هي خطوة لم يتوقعها أحد في مصر. صفحات كاملة في الجرائد اليومية خرجت لتحمل إعلاناً يشير إلى اعتراف رسمي بحالة العشق والوله التي أصابت كثيرين تجاه"مهند ونور". أسابيع طويلة من الحلقات التركية المدبلجة سورياً والتي تحمل اسم"نور"غزت العالم العربي فضائياً وخلفت حراكاً اجتماعياً وفنياً وأسرياً هائلاً لم يكن في الحسبان. وكما هي العادة، فإنه حين يحقق مسلسل غير عربي هذا المقدار من النجاح غير المفهوم أحياناً تسن أطراف عدة أسنانها استعداداً للانقضاض عليه وتقطيعه إرباً إرباً. وجرى العرف أيضاً في مثل هذه الحالات على أن تتبع الدوائر الرسمية الإعلامية منهج"ابعد عن الشر وغنِّ له"، فلا تتناول العمل موضوع الخلاف لا بالنقد ولا بالاستحسان. لكن القرار الذي اتخذه التلفزيون المصري أخيراً بشراء حق عرض المسلسل التركي على شاشته أصاب الجميع بالدهشة، لا سيما بعدما أطلقت دول عربية فتاوى تصفه بالانحطاط والانحلال وأنه لا تجوز مشاهدته. الأغرب أن قرب حلول شهر رمضان المبارك وما يعنيه ذلك من غزو مسلسلاتي مصري للقنوات المختلفة يشير إلى أن"نور ومهند"أمّنا لنفسيهما مكاناً مميزاً على خريطة العرض الرمضاني التي يتكالب عليها صناع المسلسلات والممثلون والممثلات. إن عرض المسلسل مصرياً ينذر بمزيد من الجدال الاجتماعي الذي فجره المسلسل بين متيمات بپ"مهند"ووسامته وأسلوبه في التعامل مع الجنس الناعم، وزوجات ناقمات على أزواجهن بسبب تبخر آخر بقايا الرومانسية منذ زمن بعيد وظهور"مهند"بمعاملته الرقيقة لزوجته واستمرار ملامح الحب والغرام والرومانسية بعد الزواج، وحنق الأزواج على"مهند"الذي فتح أمامهم أبواب جهنم. هذه المواجع لا تقف عند حدود المشاحنات الأسرية، لكنها وصلت أخيراً إلى حد ضلوع علماء الدين لوصم النساء والفتيات اللاتي يبدين إعجابهن بوسامة"مهند"بپ"قلة الأدب". وهي الوصمة التي لم تلحق بالرجال والأزواج الذين دأبوا على التغزل بنجمات الفيديو كليب وعقد المقارنات المجحفة بينهن وزوجاتهن بطريقة مستفزة. وهنا بدأ بعضهم يتحدث عن العدالة والمساواة المفتقدة بين الجنسين، في مجال توزيع التهم والمطالبة بعدم النظر والتدقيق لغير شريك الحياة. الحالة التي سببها المسلسل أرجعت إلى الأذهان وله المصريين والعرب قبل سنوات بمسلسلات"دالاس"وپ"دايناستي"وپ"الجريء والجميلات"وپ"أوشين"، وهي المسلسلات الأجنبية التي استحوذت على نسب مشاهدة واهتمام يعتبر سابقة، وفجرت أيضاً قنابل عدة خاصة بالعلاقات الأسرية والزوجية وقيم الحب والرومانسية. كما فجرت قنابل الغيرة الذكورية لانبهار النساء بپ"جي آر"بطل دالاس، وپ"بلايك"في"دايناستي"وپ"ريدج"في"الجريء والجميلات". الطريف أن الممثل التركي كيفانتش تاتليتوغ الذي قام بدور مهند مغمور تماماً في تركيا، لكن أغلب الظن أن لا المعجبات ولا التلفزيون المصري ولا الفضائيات العربية الكبرى التي سبقت في عرض المسلسل يعنيها ذلك كثيراً. أمينة خيري