تواجه باكستان مشكلات جراء اتخاذ إدارة الرئيس جورج بوش قرارات أحادية. فلم يسع إسلام آباد تسويغ طرق محاربة المتمردين وتبريرها أمام الشارع الباكستاني. وقد يوفر تسلم الرئيس أوباما مهامه، ودعوته الى التغيير، مشكلات على باكستان. والرئيس باراك أوباما عين مبعوثاً خاصاً، ريتشارد هولبروك، في باكستانوأفغانستان. وبعث هذا التعيين بعض القلق في أوساط المحللين بباكستان. فأوباما صب اهتمامه على باكستانوأفغانستان، وترك الهند خارج المعادلة. ووضع أوباما ثلاثة خطوط رئيسية لنهج الحرب على الإرهاب. الأول يقضي بالانسحاب من العراق، والثاني بإنهاء الحرب في أفغانستان، وهذه حرب"في محلها"، على ما يرى. وهو يسعى الى نقل قوات اميركية من العراق الى أفغانستان. ولكن تذليل المشكلة الأفغانية غير ممكن من دون دعم باكستان. فخطوط إمداد قوات"ايساف"، وخطوط دعم المتمردين، تمر بباكستان. والاتجاه الثالث في استراتيجية اوباما ينوي مساعدة باكستان على حل مشكلاتها الأمنية مع الهند. ويرتبط دعمُ باكستان الحلَّ بأفغانستان بملابسات القضية الكشميرية، ومآل العلاقات بالهند. ويرى اوباما أن ثمة تقاطع مصالح بين ما تسعى إليه الولاياتالمتحدة في أفغانستان، وبين المصالح الأمنية الباكستانية في مواجهة الهند. فقضية كشمير هي مركز هذا الصراع، والهند تملك مفتاح هذه المشكلة. والسياسة الاميركية مزدوجة في المنطقة. فهي تتوجه الى أفغانستانوباكستان، من جهة، والى باكستانوالهند، من جهة أخرى. وفي عهد إدارة كلينتون، فصلت واشنطن قضية الهند من قضية باكستان، وسعت في الحفاظ على العلاقات مع الطرفين. واليوم، أعاد أوباما فصل مسألتي الهندوباكستان الواحدة من الأخرى، ورهن هذا الفصل بمصالح واشنطن الأمنية في غرب آسيا. ولكن لماذا انزعجت نيودلهي من تصريح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، حول القضية الكشميرية؟ فلندن درجت على الانفتاح على انتهاج سياسة شاملة تجاه مثل هذه القضايا، ولكنها تراجعت عن نهجها جراء سياسة إدارة بوش. وفي مقالة له، كتب ميليباند:"أدرك الصعوبات. فحل النزاع في كشمير يسهم في منع التطرف بهذه المنطقة من العالم. وهو ابرز أسباب التطرف بباكستان". ويلفت التشابه بين طرح أوباما وطرح ميليباند. وغفل رد نيودلهي الجريحة عما يقترحه ميليباند، وهو رجوعها عن وعرقلة استقلال كشمير. وأوباما يحتاج حاجة ماسة الى تحقيق إنجاز بأفغانستان على نهج مختلف. والهند نفسها تحتاج الى الاندماج في العالم وفي نظام الولاياتالمتحدة الأمني. ولكن مثل مسألتي الخطوات تفترض أن تعيد نيودلهي النظر في مواقفها من النزاعات الإقليمية. فإذا كانت الهند تريد ان تكون دولة عظمى، عليها انتهاج سياسة دولة عظمى، وعدم التورط في مشكلات صغيرة. ولا شك في أن اوباما لن يقطع علاقاته بالهند، ولن يسهم في توتيرها. ولكن على الهند أن تتعاون مع أوباما، وألا تتشبث بمطالبها، في وقت يسعى الرئيس الاميركي الجديد في تغيير نهج الحرب على الإرهاب وفي إرساء الاستقرار بالمنطقة. ولن يوجه أوباما رسالة مسيئة الى الهند في العلن. فهو لم يضعها في خانة واحدة مع أفغانستانوباكستان، ولم يرسل إليها مبعوثاً خاصاً. ولكن المحللين في نيودلهي يدركون العبرة من هذه السياسة، وخلاصتها أن على الهند التعاون، وإلا ينتظرها مبعوث خاص بها. عن اعجاز حيدر،"دايلي تايمز"الباكستانية، 24 /1/ 2009 نشر في العدد: 16735 ت.م: 2009-01-28 ص: 24 ط: الرياض