افتتح"مؤتمر فكر - 8"يومه الثاني والأخير أمس في الكويت في غياب الرسميين، وحضور مهتمين في الشأن العام من جنسيات مختلفة. وكان من أهم جلساته، واحدة عن الأمن الغذائي في المنطقة العربية، ناقشت مشاكلها ووضعها العام، من دون إن تطرح حلولاً واضحة، وأخرى عن التمويل الإسلامي والعوائق التي يواجهها، اكتفت بالدعوة إلى تطوير القطاع وعرضت الإنجازات التي حققها خصوصاً في السنوات الأخيرة. ولم تخلُ الجلستان من جوانب مهمة كثيرة في عرض الوضع العربي وتفاعله مع الموضوعين. في الأمن الغذائي تحدث محافظ"المؤسسة العامة السعودية لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق"، سفير المملكة السابق في هولندا وليد الخريجي، والمدير الإقليمي ل"التحالف لتنظيم الأغذية"، محمد منصور، ورئيس"الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، السودان"، علي بن سعد الشرهان. وسلّط منصور الضوء على الدول العربية التي في غالبيتها، تستورد الجزء الأكبر من حاجاتها الغذائية، وتعتبر المستورد الأكبر للحبوب، ما يضعها في موقع هشّ ويقيّد استقلاليتها، خصوصاً مع ارتفاع أسعار هذه المواد منذ 2008 بين 130 و180 في المئة. ورأى أن الأكثر استيراداً من بينها، دول الخليج والأردن ولبنان وتونس والمغرب وجيبوتي، ثم مصر والسودان. وعزا السبب إلى محدودية الموارد الطبيعية المعززة للقطاع الزراعي، والنقص في المساحات المزروعة أو الصالحة للزراعة، إضافة إلى درجة ملوحة الأراضي، فيتعذر استصلاحها. وركز على مفارقة تفيد بأن بلدانًا عربية عدة تشهد تزايداً في نسبة سوء التغذية لدى الأطفال، بينما تعاني أخرى من البدانة في الفئة ذاتها، خصوصاً في عُمان والبحرين، وترتفع هذه النسبة أيضاً لدى الكهول، ليرتفع معها عدد المصابين بداء السكري. ودعا إلى تنسيق أكبر للتغلب على هذه الأوضاع في المنطقة العربية. وأشار الخريجي إلى تدخل كبير من الدول لدعم المواد الغذائية والزراعة، نتجت عنها إنجازات تنموية كبيرة. لكنه رأى أن الأمور تغيرت في السنوات الأخيرة، في شكل خاص لتغير الوضع الغذائي عالمياً وتزايد عدد السكان، وأصبحت المنطقة العربية في مواجهة تحديات عدة، أهمها تراجع الموارد الغذائية المحلية، وفي هذا المجال يشكل نقص المياه التحدي الرئيس، ثم الزيادة المطردة في عدد السكان وبالتالي، زيادة الاستهلاك، إلى"اختلال الأنشطة الزراعية وتركزها في أماكن ومحاصيل معينة، ثم الاعتماد المفرط على عائدات النفط في منطقة الخليج. تُضاف هجوم سكان الريف إلى المدن، ونقص كبير في خدمات الزراعة من إرشاد ورش مبيدات وتوجيه، وتقلص حجم التدخل الحكومي، وارتفاع التكاليف. ودعا إلى تفعيل الاتفاقات الزراعية والجمركية في مجلس التعاون الخليجي، والسعي إلى الانضمام لمنظمة التجارة، وإنشاء منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي. ولفت إلى أن هذه الأمور دفعت دولاً إلى الاعتماد على الاستيراد بدلاً من تعزيز الإنتاج. وشدد الشرهان على المشكلة الناجمة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والى تراجع المخزون إلى أدنى مستوى في ربع قرن، موضحاً أن 80 في المئة من الزراعة في المنطقة هي زراعات بعلية، ولفت إلى إنشاء الهيئة العربية للترشيد وتنفيذ برامج الإنماء الزراعي. ودعا إلى تنسيق جهود الاستثمار والتنمية الزراعية، ما يعكس وجهاً من وجوه التكامل العربي. وشدد على تنمية الموارد البشرية والمعرفة المتخصصة، وتوظيفها لتعزيز الإنتاج، داعياً إلى إعطاء دور كبير للإعلام في التوعية والمساعدة على تقليص الفجوة الغذائية وتكلفة الإنتاج. وتوافق الجميع على ضرورة الاستقرار السياسي للاهتمام أكثر بالقطاع الزراعي. ثم كانت جلسة عن التمويل الإسلامي، تحدث فيها رئيس مجلس إدارة البنك العربي الإسلامي الدولي، الأردن، تيسير الصمادي، والمدير السابق لبرنامج دراسات الشريعة الإسلامية في جامعة هارفرد الأميركية، فرانك فوغل، والمدير التنفيذي للأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية، ماليزيا، محمد أكرم لالدين، والشريك في مؤسسة"نورتون روز"البريطانية، الإمارات العربية المتحدة.ولفت ميلر الى ان الأشهر ال18 الماضية كانت ملفتة في ما يختص بالتمويل الإسلامي والتقليدي على السواء، معبراً عن ارتياحه إلى وجود تمويل مختلف حديث العهد،" نحن نعي أن التمويل الإسلامي يعمل في تحديات نحاول نحن المحامين مساعدته في التغلب عليها". ونوّه الصمادي بهذا القطاع القائم على تمويل الأصول وليس على أسعار الفائدة، موضحاً استحالة تحقيق أرباح ضخمة في شكل سريع كما في التمويل التقليدي الذي كان من مسببات الأزمة، لافتاً إلى أن المصارف الإسلامية تشارك في خسائر زبائنها وأرباحهم. وشرح فوغل أن المضاربة ممنوعة شرعاً، وان الفقهاء انكبوا على درس الموضوع نظراً إلى قيمة القطاع الواعدة. ودعا إلى مزيد من الوضوح في عمليات التمويل الإسلامي، والى إيجاد الأدوات والموازنات وتحويل القاعدة من النشاط الفردي إلى العمل الجماعي. نشر في العدد: 17052 ت.م: 11-12-2009 ص: 22 ط: الرياض