تشهد مصر جدالاً حاداً في شأن إلغاء المعونة الأميركية، وسط معارضة كبيرة من جانب الرأي العام لهذا الأمر، خصوصاً مع انتهاء خدمة السفير الأميركي لدى القاهرة فرانسيس ريتشارد دوني التي تجاوزت 3 سنوات، وتوقعات بتولي شخصية متشددة المنصب. وطرحت مصر مبادرة تقضي بإلغاء برامج المساعدات الاقتصادية، وتحويلها إلى وديعة، وتسعى إلى اتفاق مع الإدارة الأميركية لتحقيق هذا الهدف خلال 10 سنوات اعتباراً من بداية السنة المالية 2009، التي ستبدأ في أيلول سبتمبر المقبل. وتنتظر شريحة كبيرة من المصريين التخلص من عبء المساعدات الاقتصادية الأميركية، التي بدأ العمل بها منذ نهاية السبعينات، وبلغت نحو 58 بليون دولار على مدى 28 سنة. فالمصريون يشعرون بقيود بالغة جراء هذه المساعدات التي تستخدمها الإدارة الأميركية، وتهدد بقطعها إذا لم تحظ مواقف مصر بالرضا الأميركي. ووقف الرأي العام المصري إلى جانب حكومته للتخلص تدريجاً من الضغوط الأميركية التي كلفت البلاد الكثير، على رغم التطمينات الأميركية بأن العلاقة مع مصر علاقة شراكة تامة، ولا يمكن استغلال المساعدات لإخضاع السياسة المصرية لإملاءات أميركية. وكشفت وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا أن بلادها طرحت بالفعل مبادرة تقضي بإلغاء برنامج المساعدات الاقتصادية في غضون عشر سنوات اعتباراً من بداية العام المالي 2009، كما طرحت الإدارة الأميركية خفض المساعدات الاقتصادية لمصر بعد عام 2008 على مدى خمس سنوات، بمقدار 200 مليون من إجمالي المساعدات التي تصل إلى 415 مليون دولار، وبحيث تصل عام 2013 إلى 200 مليون دولار. ورفضت مصر الاقتراح وتقدمت بعرض لتحويل المساعدات إلى وديعة مصرية - أميركية ستتحدد قيمتها بموجب المفاوضات التي تجرى حالياً، ويرجح أن تعادل قيمتها قيمة المساعدات الاقتصادية بعد خفضها بنسبة 10 في المئة على مدى عشر سنوات، وأن يقابل كل دولار في هذه الوديعة جنيه مصري. وأضافت ان مصر ستمول عدداً من المشاريع التي تقدر كلفتها بنحو 200 مليون دولار، من هذه المساعدات.، وكشفت أن المساعدات من 1978 - الى 1983 كانت قروضاً لشراء أغذية وقمح، ما لبثت أن تحولت بعد ذلك إلى منح لا ترد. ومازالت مصر تسدد هذه القروض، التي تقترب من 4 بلايين دولار، على أساس 350 مليون دولار سنوياً، ما يعني أن الميزان النقدي سيميل اعتباراً من العام المقبل لمصلحة الولاياتالمتحدة. فمصر ستدفع 350 مليون دولار سنوياً من ديونها، وتحصل فقط على 200 مليون وهذا غير مقبول. وتتلقى الدولة مساعدات أميركية عسكرية واقتصادية بنحو 1.4 بليون دولار سنوياً، منذ توقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل وزيارة الرئيس الراحل أنور السادات القدس عام 1977. وأشار السفير الأميركي إلى أن حجم التبادل التجاري الحالي بين البلدين ازداد 35 في المئة مقارنة بالعامين الماضيين، وبلغ 6.5 بليون دولار عام 2007، فيما تجاوز حجم الاستثمارات الأميركية في مصر ال6 بلايين دولار.