ترى الديبلوماسية المصرية أن إيران تلعب دوراً معطلاً مخرباً على الساحة الفلسطينية، وان إنفاقها بين 25 مليون دولار و40 مليون دولار كل شهر في قطاع غزة ليس هدفه دعم الفلسطينيين، بل استخدامهم كورقة مساومة مع الأميركيين لاقتسام النفوذ في الشرق الأوسط. قلت إنني سمعت من ديبلوماسي أميركي بارز أن إدارة باراك أوباما المقبلة ستعارض امتلاك إيران سلاحاً نووياً بكل الوسائل، إذا فشلت المفاوضات في إقناعها بتغيير مسلكها. وفهمت أن المسؤولين المصريين سمعوا مثل هذا الكلام، إلا ان واحداً منهم قال لي إنه يرجح أن إيران تسعى الى الحصول على المعرفة التي تمكنها من إنتاج قنبلة نووية في المستقبل، بدل انتاجها الآن، وانها تفضل أن تصل الى اتفاق مع الإدارة الأميركية المقبلة على حساب الفلسطينيين وكل العرب. وهو لفت نظري الى الكمية الهائلة من اليورو المتوافرة في غزة، حتى ان النفق يؤجر بألوف اليورو أو الدولارات للساعة الواحدة لتهريب البضائع. وحماس لن تتنازل طوعاً عن الأرض التي تسيطر عليها مع ما تدر عليها من دخل، والنتيجة ان اسماعيل هنية قد يعلن في التاسع من الشهر المقبل أن شرعية أبو مازن انتهت، وقد يرد أبو مازن بالدعوة الى انتخابات رئاسية وتشريعية خلال أشهر، ولكن مع استمرار الانقسام، فقد يشهد الفلسطينيون انتخابات منفصلة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، و"يا فرحة إسرائيل"لأن هذا سيعني نهاية القضية الفلسطينية الى حين. مصر تقول إن الدول العربية كلها مع الشرعية الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس، ووزراء الخارجية العرب أعلنوا ذلك في 29/11، وطُلِب من الرئيس الاستمرار في تحمل مسؤولياته. الديبلوماسيون المصريون أكدوا لي تكراراً أن ليس لمصر أية مصلحة شخصية في كل ما يجري، وإنما هي تسعى وراء المصلحة القومية في طلبها مصالحة بين الفلسطينيين، غير أن إيران تلعب دوراً معطلاً، وتحاول أن تبني لنفسها امتدادات من مواقع في المغرب العربي، وحتى أفريقيا السوداء، وهناك شكوك في تعاملها مع الإخوان المسلمين المصريين الذين تعتبر مصر"حماس"جزءاً منهم، وتعمل بتوجيههم أيضاً. وقال لي مسؤول كبير إن إيران تتدخل في شكل سافر في اهتمامات مصر العربية،"ونحن نريد السلام، وهم يريدون كسر السلام، ونحن نريد رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وهم يريدون استمرار معاناته، ونحن نريد لبنان دولة علمانية ديموقراطية مستقرة وهم يريدون نظاماً إيرانياً وحكم حزب الله". شكوى الديبلوماسية المصرية من إيران امتدت لتشمل سورية، وكانت مقتصرة على التعاون والتنسيق، أو التحالف بين البلدين، ما يرى المسؤولون المصريون أنه يضر بكل مصلحة عربية، خصوصاً المصلحة الفلسطينية، لأن هدف إيران النهائي هو جعلها في موقف تفاوضي أفضل مع الإدارة المقبلة على حساب العرب. الديبلوماسيون المصريون أكدوا أن ليس لمصر أي طلبات من سورية، وليس لها أي شكوى سوى التحالف مع إيران الذي يؤذي الفلسطينيين ولبنان وكل بلد تحاول إيران مدّ نفوذها اليه. ووجدت أن الديبلوماسية المصرية تركز جهدها على قيادات حماس في قطاع غزة، وترى أنها أكثر تجاوباً مع معاناة الفلسطينيين هناك، من قيادة حماس في دمشق التي قال لي مسؤول كبير أن مصر ألغتها من حساباتها لأنها تتبع إيران. المصريون يقولون إن هناك تحالفاً بين مصر والمملكة العربية السعودية والسلطة الوطنية ممثلة بالرئيس عباس، يقابل تحالف سورية وإيران وحزب الله وحماس، والمشكلة الإضافية في علاقة سورية مع إيران أنها لا يمكن أن تستمر ثم أن تنجح أية مفاوضات مباشرة بين سورية وإسرائيل، لأن شرط إسرائيل هو إنهاء العلاقة مع إيران وحزب الله وضبط حماس. والديبلوماسية المصرية ترى أن الاتفاق مع إسرائيل مفيد لسورية وأيضاً للفلسطينيين، إلا أنه لا يفيد إيران والأطماع الفارسية في المنطقة، لذلك هي تسعى لتخريبه بإبعاد سورية عن حلفائها العرب التقليديين وبزيادة الشق بين الفلسطينيين، ويجب على سورية أن تعيد النظر في علاقتها مع إيران. نشر في العدد: 16704 ت.م: 28-12-2008 ص: الأخيرة ط: الرياض