تعاني أسواق المال العالمية ارتباكاً شديداً وتتعرض لهزات عنيفة، بمجرد إطلاق شائعة أو تسريب خبر يحمل مخاوف من مستقبل اقتصادي غير آمن أو تراجع في الإنتاج. پوشهدت أسواق الأسهم والسندات الأوروبية هزات عنيفة بين صعود مفاجئ وهبوط حاد، في ظاهرة يصفها المراقبون بال"يويو"، لكن"الأسبوع الأسود"ترك بصماته على التعاملات والمستهلكين على السواء، ليصاب الجميع بهوس البحث عن التوقعات المتشائمة والأخبار غير المتوقعة. فما إن توقعت شركة"سوني"اليابانية لصناعة الإلكترونيات إمكان تراجع مبيعاتها بسبب ركود اقتصادي محتمل، حتى تداعت أسعار الأسهم الأوروبية، كأن ريحاً عاتية هبت عليها فهوت مؤشرات البورصات بنسب متفاوتة، استقر أدناها عند تراجع 22 في المئة في بورصة أثينا. وما إن أعلنت الأميركية"كرايزلر"أنها تعتزم تسريح 5000 عامل، وسرت شائعة تفاوضها مع"جنرال موتورز"لإعلان اندماج محتمل، حتى تخلص المستثمرون من أسهم الشركات الكبرى لصناعة السيارات، فتراجعت أسهم شركة"فولكس فاغن"الألمانية 41.10 في المئة، و"بيجو"الفرنسية، وفولفو السويدية و"سكانيا"للشاحنات الثقيلة نسبت متفاوتة. ولم تنج أسهم مؤسسات المال والمصارف من الانهيار بسبب عدم الثقة بقدرتها على اجتياز الأزمة، ولعدم بلورة موقف دولي موحد لكيفية دعمها، فتراجعت اسهم"يو بي اس"السويسري 16 في المئة على رغم الدعم الحكومي بستين بليون دولار، و"زيورخ فاينانشيال"18 في المئة و"يلويوس بير"17 في المئة و"كريدي سويس"21 في المئة. پ ويأتي هبوط اسهم"كريدي سويس"مفاجئاً بعد الإعلان عن حصول"الشركة القطرية للاستثمار"على حصة في أسهمه بلغت 9 في المئة، وحصول"مجموعة العليان"السعودية على 3.6 في المئة من الأسهم المسجلة للبنك السويسري و3.4 في المئة من سنداته القابلة للتحويل إلزامياً، في صفقة تصل في مجملها - القطري والسعودي - إلى ثمانية بلايين دولار. وشاركت أيضاً شركة"كور اندستريز"الإسرائيلية القابضة في زيادة رأس مال البنك فاستثمرت 1.2 بليون فرنك 750 مليون دولار في مقابل حصة ثلاثة في المئة. وخسر مؤشر بورصة زيورخ 7 في المئة مقارنة بما كان عليه الأسبوع الماضي. وفي بريطانيا هوت اسهم مصرف"ستاندارد شارترد"30 في المئة خلال أسبوع واحد، وأسهم بنك"اتش بي او اس"25 في المئة، وسندات"فرندز بروفيدنت"للتأمينات 28 في المئة ونظيرتها"أفيفا"19 في المئة عن الفترة ذاتها، ليتراجع مؤشر بورصة لندن 4.30 في المئة. وفي أثينا خسرت اسهم المصرف الوطني اليوناني 35 في المئة من قيمتها خلال أسبوع واحد، لتصبح البورصة اليونانية أكثر الخاسرين هذا الأسبوع ويتراجع مؤشرها 22 في المئة. پوفي إسبانيا تراجعت أسهم بنك"ستاندارد"23 في المئة، ونظيره"بيلباو"19 في المئة، وهوى مؤشر بورصة مدريد 13.48 في المئة. پويعتقد محللون، في المقابل، أن ارتفاع أسهم مصرف"كريدي اغريكول"الفرنسي وتعافي أسهم بقية مؤسسات المال الفرنسية، يعودان إلى الثقة في أن الحكومة الفرنسية ستتزعم عملية استقرار البورصة في شكل حازم، لكن هذه الثقة لم تبدد الخوف من الركود الاقتصادي وانعكاسه على الصناعات الثقيلة، فهبط مؤشر بورصة باريس"كاك 40"4 في المئة مقارنة بما كان عليه قبل أسبوع. ويعكس هذا الهبوط الحالة النفسية السيئة التي تعاني منها أسواق المال، وخوف المستثمرين من خسائر متواصلة.