لم يكن مصادفة دخول سورية إلى عالم صناعة السيارات للمرة الأولى عبر البوابة الإيرانية، وإنما جاء بعد فشل مفاوضاتها مع شركات أوروبية وكورية فرضت شروطاً"تعجيزية"على دمشق لإنشاء مصانع لها. في حين أبدت إيران رغبة في نقل هذه التكنولوجيا إلى سورية من دون مقابل. ونتيجة المفاوضات مع إيران دشن الرئيس السوري بشار الأسد في آذار مارس الماضي أول معمل لتجميع سيارات"شام"في مدينة عدرا الصناعية شرقي دمشق بتكلفة 60 مليون دولار وبطاقة إنتاجية تتراوح يوميا بين 30 و35 سيارة. وتساهم في المعمل شركة"إيران خودرو"بنسبة 40 في المئة وپ"مؤسسة الصناعات الهندسية"السورية الحكومية بنسبة 35 في المئة وشركة"السلطان التجارية"الخاصة بنسبة 25 في المئة. وتنوي الشركة طرح نحو 10 آلاف سيارة سنوياً في مرحلة أولى، ترفعها إلى 30 ألف سيارة في المستقبل. ولتسهيل اقتنائها لدى شرائح واسعة من السوريين خفضت الرسوم الجمركية والضريبية على أجزائها المستوردة ومُنحت قروضٌ ميسرة للمواطنين. وأوضح المدير العام لپ"المؤسسة العامة للصناعات الهندسية"زياد قطيني أن"شام"هي في الأصل سيارة"بيجو"الفرنسية ونقل تجميعها إلى سورية عن طريق إيران وپ"أن الكثير من الأجزاء هي من صناعة بيجو"، مشيراً إلى"أن السيارة ليست بمواصفات كاملة، ولكن حرصنا على أن تكون في متناول ذوي الدخل المحدود ووضعنا فيها ما يحتاجه المواطن من مزايا ضرورية". وقال قطيني لپ"الحياة":"إن الطاقة الإنتاجية للمعمل هي في حدود 40 سيارة في اليوم. بدأنا في إنتاج سيارتين في اليوم وتصاعد الإنتاج ليصل إلى 35 سيارة الآن وبوردية واحدة"، مؤكداً أن كوادر المعمل هم سوريون تم تدريبهم في معامل شركة"إيران خوردة"، ويوجد في المعمل خبراء إيرانيون. وأضاف:"لا نفكر حالياً في الأسواق المجاورة، لأننا ندرس توطين صناعة السيارات وزيادة القيمة المضافة عليها، ولا نريد في الوقت ذاته أن تكون صناعة تجميعية وإنما أن يصير جزء من هذه المكونات صناعة سورية. ونحن نسوّق كامل إنتاجنا في السوق السورية ولكل المواطنين ونوسع مراكز البيع وخدمات ما بعد البيع وسنفتتح قريباً مراكز صيانة في المدن الرئيسة، كوننا نعمل على جعل هذه السيارة في متناول الجميع وخصوصاً ذوي الدخل المحدود". وافتتح الأسد نهاية العام الماضي، معملاً آخر لإنتاج سيارة"سابا"الإيرانية في مدينة حسية الصناعية في محافظة حمص وسط البلاد بتكلفة 50 مليون دولار وبطاقة إنتاجية في المرحلة الأولى تصل إلى 15 ألف سيارة سنوياً على أن ترتفع لاحقاً إلى 35 ألفاً. وتعود ملكية المعمل إلى شركة"سيفيكو"الإيرانية المصنعة لسيارات"سابا"وتملك 80 في المئة من الأسهم وتمتلك شركة"حمشو"التجارية السورية النسبة المتبقية. وتشير إحصاءات صادرة عن المديرية العامة للجمارك إلى أن سورية استوردت في العام الماضي نحو 99 ألف سيارة من مختلف الأصناف قيمتها 30 بليون ليرة سورية نحو 600 مليون دولار أميركي. وربما يكون العدد هو الأعلى من إجمالي إنفاق السوريين من مدخراتهم على السلع والمواد المنتجة محلياً أو المستوردة باستثناء المواد الغذائية. وأجمع وكلاء سيارات على أن طرح سيارة"شام"في الأسواق لم يحدث تبدلاً في سوق السيارات. وقال مدير مبيعات في إحدى الصالات عماد شاكر لپ"الحياة":"الأسعار مستقرة ولم يتبدل شيء، و الصورة لا تتضح إلا عندما يبدأ المعمل في ضخ عدد كبير من السيارات في السوق"، لافتاً إلى"أن السيارة ليست جديدة وإنما قديمة باعتبار أن سورية استوردت الخبرة الإيرانية في شكل جاهز". وأوضح مدير مبيعات آخر أن طرح سيارة"شام"بأعداد كبيرة في المستقبل"ربما يؤدي إلى تأثير في سعر السيارات من إنتاج كوري أو صيني"، مستبعداً أن يكون لها تأثير في سعر السيارات المنتجة في أوروبا. وقال:"لا نخاف من طرحها في الأسواق كونها ذات تقنية متواضعة". وأشار أحد المواطنين بعد شرائه سيارة"شام"قبل شهرين إلى عدم قدرته على الحكم عليها قبل عامين، لكنه أكد على"أنها عملية وذات مواصفات مقبولة وهي متزنة على الطرقات". وقال آخر أن سعرها مرتفع مقارنة بأسعار مثيلاتها خصوصاً السيارات الكورية التي ستبقى الأكثر قبولاً لدى شرائح واسعة في حال لم يتم خفض سعرها".