تراجعت فرص اتمام الاتفاق الامني بين بغدادوواشنطن الذي يجري التفاوض بشأنه منذ شهور فيما برز انقسام واضح في مواقف القوى العراقية الشيعية والسنية والكردية ازاء اقراره. واعتبرت واشنطن رفض"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعي للاتفاق كان"مفاجئاً"فيما علمت"الحياة"ان الاتفاق عاد الى طاولة التفاوض بانتظار رد اميركي على مطالب عراقية جديدة رجحت مصادر عدم اكتمالها قبل نهاية العام ما يرجح احتمال خيار تمديد التفويض الاممي للقوات الأجنبية في العراق. وفيما أعلن رئيس الحكومة نوري المالكي تأجيل زيارته الى استراليا، التي كان مقرراً ان تبدأ الاربعاء، لمتابعة قضية الاتفاق، ينتظر ان يخرج اجتماعان الاول لمجلس الوزراء والثاني للمجلس السياسي للأمن الوطني يعقدان اليوم الثلثاء بموقف عراقي من الاتفاق ترجح المصادر بأنه ذاهب باتجاه رفضه في صيغته الحالية وطلب اجراء تعديلات عليه. وبعد ساعات من رفض"الائتلاف العراقي الموحد"الاتفاق ودعوته الى"تعديل بعض بنوده"، حذر الزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني من عواقب عدم توقيع الاتفاق، واصفاً مواقف الآخرين بأنها تتراوح بين"مؤيد ومتردد وخجول وخائف". وأكد مسؤول اميركي رفيع في السفارة الاميركية في بغداد في اتصال مع"الحياة"ان"الجانب الاميركي فوجئ بموقف الائتلاف الشيعي"، وقال ان"اجماع قوى الائتلاف على رفض الاتفاق لم يكن في الحسبان، إذ ان الامور كانت ذاهبة باتجاه توقيع الاتفاق". الا ان المسؤول الذي رفض كشف اسمه استبعد رفض الاتفاق، واشار الى ان"ما وصلنا من الجانب العراقي حتى الان طلب ضمانات جديدة لا اكثر يتضمنها الاتفاق وهو امر ليس بالعسير", موضحا ان"وصول مساعدي وزير الدفاع الاميركي للسياسات ايرك ايدلمان ولشؤون الشرق الاوسط كريستوفر ستايون الى بغداد اخيرا جاء لهذا الغرض وربما سنخرج بإعلان ايجابي". الا ان اطرافاً في الحكومة وخارجها رجحت خيار طلب العراق تمديد التفويض الاممي لبقاء القوات المتعددة الجنسية الذي ينتهي اواخر العام الجاري لمدة ستة اشهر اخرى. وقال الشيخ عدنان الدنبوس ل"الحياة"ان"الامور ذاهبة باتجاه عدم توقيع الاتفاق الامني مع الادارة الاميركية الحالية للحاجة الى المزيد من الوقت بشأنها من جهة ورغبة العديد من الاطراف السياسية بأن يكون التوقيع على الاتفاق مع الادارة الاميركية الجديدة من جهة ثانية"، لافتا الى ان"الامور تتجه نحو طلب العراق تمديد التفويض الاممي ستة اشهر". وشدد القيادي في"المجلس الاعلى الاسلامي العراقي"الشيخ جلال الدين الصغير في اتصال مع"الحياة"على ان"الحديث عن تمرير الاتفاق قريبا مستحيل", مضيفا ان"مسودة الاتفاق التي عرضت على المجلس السياسي للأمن الوطني واجهت توافقا عراقيا على رفضها لأنها لا تحتوي على ضمانات حقيقية للعملية السياسية"، مشددا على عدم الموافقة على الاتفاق بصيغته الحالية". وبحسب عدد المقاعد العائدة الى كتلة"الائتلاف الموحد"التي يبلغ عدد اعضائها 87، بالاضافة الى الكتلة الصدرية 30 مقعدا التي رفضت الاتفاق جملة وتفصيلا، وكتل برلمانية صغيرة اعلنت رفضها الاتفاق بينها كتلة الفضيلة 15 مقعدا والكتلة العربية للحوار الوطني 15، فان الاتفاق الامني قد لا يرى النور داخل البرلمان 275 مقعدا في حال عدم اجراء تعديلات عليه. ووصف الصغير"حال القادة السياسيين بأنهم في مأزق كبير بشأن الاتفاق", مشيرا الى ان"كتلة الائتلاف قدمت اقتراحات جديدة على بعض بنود الاتفاق هي الآن بيد الوفد العراقي المفاوض لعرضها على الجانب الاميركي", موضحا ان"الاتفاق عاد الى طاولة التفاوض"مرجحا في الوقت نفسه ان تأخذ المفاوضات وقتاً ليس بالقصير. ونقلت"فرانس برس"عن رئيس كتلة"العراقية"النائب جمال البطيخ الشمري ان"المجلس السياسي للأمن الوطني احال خلال جلسته الاحد المسودة الاخيرة للاتفاق الى مجلس الوزراء ليناقشها الثلثاء". واذا تم التصويت عليه بالغالبية في مجلس الوزراء فستتم احالته الى البرلمان. وكان المجلس السياسي الذي يضم كبار القادة لم يتخذ الأحد قرارا بشأن الاتفاق. وتابع الشمري ان"الكتل السياسية عقدت اجتماعات خلال اليومين الماضيين لمناقشة المسودة الاخيرة، وستصدر بيانات بشكل منفصل للتعبير عن موقفها". وقال ان"هناك كتلاً لم تطلع على الاتفاق ويطالبونها بموقف في وقت سريع". واكد الشمري ان"المجلس السياسي للامن الوطني لا يمكن له رفض الاتفاق او الموافقة عليه لكن البرلمان هو الجهة الوحيدة المخولة بذلك". وأعلن النائب حسن الشمري رئيس كتلة الفضيلة الشيعية 15 مقعدا ان كتلته ما زالت تدرس الاتفاق، مضيفاً ان"وضع العراق في حال تشكل جديد ومقلق لدول الجوار ... من صالحها ان تدافع عن امنها القومي حتى لو تطلب ذلك ممارسات خارج حدودها". ورجح مصدر عراقي استمرار المناقشات"فترة غير طويلة نظرا لقرار رئيس الوزراء نوري المالكي ارجاء زيارته الى استراليا"والتي كانت مقررة الثلثاء، إذ اعلن بيان رسمي ان"رئيس الوزرء أجل زيارته بسبب متابعته النقاشات الجارية حول الاتفاق الامني". وجدد رئيس اقليم كردستان امس، فور وصوله اربيل منهيا زيارة لبغداد بدأت الاسبوع الماضي، موافقة القيادة الكردية على الاتفاق، وقال موقفنا كان منذ البداية أوضح من بقية الاطراف العراقية، اتصور بأن العراق يحتاج الى هذه الاتفاقية شرط ألا تمس سيادته، مشيرا الى أن الجانب الاميركي يراعي الوضع العراقي في الاتفاق ولا بد من القبول بها".