الاهتمام الذي حصدته الدراما التركية المدبلجة خلال السنة الفائتة ولا تزال في الشارع العربي بدا واضحاً. فهذه الدراما المدبلجة باللهجة السورية والمؤدلجة للأفكار والثقافة التركية تستحوذ على الشارع العربي وشاشاته، لكن الأمر يتعدى المتعة البصرية والحسية للقصص التي تجسدها الشخوص الدرامية ليغدو وسيلة وتفريغاً ساخراً لتطلعات السيطرة المقنعة للدولة التركية من خلال نوعية درامية تٌسخر للولوج إلى مبررات تركيا لبسط سيطرتها واسترجاع حلمها الضائع في السلطنة العثمانية. وحال الدراما التركية هي حال الإعلام التركي الذي فطم على الفكر الشوفيني القائم على تشويه الحقائق ولخدمة دولة العسكر، ومسلسل"وادي الذئاب"هو خير دليل على ذلك، فقد أثار السخط والامتعاض في الشارع الكردي بعد أن تعرض في حلقاته للعديد من الشخصيات الكردية واتهمها بدعم المافيا في تركيا إضافة إلى إلقاء اللوم على إقليم كردستان ووصفه ببؤرة للمافيا، وكل ذلك جاء مرافقاً للمحاولات غير المجدية التي تسعى من خلالها تركيا الى إيجاد مسلك تستطيع من خلاله التدخل في الشأن العراقي. اللافت في هذه الدراما الإصرار على نزاهة أنظمتها والتركيز على الأخطار الخارجية التي تستهدف الأمن التركي، وهي ترهات أخفقت السلطة التركية في إقناعنا بها. فتركيا تتخفى وراء المظاهر الخداعة للديموقراطية والعلمانية معتبرة انها نموذج للحداثة والمدنية في المنطقة أمام المجتمع الدولي إضافة إلى محاولاتها كسب رضا المجموعة الأوروبية وتصدير مسببات الإرهاب والمافيا إلى الدول المجاورة من دون الرجوع إلى حل مشاكلها الداخلية الموروثة من السلطنة العثمانية. ان تعرض مسلسل"وادي الذئاب"للشخصيات الكردية الاعتبارية والاتهامات الصريحة لإقليم كردستان إنما تعود إلى دوافع هي ذاتها التي تستهدف أصلاً الوجود الكردي في المنطقة من قبل العقلية الكمالية لطمس هوية هذا الشعب وتشويه تاريخه وماهيته القومية. فمحاولات القضاء على كل المظاهر الثقافية والقومية الكردية وتشويه كل ما يمت إلى هذه القومية بصلة تأخذ أشكالاً عدة، من القوانين التي تمجد الأتراك وتميزهم عن بقية القوميات التي تعيش في تركيا، الى صهر هذه المكونات، إلى أن وصل بهم الأمر إلى اعتبار عيد رأس السنة الكردية نوروز يوماً للقومية التركية واعتبار ألوان العلم الكردية الأخضر والأحمر والأصفر هي أعلام الفرق العثمانية فضلاً عن المحاولات السابقة لتغيير ألوان إشارات المرور في المدينة الكردية باتمان وذلك باستبدال اللون الأخضر الكردي باللون الأزرق. ان المتتبع للسياسات الشوفينية التركية، التي لم توفر جهداً في اضطهاد الشعب الكردي ومحو وجوده التاريخي يدرك أن المغالطات التي تحاول تركيا تمريرها وإيهامنا بها من خلال"وادي الذئاب"وغيرها من المسلسلات التلفزيونية، هي محاولات خرقاء إضافة إلى مسؤولية من يبثها، ومن يدبلجها من دون الرجوع الى محتواها ومدى توافقها مع اهتمامات الشارع العربي والتي تعتبر مسؤولية أخلاقية. روشن قاسم - بريد الكتروني