شن هجوم في 3 آذار مارس المنصرم في لاهور. وهو مرآة اضطراب الأوضاع الأمنية في وادي سوات المضطرب. وقد ينتقل الاضطراب الى قلب عاصمة باكستان الثقافية، لاهور. وكان من المفترض أن توفر السلطات الأمنية حماية أمنية للفريق الرياضي السريلانكي في لاهور تضاهي تلك التي توفرها لكبار الزوار، على غرار رؤساء الدول. وهذا ما تعهدت به باكستان لتحمل سريلانكا على إرسال فريقها للمشاركة في المباريات بباكستان. والإخفاق الأمني كبير. فالإجراءات الأمنية لم تحل دون وقوع الهجوم. ولا يستطيع جهاز أمني الحؤول دون وقوع عمليات إرهابية. ولكن في وسع الأجهزة الأمنية اختراق هذه التنظيمات الإرهابية، وخلاياها، وإحباط هذه العمليات قبل شنها. وهذا ما لم تفلح فيه الجهات الأمنية الباكستانية. ولكن كيف استطاعت مجموعة من نحو 12 أو 13 شخصاً شن الهجوم في قلب لاهور من دون ان يلقى القبض على واحد منهم؟ والهجوم دام 30 دقيقة. ولم تتحرك فرق أمنية منتشرة في ملعب القذافي الرياضي القريب، لمساعدة القوة الأمنية المولجة حماية الفريق السريلانكي. وكان في وسعها بلوغ مكان الاشتباك في وقت قصير. وتشبه الحادثة هجمات مومباي بالهند. ولم تستطع قوات الأمن الهندية ضبط الفوضى في مومباي طوال 72 ساعة، ولكنها قتلت المشاركين في الهجوم، وألقت القبض على إرهابي واحد. ودار الكلام في الهند على تواطؤ عناصر محلية مع الإرهابيين. وقدمت الهند نفسها على أنها ضحية الإرهاب المستورد من الخارج. وفي ساحة الحرية بلاهور، أصاب المهاجمون"الهدف الصعب"المحصن بإجراءات أمنية تتولاها فرق مدربة ومجهزة بأسلحة مناسبة، ومتأهبة وجاهزة لطلب تعزيزات أمنية. وعلى رغم هذا، نجح المهاجمون في الفرار بعد اطلاق النار طوال 30 دقيقة، ومهاجمة قافلة الفريق السريلانكي، وإرداء عدد من رجال الشرطة. وقتلى هجوم لاهور جلّهم من الباكستانيين. ولكن الهجوم استهدف أجانب قدموا الى بلادنا في بادرة صداقة لتعزيز العلاقات بين باكستانوسريلانكا. وأراد الهجوم تصوير باكستان مركز الإرهاب بجنوب آسيا. وأساءت الهجمات الى صورة باكستان. والفريق السريلانكي غادر، وألغى الفريق النيوزيلندي زيارته. وقد يطعن مجلس الكريكيت الدولي في قدرة باكستان على استضافة نهائيات كأس العالم، في 2011. وصدرت تحذيرات في أنحاء متفرقة من السفر الى باكستان. وقد يتفشى الاضطراب من وادي سوات الى قلب لاهور. وأعلن، بعد الهجوم، مفتش الشرطة العام في البنجاب العثور على مخابئ أسلحة يستخدمها الإرهابيون، ومصادرة قاذفات صواريخ، وسترات انتحارية، وقنابل يدوية وأخرى موقوتة في 14 موقعاً في المدينة. وهذه المخازن تشير الى أن الإرهابيين محترفون، وكانوا يخططون لشن سلسلة من الهجمات الأخرى. وفي وسعنا الكلام على التدخل الأجنبي، وأن نشير إلى تحذير الهنود السريلانكيين من القيام بهذه الجولة الرياضية، ونصحهم بالامتناع على ما فعلوا. وقد نقول أن الهنود يسعون الى الانتقام لهجمات مومباي. وتعزز هذه المزاعم بيانات شماتة صدرت في نيودلهي. ولكن إذا أردنا أن نواجه الحقيقة، حرّي بنا ان ندرك ان هجوم لاهور محلي غير خارجي، ولو كان التمويل أجنبياً. ويجب ألا توجه أصابع الاتهام الى حدودنا الشرقية فحسب، بل إلى شمال بلدنا. ويفضل الباكستانيون الإغضاء عن الصلة بين اضطراب سوات وهجوم ساحة الحرية. إذا ثبت انتفاء الصلة بين الأمرين، يجب أن نقر بأن الوضع في سوات والمناطق القبلية، وينشط فيها مسلحون أجانب ومن أبناء وسط البنجاب، أسهم في تقوية شوكة المتطرفين. والهجوم هو قرينة على إخفاق الدولة في بسط سلطتها وهيبتها. فهل ندرك ان ما حصل في لاهور هو أول عملية بعد اتفاق سوات ونبادر الى التضامن ومحاربة هذا التهديد؟ * وكيل وزارة الخارجية الأسبق، عن"دايلي تايمز"الباكستانية، 6/3/2009، إعداد جمال إسماعيل نشر في العدد: 16777 ت.م: 11-03-2009 ص: 24 ط: الرياض