واصلت مؤشرات البورصات الأوروبية الكبرى تراجعها خلال الأسبوع الفائت، باستثناء بورصات بروكسل ومدريد وبراغ وأثينا محققةً مكاسب بنسبٍ بين 2.62 و0.77 في المئة، لا تتناسب مع توقعات انتعاش الأسواق، مقرونةً بفوز المرشح الديموقراطي باراك أوباما لرئاسة الولاياتالمتحدة. پويعتقد محللون أن ترسيم مؤشرات أكبر بورصات أوروبا دون الصفر، بداية مراحل الانكماش الذي سيقود إلى ركود اقتصادي. ويحاول المتفائلون البحث عن مبررات تراجع أسواق المال، فيرى بعضهم أن السوق لم تستوعب بعد المرحلة الراهنة وأن حال الانتظار ستطول لغاية انعقاد القمة الدولية لتقديم الإصلاحات المنتظرة للنظام المالي والعالمي، منتصف الشهر الجاري، وآخرون يعزون الركود إلى مزيد من تراجع أسعار الأسهم، ويفضل أصحاب الاستثمارات الطويلة الأجل التريث، تاركين الساحة إلى صغار المضاربين الباحثين عن أرباح سريعة من فرق التداول بين البيع والشراء. ففي بورصة لندن أغلق مؤشر التداول متراجعاً 0.44 في المئة عما كان الأسبوع الماضي، بعد أن خسرت أسهم مجموعة"مان"للخدمات المالية 22.54 في المئة، ومؤسسة"أنغلو أميركان"لتجارة المعادن النفيسة 11.88 في المئة، و"بتروفاك"للطاقة و"ثري إي"للخدمات المالية و"سميث آند نيفيو"للخدمات الطبية نحو 11 في المئة. ويعكس التراجع في أسهم مؤسسات خدمات المال وخلو قائمة الشركات الرابحة من أسماء مصارف كبيرة، تضارب التعاملات وعدم استقرار توجهات المستثمرين، بحيث أصبح البحث عن الربح السريع الهدف الأساس للمضاربين. ويستدل المراقبون على صحة هذا التحليل، بالإقبال على أسهم شركات مواد الاستهلاك، مثل"ماركس آند سبنسر"التي ارتفعت 19 في المئة، وأسهم"بريميير فودز"للتغذية بنسبة 30 في المئة، و"نستله"السويسرية للتغذية 3 في المئة. وعلى رغم نجاح البورصة السويسرية في التماسك خلال الأسابيع الماضية، تراجع مؤشرها 2.36 في المئة، وبقيت أسهم اكبر مصرفين في البلاد تحت المعدلات المرتقبة، فخسرت أسهم"كريدي سويس"الأسبوع الماضي 12 في المئة ومنافسه التقليدي"يو بي اس"9 في المئة، و"هولسيم"العالمية للأسمنت 9 في المئة. وكان لافتاً ارتفاع أسهم"سويس لايف"للتأمينات 18 في المئة، ونظيرتها"بالواز"4 في المئة، و"سويس ري"للتأمينات التعويضية 3 في المئة على رغم أن الأخيرة أعلنت عن خسائر بقيمة 300 مليون دولار منذ مطلع السنة. پوتراجع مؤشر بورصة فرانكفورت 0.99 في المئة، وانقلبت الأوضاع رأساً على عقب. فارتفعت أسهم"فولكس فاغن"للسيارات 20 في المئة، وأسهم"بي ام دبليو"7 في المئة، وبقيت"هايبو"العقارية في صفوف الخاسرين بتراجع 18 في المئة. پكما تراجعت أسهم"سيمنز"للطاقة 6 في المئة، لتتساوى مع نظيرتها السويسرية"أي بي بي"بالنسبة ذاتها، ولم يفلحپ إعلان الشركتين عن تعاقدات جيدة، في تشجيع المستثمرين على الشراء. ومن الواضح أن احتمالات الخوف من ركود في قطاع البناء والتشييد بدأ ينعكس على القطاعات ذات الصلة. وتراجع مؤشر بورصة باريس"كاك 40"0.51 في المئة، واستمرت خسائر أسهم شركتي"بيجو"و"رينو"12 و9 في المئة على الترتيب، بعد أن باتت صناعة السيارات الأميركية مهددة بالركود التام إذا لم تنقذ سريعاً. وعلى عكس المصارف السويسرية قفزت أسهم بنك"دكسيا"الفرنسي 22 في المئة، و"سوسيتيه جنرال"11 في المئة و"أكسا"للتأمينات 7 في المئة. وتبقى أسواق الأسهم متوترة في انتظار نتائج القمة الدولية في واشنطن، ويتوقع أن تعلن فيها خطوات مهمة لإنقاذ الاقتصاد العالمي وحجم الأموال التي يمكن ضخها لتشجيع الصناعة والحركة التجارية، لكن آراء المحللين تبقى منقسمة حول نتائجها. ويعتبر مراقبون أن عودة سيادة الدولة، كجهاز رقابة، قد تولد تياراً من الثقة تحتاج إليه أسواق المال فتبدأ عجلة الاقتصاد مجدداً.پبينما يرى آخرون أن فرض نوع من السيطرة الكاملة على برامج التعاملات الاقتصادية، والتنكر لما يصفونه بإيجابيات تحرير الأسواق، سيؤديان إلى مخاوف من هيمنة حكومية رسمية على الأسواق، و ما لا يحبه رأس المال الحر، بحسب رأيهم. نشر في العدد: 16656 ت.م: 10-11-2008 ص: 25 ط: الرياض