هل أن زهرة ابنة وزيرة العدل الفرنسية المغربية الأصل من أب قطري؟ هذا ما يطرحه كتاب صدر في باريس الاسبوع الماضي، أعدّه الصحافيان ميكاييل دارمون وإيف دوري، ويحمل عنوان"الصديقة الجميلة". ولدى دارمون ودوري ما يحملهما على الاعتقاد بأن والد زهرة، التي اختارت داتي لها اسم والدتها الراحلة، هو شخصية قطرية، ويستندان الى زياراتها المتكررة لقطر. وتحولت رشيدة داتي المولودة العام 1965، ومنذ أن تولت حملة الرئيس نيكولا ساركوزي الانتخابية للرئاسة، نجمة في الوسطين الإعلامي والشعبي في فرنسا. وهي قدمت أداء مميزا، خلال توليها منصب الناطقة الرسمية باسم المرشح ساركوزي. وكانت من القريبين جدا من سيسيليا، الزوجة السابقة لساركوزي، والتي شجعت زوجها آنذاك على دفع هذه السيدة المغربية الأصل واللامعة والذكية الى أعلى المناصب. وتركز الاهتمام عليها نظراً الى سرعة صعودها وقربها من الرئيس الذي كان يطلب دائماً أن ترافقه في زياراته الرسمية. لكن الأمور انقلبت بعد زواج ساركوزي من كارلا بروني التي تقول الصحف الفرنسية إنها لم ترغب ببقاء داتي ضمن دائرة المقربين من الرئيس. ولوحظ غيابها عن اللقاء الاسبوعي الذي يجريه ساركوزي مع عدد من الوزراء الذين يعدون الأقرب اليه. ويروي دارمون ودوري في كتابهما قصة صعود داتي منذ أن بدأت عملها في منصب مستشارة تقنية في مكتب ساركوزي عندما كان وزيراً للداخلية في أيلول سبتمبر 2002، ثم قيامها بدور الوسيط بينه وبين زوجته السابقة التي كانت غادرت البيت الزوجي للالتحاق بعشيقها، في حينه، ريشار اتياس في بترا في الأردن. ويقول الكاتبان إن ساركوزي طلب من داتي أن تقنع سيسيليا بالعودة، وإنه منذ ذلك الحين أصبحت"الصديقة الجميلة في صلب جهاز الحكم". فكانت ترسل رسائل هاتفية يومية الى سيسيليا ترجوها العودة وتقول لها"المكتب فارغ من دونك اشتقنا إليك". ويضيفان أن داتي كانت في الوقت نفسه تستفيد من هذا الوضع للتقرب من ساركوزي و"باسم الضرورة باتت على اتصال ليلاً نهاراً مع ساركوزي الذي ضعف على الصعيد الشخصي"، فأصبحت صديقة حميمة له وكسبت في الوقت ذاته صداقة ومحبة سيسيليا. ولدى عودة سيسيليا في صيف العام 2006 لتساهم خلال حملة ساركوزي الانتخابية، أصبحت داتي أقرب المقربين منها. وكانت تقدم لها نصائح حول الأشخاص المحيطين بزوجها، في حين أن سيسيليا كانت تحث زوجها على تكليف داتي بمنصب الناطقة باسم حملته الانتخابية. ويروي الكتاب ان سيسيليا والوزيرة الأخرى العربية الأصل فاضلة عمارة اقنعتا ساركوزي بضرورة اسناد حقيبة وزارية كبرى الى داتي، تتماشى مع مهنتها القضائية وليس الاكتفاء بما يتيح لها الظهور، ك"صورة للاندماج الناجح فقط". ويتابع أنه لدى توليها وزارة العدل برزت توترات بينها وبين مدراء الوزارات وأعضاء مكتبها، وبدأ البعض ينتقد سطحية إلمامها بالمشاكل القضائية، وحصرها اهتمامها بإثارة اعجاب الرئيس، وأن تكون الألمع في الصف الحكومي. ويعرض الكتاب صعود داتي ومن ثم تراجعها في نظام ساركوزي، ويستند الى معلومات قدمتها سيسيليا التي كانت تصف داتي بأنها"شقيقتها"، ثم ابتعدت عنها وقطعت العلاقة معها، بعدما تغيّبت داتي عن زواج ابنة سيسيليا في بلدية الدائرة الباريسية السابعة التي تترأسها وتكليفها معاونها بالحلول محلها. ويعد كتاب دارمون ودوري، بمثابة رواية عن نجمة في عالم السياسة الفرنسية، إلا أنه يركز كثيراً على النواحي الشخصية والحقيقة ولا يتطرق الى براعة هذه القاضية الشابة التي تمكنت، على رغم المصاعب التي يواجهها من هم في مثل أصولها، وعلى رغم فقر عائلتها، من تولي أعلى المناصب بفضل ذكائها ومثابرتها. نشر في العدد: 16746 ت.م: 08-02-2009 ص: الأولى ط: الرياض