يحلم كثير من رواد الفضاء بأن يتمكنوا من تحقيق إنجاز اسمه EVA وهي الأحرف الأولى من عبارة "اكسترا فيهاكيولار أكتيفتي" Extra Vehicular Activity، التي تصف المشي في الفضاء الكوني. ويتم التدريب على تلك الجولات من المشي الفضائي على مدى شهور، بحيث يصبح رائد الفضاء قادراً على البقاء ثماني ساعات خارج المركبة. ويقود ذلك الى الحديث عن دور البزّة الفضائية التي تصنعها كل وكالة فضاء على طريقتها الخاصة. ففي روسيا، يجري الحديث راهناً عن بزّة الفضاء"أورلان أم كيه"التي تصنع بدقة هائلة، وباستخدام التقنيات الأكثر تطوراً، لكن ثقباً صغيراً فيها يؤدي إلى الهلاك. تعتبر بزة رائد الفضاء الواقية جزءاً أساسياً من مهمته. ولا يستطيع الرواد الخروج الى الفضاء الخارجي، من دون بزّة واقية لأسباب لا حصر لها. فمثلاً، تنخفض الحرارة في الفضاء لتصل إلى 150 درجة تحت الصفر. كما تخترق الأشعة فوق البنفسجية الأجسام، وربما ضربت الأحشاء الداخلية لجسم رائد الفضاء، إضافة الى المخاطر التي تنجم من التعرّض لسيول من الجزيئات الكونية. يضاف الى ذلك، الخطر المتمثّل في فراغ الفضاء الكوني، حيث يغيب الهواء، ما يجعل الغازات والسوائل المتراكمة في الجسم تنتشر في شكل فوضوي ما يؤدي إلى تفجر شرايين الدم ويمزق النسيج الحيوي، فيتناثر متلاشياً في غياهب الكون. وتقليدياً، تعمل بزة الفضاء على تفادي هذه الأخطار. وغالباً ما تصنع من الأولومينيوم مع خليط من مواد أخرى واقية من الحروق. وكذلك تشبه مركبة فضاء مصغّرة، حيث توفر للجسم الهواء النقي وتحيطه بمستوى مقبول من ضغط الهواء. كما توفر له التكييف المعتدل بفضل أنبوب من الماء ملتف حول الجسم. وتتميز بقدرتها على تأدية وظيفتين حيويتين: ضخ كميّات من الهواء وتأمين درجة حرارة معتدلة. ويتأتى الأمران من تزويدها بأجهزة مثل المضخة والمراوح وأنابيب الماء والأوكسجين والخراطيم والمُرشح "الفلتر" والكابلات وغيرها. وفي المقابل، يتوّجب على رواد الفضاء إدارة المنظومة المحكمة دوماً لأنها غير قادرة على تأدية وظائفها من دون تدخلهم للتحكم بها بواسطة لوحة في مقدمه البزة. ويتطلب ذلك جهداً من رائد الفضاء لمراقبة البيانات الأمر، الذي ألقى دوماً بأعباء على الرواد، تضاف الى مهماتهم الأساسية. ذكاء"زيفيزدا" لذا أدخل مركز البحوث الروسي"زيفزدا"تعديلات مهمة على بزّات رواد الفضاء. ويوصف الموديل"أورلان أم كيه"بالذكي لأنه يحتوي حاسوباً يراقب بانتظام وضعية الرائد. ويرصد سرعة تنفسه ودقات قلبه ودرجة حرارة جسمه. ويؤشر على الزر الذي يجدر برائد الفضاء تفعيله، بالاستجابة الى تحليل تلك المعطيات. ويتطلب إنجاز هذا الأمر إن يكون جسم رائد الفضاء مشدوداً إلى المجسّات المبثوثة في تلك البزّة. ولذا، يرتدي الرائد بزّة مائية خفيفة تجتمع عند جهاز فيه خراطيم رفيعة تنقل الماء الذي يُبرّد جسمه. أما طريقة ارتداء البزة الجديدة فتختلف عن الطريقة العادية، إذ يتوجب على الرائد دخولها عبر فتحة في ظهرها. ومن إيجابيات هذه البزة قابليتها للتحوير، بحيث تتلاءم مع مقاسات متباينة. ولتفادي انقطاع الاتصال بين المركبة ورائد الفضاء، رُبطت البزّة الجديدة بشبكة إلكترونية تُدار من أدمغة رقمية في المركبة. وفي التجارب على البزّة المبتكرة، حرص المبتكرون على محاكاة ظروف مُعقدّة تحدث أثناء العمل الفضائي. ولذا، جرت تجربة القرارات المختلفة التي يتخذها جهاز الحاسوب المرتبط بالبزة بحسب المواقف العادية والطارئة. وعلى رغم أن رائد الفضاء يتعرض لمواقف حرجة تتطلب يقظة شديدة ، إلا إن البزة الجديدة لن تخفق في تلك الظروف بسبب تمتّع نظام التحكّم بالدقة والأمان، ما يجعلها أحسن رفيق لرائد الفضاء.