حزمة كبيرة من المساعدات السعودية تصل غزة    تشكيل منتخب السعودية أمام العراق في الملحق الآسيوي    القبض على (7) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (120) كجم "قات"    سعاد عسيري تسرد حكايات القرية بأسلوب درامي اجتماعي في روايتها الأولى "نبية وبيوت الموت"    رئيس سوريا يزور روسيا يوم غدٍ الأربعاء    انخفاض واردات الهند من نفط روسيا بنسبة 8.4%    القبض على مصريين وباكستانيين لاستغلالهم الرواسب في مكة    بلدية محافظة صبيا تواصل تنفيذ أعمال حجر الحماية بمدخل عبارة "طناطن"    رئيس الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية يشكر تعليم الطائف    محافظ تيماء يستقبل مدير المعهد الصناعي الثانوي وفرع الكلية التقنية بتيماء    إنفانتينو يهنئ منتخب كاب فيردي على تأهله للمرة الأولى لكأس العالم    بيئة العمل في المصانع السعودية نحو التحول الرقمي    ختام الآيات ومناسباتها وعلاقتها بما قبلها    أمير حائل يطلع على برامج وخطط جمعية إعمار    أمير الشرقية يصدر قراراً بتعيين البقعاوي محافظاً للنعيرية    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    مجلس الشورى يعقد جلسته العادية السادسة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة    مجلس الوزراء: تعديل نظام مهنة المحاسبة والمراجعة    تجمع الأحساء الصحي يواصل حملة «التبكيرة خيرة» للكشف المبكر عن سرطان الثدي    الملك فهد الجامعي" يفعّل اليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار "لتصل لذاتك"    تجمع الرياض الصحي الثاني يستقبل أكثر من 470 متدربًا ومتدربة في برامج البورد السعودي    أمين العاصمة المقدسة يرأس الاجتماع الثالث للجنة الأعمال البلدية والبيئية لتعزيز التكامل التنموي بمكة    امير القصيم يزور محافظة رياض الخبراء    أمانة نجران : أكثر من 1700 جولة خلال أسبوع لمكافحة الحشرات    تعليم جازان يتصدر ب 10.8% من المدارس الحكومية المتميزة على مستوى المملكة.    محمد بن سلمان رجل السلام    فرنسا: تشكيل حكومة جديدة من السياسيين والتكنوقراط    بدعم من القيادة الرشيدة ..مرحلة جديدة نحو المستقبل.. السعودية تتسلم رسميا راية «إكسبو 2030 الرياض»    أهمية الحوكمة    فيروسات الإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي    تحذيرات روسية لواشنطن وأوروبا: «توماهوك» قد تشعل مواجهة نووية    أكد أن الظروف الحالية تشجع على التسويات السياسية.. عون يدعو للتفاوض مع إسرائيل لحل القضايا العالقة    «الأرصاد» : حالة مطرية خلال نوفمبر بمعظم المناطق    رئيس جامعة الملك سعود يدشن الدورة الخامسة.. بدء الترشيح لجائزة «جستن للتميز»    «فلكي» يوضح أسباب الاختلاف في موعد دخول الوسم    المملكة تتضامن مع أسر ضحايا حادث شرم الشيخ    إطلاق كائنات فطرية في محمية الوعول    الإمارات وقطر يتصارعان على بطاقة التأهل للمونديال    رينارد: مواجهة المنتخب العراقي الأهم في حياتي    تخريج أطباء سعوديين من برنامج «القيادة المتقدمة» بأوتاوا    برعاية وزير الداخلية وبمشاركة 40 دولة ومنظمة.. مؤتمر الإنتربول يناقش مستقبل العمل الشرطي    ماجد الكدواني بطل «سنة أولى طلاق»    الهلال يحتاج إلى وقفة تقويم    زمن الاستحواذ مختلف    الكلمة الطيبة.. محفّزة    الخريجي ونائب رئيس «الأزمات الدولية» يستعرضان التعاون    «التخصصي» يعزز ريادته في العلاجات الجينية    الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    التهاب المفاصل.. أهمية التشخيص المبكر والعلاج المناسب    40 ترخيصا صناعيا جديدا    المدينة تحتضن ملتقى علمياً لمآثر شيخ الحرم ابن صالح    الصقر رمز الأصالة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 67,869 شهيدًا    الوطن أمانة    النصر يخسر ودية الدرعية بهدفين    أمراض الراحة    رئيس جمعية حقوق الإنسان يستقبل وفد هيئة حقوق الإنسان    «الحياة الفطرية»: إجراءات شاملة لصون الطيور المهاجرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقة بين النظيف والوسِخ يضبطها الشم وينظمها الإصطلاح
نشر في الحياة يوم 07 - 08 - 2008

كان لا مفر لمسؤول في شركة، من الاقتراب من كومبيوتر زميل جديد متدرّب، عندما استفسر هذا الأخير عن عملية دقيقة. ابتسم له المسؤول ورفع حاجبه الأيسر ثم"لكز"الأرض بكعب قدمه، فكرج كرسي المكتب ذو العجلات الصغيرة، سريعاً، نحو المتدرّب.
وما إن توقّف الكرسي عند طاولة الزميل الجديد، حتى انقطعت أنفاس المسؤول، ولكنه أبقى على الابتسامة معلّقة على وجهه الذي أخذ في الاحمرار. ولم يستطع الإجابة قبل أن يزفر كل الهواء المحبوس في أحشائه دفعة واحدة.
عندما اقترب أنف المسؤول من"الهالة"الخفية المحيطة بالمتدرّب، صاحب الوجه البريء، عصفت به رائحة فظيعة. هو شمّها من مسافة أبعد، ولكنه لم يستطع كبح"جماح"الكرسي، حتى ارتطم بپ"منبع العطر".
أجاب على السؤال، سريعاً، من دون أن يشهق ثانية، وآب إلى طاولة عمله"كرجاً"أسرع من"كرج"الذهاب.
تكوّنت لدى المسؤول فكرة"ملوّثة"عن الموظّف المتدرّب، وبدأ يتراجع عن قبوله في الوظيفة الشاغرة، مع أن سيرته المهنية حسنة، وتحمل ثناء أرباب عمل مرموقين.
ثم صُعق، إذ رأى زميلة حسناء تقترب من المتدرّب لتساعده، وكأن"نتانة"لم تكن. حينئذٍ، راح يتفحّص أنفه ذا المنخرين الواسعين، لعلّه مصاب بحساسية مفرطة، أم أن تلك الحسناء مصابة بالزكام.
مفهوم النظافة غير ثابت، ويتبدل بتغير المقاييس. ويُجمِع الناس في ما بينهم، على حدّ أدنى مقبول، ترسو عليه آداب المعاملة الاجتماعية والعامة. فالفضل في مقاييس النظافة، يعود إلى الاختلاط، وملامسة الآخرين أو الاحتكاك بهم، أو التعرض لنظرتهم إلى النظافة والوساخة، على قول فريديريكا تماروتزي، للپ"يبيراسيون"الفرنسية 16/7/2008، وهي عالمة إناسة، في وصفها العلاقة بالوساخة والقذارة.
وللنظافة معانٍ متباينة، يتعلق بعضها بالخصوصية، فكل منا يحتفظ بسر يكتمه عن دورة المياه، مثلاً، ولا يبوح به، بل ولا يأتِ بحركة أو صوت، طالما"الآخر"في جوار الحمّام. وفي أثناء الغسل، ثمة أفعال أو حركات نجاهر بها، وأخرى نتكتّم عنها. وهذا حد من حدود الخصوصية الذاتية لا ينتهكه شريك العمر نفسه. فالزوجة التي لا يحرجها وجود زوجها في دورة المياه، تُحجم عن نزع شعر الساقين على مرأى منه. وهذا من باب أفعال تكاد تكون اجتماعية وعلنية في مجتمعات أو دوائر أخرى، كما ترى تماروتزي.
والعلاقة بين النظيف والوسِخ متقلبة ونسبية. وتحكم فيها حاجات أو شروط أولية، بعضها ثقافي. ولكن ما لا معيار مشتركاً فيه هو المنزلة التي تنزلها الوساخة. فروث البقر في المزارع لا يقزز أحداً، على خلاف الامتعاض الذي تبعثه فضلات الكلاب على الأرصفة في المدن. والإعجاب بتسريحة أمام المرآة، يفسده إمرار اليد على الشعر وسقوط شعرة في المغسلة. وبينما نغيّر فوطة الطفل الصحية الحفاض بكل يسر، يثقل علينا تغيير الفوطة لرجل مسن. ومعروف أن كليهما عاجز عن القيام بالأمر وحده.
وجوار الأجسام بعضها من بعض يضطلع بدور راجح في المسلك. فنحن نتحمّل رائحة العرق المتصبب من"شريك"نشاط رياضي، وترهقنا رائحة عرق"غريب"في الحافلة. وتلفت تماروتزي إلى أن هاجس النظافة الذي يصيب المترفين الذين يفرط بعضهم في النظافة. ولا ريب في أن أهل العسر والشح والفقراء يرون الوساخة على وجه آخر ليس الوجه الذي يراها عليه أهل اليسر.
وهل حس النساء بالنظافة أرهف من حس الرجال؟ فنظافة الطفل والمنزل، كانت على عاتق النساء. ومصدر صورة المرأة الحسية هو الظن في روائحها الطبيعية، والنفور المادي والاجتماعي والثقافي منها. ولهذا، تقول تماروتزي، اعتادت النساء، باكراً، إجراءات النظافة. وألقي تعلمها عليهن. والوجه الآخر للصورة، يظهر هاجس الرجل بالنظافة، ولا مبالاة المرأة بها.
والمدينة وتلوّثها يدخلان في باب الوساخة. وفي مواجهة ذلك، ترى بعض سكان المدن يتقوقعون داخل"فقاعة"نظافة محكمة، ضمن المنزل، تصد أوساخ الخارج. فالخرافات المتداولة في المدن عن الوساخة، تبث مخاوف العدوى من جراثيم يتعاظم خطرها على قدر ما هي خفية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.