تعد زينة المرأة في العصور الإسلامية من الموضوعات المبهمة، ويرد الباحثون الغربيون هذا إلى غموض حياة الحريم في المجتمعات الإسلامية، وحقيقة الأمر أن الغموض يعود إلى اختلاف نمط الزينة لدى المرأة في العصور الإسلامية عنه لدى المرأة الغربية والمعاصرة، ما يجعل القياس غير وارد. اعتمدت المرأة قديماً على خبرتها الموروثة وعلى ما يقدمه العطارون والصيادلة. بينما تعتمد المرأة المعاصرة على شركات متعددة الجنسيات تصنع كل يوم ما هو جديد ومبهر لكي تتزين به المرأة. جاء في قائمة مواد التجميل في العصور الإسلامية دهانات خاصة بتنعيم البشرة، ومنها دهان وصلتنا التركيبة الخاصة به وكانت تتكون من المواد التالية: - كمية من مادة دهنية. - يضاف إليها مقدار من مسحوق الملح والشب وماء عطري لتنقيتها. - تترك العجينة لفترة حتى تزول رائحة الدهن. - يتم تسخين العجينة السابقة بواسطة حمام مائي. - توضع الأزهار في هذا المزيج. - بعد مدة يتم فصل الأزهار عن الدهن بواسطة مصفاة ثم تضاف أزهار جديدة بغرض زيادة تركيز الرائحة في المزيج وحتى يتشبع الدهن بالرائحة العطرية. وفي متحف الفن الإسلامي في القاهرة مصفاة صغيرة في شكل ملعقة من الخشب ذات ثقوب. كما يوجد بالمتحف إناء لحفظ الدهانات هو وعاء زجاجي يوضع في داخل علبة من الخشب اسطوانية الشكل ولها غطاء. المساحيق عرفت النساء قديماً استخدام المساحيق في التجميل، ومنها ما يستخدم في تبييض الأسنان وذلك باستعمال مسحوق السكر وسحيق الصيني أو الفحم أو الملح المدقوق. وهناك مادة أخرى استخدمت في التجميل هي مسحوق قشر الرمان لما له من خاصية قابضة للجلد تكسبه خشونة إذا ما دلك به، ولذا استعمل في الحمامات العامة بأن تدلك الماشطة يدها ببعض منه مما يسهل عملها في معالجة بشرة الوجه وتفتيح المسام. وتتضح أهمية السعوط كمادة مزيلة للروائح غير المقبولة، في حرص النخاسين على إظهار القيمة الجمالية لجواريهم، وقد عالجوا ما نقص منها بمختلف الأساليب وأزالوا روائح الأنف بالسعوط وروائح الفم بأهم مواد البخور الكندر، وقد اعتادت النساء في مصر أن يلكن الكندر ليعطر أنفاسهن. ولا يفوتنا أن نذكر مسحوق الأشنان وقيمته في إزالة الزفر من الأيدي. ويحتفظ متحف الفن الإسلامي في القاهرة بمجموعة من الأحقاف الخشبية تنوعت أشكالها وأحجامها فمنها ما هو أسطواني ومنها ما هو كروي وله غطاء، وهذه الأحقاف كانت تستخدم لحفظ المساحيق. وتعتبر الحناء من أهم المساحيق التي استخدمتها النساء قديماً، وكانت تستعمل بشكل يومي في شكل عجينة لصبغ راحات الأيدي وبواطن الأقدام والأظافر والشعر. وللدلالة على ما للحناء من قيمة كمادة مهمة من مواد التجميل أن النخاسين عندما ينادون على الجواري في الأسواق يستخدمون بعض العبارات كدعاية أو إعلان للترويج، ومن قولهم: ربع درهم حنة يزيد ثمن الجارية مئة درهم فضة. العطور العطور من العناصر الأساسية في مواد التجميل استخدمتها النساء في العصور الإسلامية بتوسع، وابتكرن أنواعاً لا حصر لها من العطور. وتنقسم العطور التي استخدمتها النساء إلى قسمين: قسم يرجع أصول تركيبه إلى مواد دهنية تستخرج من مصدر حيواني ومثال ذلك المسك. والعنبر، وهو مادة صلبة شهباء تشبه الشمع إذا سخنت خرجت منها رائحة طيبة، ويستخرج من بعض المواد التي تقذفها الأمواج في شواطئ الهند والصين واليابان. القسم الآخر يمثل العطور التي تستخرج من النباتات كالأزهار والأوراق والثمار والقشور والبذور. وهناك نوعان من العطور. الأول عرف باسم الزيوت العطرية ومصدره البنفسج والنيلوفر والنرجس والكادرة والسوسن والزنبق والمرسين والنارنج، وطريقة استخلاصه إما بعصر قشور الثمار أو بالتقطير أو في تشبع الزيوت، والنوع الثاني الماء العطري ويستخلص من زهور غير الزهور الأولى مثل الورد والطلع والقيسوم والزعفران. وهناك تحف رائعة من قناني حفظ العطور ومعظمها من النحاس المطعم بالذهب أو الفضة أو بالاثنين معاً أو قنان صنعت من الفضة المزخرفة بشتى أنواع الزخارف ، وكانت هذه تهدى إلى النساء في المناسبات السعيدة. ابتكارات اعتادت نساء مصر طلاء أظافرهن بطلاء أحمر استرعى انتباه الرحالة الأوربيين الذين زاروا مصر في العصور الوسطى، هذا بخلاف الوشم الذي اعتادت النساء أن يزين به أجزاء مختلفة من أبدانهن . ويفهم من كتابات فقهاء العصر المملوكي أن النساء اعتدن على وصل شعورهن إذ يقول الشعراني:"أخذ علينا العهد العام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نقر أحد من النساء على وصل شعرها..."، وأنه لعن الواصلة أي التي تصل الشعر بشعر النساء والمستوصلة أي المعمول بها ذلك ، تلك البدعة التي كنا نعتقد في الواقع أنها من مستحدثات العصر الحديث ومن مبتكرات الحضارة الأوروبية في أيامنا هذه. كما اعتادت بعض النساء تصفيف شعورهن في هيئة جدائل يراوح عددها حسب ما ورد في"ألف ليلة وليلة"ما بين إحدى عشرة ضفيرة وخمس وعشرين ضفيرة، بشرط أن يكون العدد فردياً، مع إضافة ثلاثة خيوط حرير سود إلى كل جديلة، معلق بها قطع ذهبية صغيرة تعرف باسم صفا. مقاييس الجمال تختلف مقاييس الجمال من عصر إلى عصر، وكانت المرأة تعد جميلة إذا كانت بيضاء البشرة ناعمة الملمس وذات وجه مستدير يشبه القمر في استدارته، ومفرطة في البدانة ذات صدر كبير ممتلئ وأرداف عريضة. لذلك لا عجب أن أقبلت النساء قديماً على العناية بسمنتهن وبدانتهن حتى يحزن إعجاب الرجال. وشن الفقيه الشهير ابن الحاج هجوماً على النساء لإتباعهن أساليب غير شرعية لزيادة وزنهن ومن ذلك أن المرأة إذا كانت مبدنة تخاف ان صامت ان يختل وزنها فتفطر، وكذلك بعض البنات الأبكار يفطرهن أهلهن خيفة تغيير أجسامهن عن الحسن والسمنة. وعن الوسائل التي اتبعتها المرأة في عصر سلاطين المماليك للزيادة من وزنها يروي ابن الحاج:"أن المرأة إذا أتت إلى فراشها بعد أن كانت تعشت وملأت جوفها فتأخذ عند دخولها الفراش لباب الخبز فتفته مع جملة حوائج أخرى فتبتلع ذلك بالماء، إذ أنها لا تقدر على أكله لكثرة شبعها المتقدم وربما تعيد بعد ذلك جزءاً من الليل يمضي عليها"طلبا للسمنة ومحافظة على بدانتها. * كاتب مصري