من المساعدات الانسانية. وتابع:"الادعاء بأن الحكومة أقدمت على ابعاد المنظمات لحرمان المحتاجين من المساعدات يدحضه بقاء منظمات من ذات البلدان والجنسيات". وكان ممثلو الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وعدد آخر من أعضاء مجلس الأمن حضوا الجمعة خلال جلسة لمجلس الأمن عن الأوضاع في دارفور، المجتمع الدولي على الضغط على السودان للتراجع عن قراره طرد المنظمات في دارفور. وعطّل انقسام أعضاء المجلس، للمرة الثانية، إصدار قرار في هذا الشأن. وقالت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس إن من الضروري اعتبار الرئيس السوداني عمر البشير"مسؤولاً عن كل وفاة"تحصل في مخيمات دارفور بعدما قرر طرد 13 من كبرى المنظمات غير الحكومية الدولية. وقالت رايس أمام مجلس الأمن:"الرئيس البشير وحكومته مسؤولان ويجب تحميلهما مسؤولية كل وفاة تنجم عن أعمالهما غير الانسانية وغير المحسوبة". وأضافت أن"الحكومة السودانية تسببت في هذه الأزمة، ويتعين عليها التحرك الآن لإنهائها". واعتبرت مجدداً أن البشير يعرّض حياة أكثر من مليون شخص للخطر بقراره طرد المنظمات. كما وجّه السفير البريطاني جون سويرز كلاماً شديد اللهجة حيال الخرطوم، قائلاً إن"المملكة المتحدة ستحمّل حكومة السودان مسؤولية المعاناة التي تخلفها قراراتها". لكن الصين وروسيا لمحتا إلى ربط طرد المنظمات من دارفور بقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف البشير. وقال نائب المندوب الصيني الدائم لدى الأممالمتحدة ليو تشن مين إن بعض الحوادث الأخيرة في إقليم دارفور أظهر أن قرار المحكمة الجنائية توقيف البشير أثّر سلباً على الوضع في دارفور، ودعا إلى اجراء مناقشة شاملة لقضية دارفور لصوغ استراتيجية شاملة ودفع كل عمل بطريقة متوازنة من أجل التوصل إلى حل شامل للقضية. كما قال المندوب الليبي رئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن إبراهيم الدباشي إن موقف الخرطوم طرد المنظمات الأجنبية من دارفور قرار سيادي لحكومة مستقلة لا يجب منازعته، موضحاً أن بعض الدول يحاول توظيف مجلس الأمن لأغراض سياسية مما يقوّض صدقية المجلس، ورأى أن الأمر لا يحتاج إلى هذه الضجة. أما السفير الفرنسي في الأممالمتحدة جان - موريس ريبر فذكّر بدعم فرنسا"للمحكمة الجنائية الدولية واستقلالها". وقال إن"تعرض حكومة لشعبها لا يعتبر في أي حال الموقف المناسب"، وأضاف أن"مكافحة الافلات من العقاب لا يمكن فصلها بأي شكل من الأشكال عن عملية السعي إلى السلام في دارفور وأي مكان آخر في العالم". وعقب جلسة مجلس الأمن قال المدعي العام للمحكمة الجنائية لويس مورينو أوكامبو إن قرار البشير استبعاد هذه المنظمات يبرهن على أن المحكمة كانت على حق في ملاحقته بارتكاب جرائم حرب، مؤكداً أنه لم يتصل بمنظمات الإغاثة الدولية في السودان ولم يتلق منها أي معلومات، وبالتالي، فإن الاتهامات التي وجهها لها البشير بهذا المعنى باطلة. موقف حركة"العدل والمساواة" إلى ذلك، قللت الخرطوم من إعلان"حركة العدل والمساواة"بزعامة خليل إبراهيم مقاطعة جولة محادثات السلام المقبلة مع الحكومة المقررة خلال اسابيع في الدوحة. وقال وزير الدولة للثقافة والشباب أمين حسن عمر ل"الحياة"، أمس، إن موقف حركة خليل"كلام لا يعنينا... وهذه ليست المرة الأولى التي يرددون فيها مثل هذا الحديث"، وزاد عمر الذي وقّع مع الحركة المتمردة"اتفاق حسن النيات وبناء الثقة"الشهر الماضي في الدوحة:"سبق أن أعلنوا انسحابهم ثم عادوا مرة أخرى"، مؤكداً أن الحكومة تتعامل مع الوسيط القطري. وتابع:"ما يصدر عن الوساطة فقط هو ما يهمنا". وكان اجتماع مشترك للقيادة التنفيذية والتشريعية والعسكرية ل"حركة العدل والمساواة"عُقد في دارفور قرب الحدود التشادية، قرر تعليق محادثات السلام وعدم العودة إلى طاولة المفاوضات ما لم تتراجع الحكومة عن قرارها طرد المنظمات الإنسانية الدولية والسماح بعودتها إلى دارفور، وأن تكفّ الخرطوم عن"السودنة العاجلة للعمل الإغاثي"، وأن تنفّذ ما عليها من بند تبادل الأسرى واطلاق السجناء السياسيين في"اتفاق الدوحة لحسن النيات وبناء الثقة"، وتشكيل غرفة عمليات لمتابعة الأوضاع في مخيمات النازحين واطلاع المجتمع الدولي على ذلك. وقال الناطق باسم"حركة العدل والمساواة"أحمد حسين في بيان بُث على موقع الحركة على"الانترنت"إن طرد المنظمات من دارفور أدى إلى انتشار الأمراض الوبائية وتدنّي الخدمات الصحية"بصورة مريعة ومفاجئة"، وإلى شح حاد في مياه الشرب في المخيمات. وحمّل الحكومة مسؤولية خرق اتفاق الدوحة وتعطيل محادثات السلام. أسرة البشير وفي تطور آخر، تدخلت أسرة الرئيس عمر البشير وقيادات عسكرية ودينية لمنعه من السفر إلى الدوحة للمشاركة في القمة العربية نهاية الشهر خشية توقيفه تنفيذاً لقرار المحكمة الجنائية الدولية. وعلى رغم اعلان البشير تصميمه على الذهاب والمشاركة في قمة الدوحة"أياً كانت النتائج"، قال وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين وسكرتير شؤون الصحافة الرئاسي محجوب فضل بدري إن الحكومة لم تقرر بعد في هذا الشأن. وذكرت تقارير أمس أن قيادات عليا في الجيش عقدت اجتماعاً في حضور وزير الدفاع وأوصت بعدم سفر البشير حتى لا يتعرض إلى مخاطر غير محسوبة. كما عقدت أسرة البشير اجتماعاً مماثلاً وطلبت منه عدم سفره إلى الخارج مهما كانت المبررات. وأعلنت لجنة لمناصرة البشير، في بيان، أنها ستنظم اعتصاماً مفتوحاً في الخرطوم اليوم لممارسة ضغوط على الرئاسة حتى تتخذ قراراً بمنع الرئيس من السفر، واعتبرت"قمة الدوحة ستكون كسابقاتها من القمم وان اوراق التوت ما عادت تستر عورة النظام العالمي الجديد". ودعا عميد كلية الدراسات العليا في جامعة القرآن الكريم ابراهيم نورين البشير الى أخذ الحيطة والحذر وعدم المخاطرة بالسفر الى الدوحة، وأكد أن الشرع لا يجيز مثل هذه المخاطرة وأن القانون الدولي لا يحتكم الى العدالة والمنطق وإنما الى القوة. ودعا مجمع الفقه في السودان إلى التحرك واصدار فتوى تدعو إلى عدم سفر البشير، لافتاً إلى الفتوى بمنع أول خليفة للمسلمين"أبو بكر الصديق"، رضي الله عنه، من مغادرة المدينةالمنورة إبان حروب الردة في ذلك الوقت. غير أن وزير الدفاع أكد أن الحكومة لم تقر بعد سفر البشير إلى الدوحة، وإذا أقرّت سفره ستُرافِق ذلك ترتيبات أمنية وعسكرية. وقال سكرتير الشؤون الصحافية في الرئاسة محجوب فضل بدري إن مشاركة البشير في قمة الدوحة لم يصدر في شأنها قرار نهائي بعد، واعتبر ان الوقت ما زال مبكراً. وأضاف بدري"إذا ما قرر الرئيس المشاركة في قمة الدوحة فإن هنالك ضمانات واجراءات تأمينية لطائرة الرئيس"، لم يفصح عنها. وكان البشير أكد مجدداً تصميمه على الذهاب والمشاركة في قمة الدوحة" أياً كانت النتائج"، مشيراً الى انه أبلغ بذلك المبعوث القطري الذي نقل اليه الأسبوع الماضي دعوة من أميرها. نشر في العدد: 16788 ت.م: 22-03-2009 ص: 11 ط: الرياض