انعكست أزمة السيولة على القطاع العقاري الروسي، وانخفض حجم القروض لشركات البناء منذ الربع الأول من العام الحالي، وارتفعت الفائدة على القروض، وأحجم قسم كبير من أكبر عشرة مصارف روسية عن منح القروض الى مقاولين، ما أدى إلى ارتفاع ديون شركات العقار الرئيسة في البلاد أكثر من ثلاثة أضعاف. ويهدد ذلك بانهيارات كبيرة في هذا القطاع بسبب ارتفاع كلفة البناء ونقص السيولة. وعلى رغم ارتفاع أسعار العقارات في موسكو في الشهرين الأخيرين بمعدل 3 في المئة شهرياً، توقع خبراء انخفاض أسعار المساكن 10 في المئة على الأقل حتى نهاية العام الحالي. وأشارت دراسات حديثة إلى أن الأزمة المالية"بدأت تؤثر في قطاع العقارات في شكل ملحوظ". وأكدوا أن أسعار المساكن"ستنخفض نحو عشرة في المئة على الأقل حتى نهاية العام، ورجح بعضهم انخفاض الأسعار لغاية 30 في المئة حتى الربع الأول من العام المقبل". وتحدث خبراء عن الديون المرتفعة لشركات الإنشاءات العقارية الرئيسة في البلاد، إذ قدّروا ديون أكبر خمس منها"بما يزيد على 1.8 بليون دولار واجبة الدفع قبل نهاية العام الحالي". وعلى رغم ارتفاع الفائدة على القروض من 10 إلى 25 في المئة لا تمنح المصارف التسليفات اللازمة الى شركات المقاولات العقارية". وأكدوا أن الشركات"بدأت في تجميد مشاريعها وتسريح عمال". وتوقعت دراسة لمؤسسة"يوني كريديت أتون"، حركة تصحيح حادة في السوق العقارية، وأوضحت أن فقاعة الأسعار"ستطاول كل أنواع العقارات في روسيا، أسوة بنظيراتها العالمية في الولاياتالمتحدةواليابان". ولم تستبعد"انخفاض الأسعار 10 في المئة على الأقل في خلال نصف سنة، انطلاقاً من قطاع المساكن في فترة أولى". وقارن خبراء المؤسسة بين الوضع الحالي في روسيا، خصوصاً في موسكو، بأزمة العقارات في اليابان خلال تسعينات القرن الماضي. إذ ارتفعت الأسعار في طوكيو بين 1985 و1990 عشر مرات، لكن الفقاعة انفجرت عندما عجزت شركات البناء عن دفع ديونها، وهوت الأسعار في في شكل ملحوظ. وبات واضحاً أن شركات البناء الروسية تعاني المشاكل ذاتها، إذ ارتفعت فائدة القروض من 10 إلى 25 في المئة، وعلى رغم ارتفاعها ترفض المصارف منح القروض، وتفضل تمويل إنجاز المشاريع القائمة، وعدم تمويل مشاريع جديدة. وسيهدد هذا الوضع شركات البناء الرئيسة بعجزها عن سداد ديونها الواجبة الدفع حتى نهاية العام، والتي تزيد على 1.8 بليون دولار، موزعة على"ميراكس غروب"454 مليون دولار،"سيستيما غالس"35 مليون دولار،"بيك"985 مليون دولار،"إي إف أي ديفولمبومينت"259 ،"أوبين"104 . وساهم إحجام المصارف عن منح القروض الى شركات البناء في توقف العمل في مشاريع جديدة، ما ينعكس على حجم البناء ويزيد من قلة المعروض. وأشار خبراء إلى أن المشاكل بدأت مبكراً منذ بداية السنة الحالية، إذ شهدت الشهور التسعة الأولى منها، تقلص حجم البناء إلى النصف في موسكو و3 في المئة في روسيا. وكان الوسطاء العقاريون في موسكو أكثر تشاؤماً، وتوقعوا هبوط الأسعار في بعض الحالات نحو 30 في المئة في غضون نصف سنة. وعزوا الأمر إلى اضطرار شركات البناء إلى تسديد ديونها شققاً مع حسومات الى الدائنين، الذين سيجدون أنفسهم أمام خيار بيع العقارات بأسعار أرخص للحصول على سيولة في أسرع وقت، ما يساهم في انهيار أسعار السوق العقارية عموماً. وأكدوا أن مشاورات لعقد صفقات من هذا النوع بدأت فعلاً بين شركات البناء والدائنين. وأجمع خبراء ووسطاء عقاريون، على أن الأزمة المالية العالمية"أثرت وستؤثر مستقبلاً في سوق العقارات في روسيا، وأكدوا انتهاء زمن الارتفاعات الكبيرة في الأسعار. ورجحوا انخفاض أسعار الشقق الجديدة والقديمة قريباً. لكن معظم الخبراء لا يرون خطراً يتهدد سوق الشقق الفاخرة والعقارات الفارهة. وربطوا بين تطور النمو الاستهلاكي وأسعار العقارات التجارية، واستبعدوا انخفاض أسعارها في المدى المنظور. وتوقع محللون انخفاض الأسعار بين 10 و30 في المئة، بسبب حملة بيع الشقق ربما يطلقها مستثمرون يرغبون لإعادة ضخها في البورصات مع انخفاض الأخيرة إلى مستويات قياسية وتوقعات ببلوغها أدنى مستوى لها. وتتفاوت التقديرات في شأن حجم الشقق المملوكة لأغراض التجارة في موسكو بين 15 و40 في المئة. وأعلن وسطاء عقاريون أن حجم البيع انخفض منذ بداية السنة نحو 40 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ورجحوا انخفاض الطلب مستقبلاً مع تشديد المصارف على شروط القرض العقاري، خصوصاً أن 70 في المئة من عمليات البيع والشراء تتم عبر نظام الرهن. ولاحظوا تشديد المصارف شروط منح القروض ما يخفف الطلب، إذ ارتفعت الفائدة على القرض العقاري في"سبيربنك"مثلاً إلى نحو 15.5 في المئة. وأفادت إحصاءات رسمية أن حجم الرهون العقارية بلغ مع نهاية النصف الأول من العام، نحو 4 بلايين دولار، وارتفعت نسبة القروض العقارية أكثر من 2 في المئة منذ بداية السنة حتى بداية أيلول سبتمبر الماضي، ولم يستبعد خبراء ارتفاعها أكثر من 2 في المئة حتى نهاية السنة. وأشار وسطاء عقاريون إلى أن أسعار العقارات في مناطق موسكو الراقية،"لا تزال مغرية للاستثمار، ولن تتأثر بالأزمة المالية وانخفاض القروض، نظراً إلى طبيعة الزبائن الباحثين عن مواصفات خاصة، من دون تأثرهم بالسعر أو ارتباطهم بمنح المصارف قروضاً عقارية. ولن تنخفض أسعار العقارات التجارية في الفترة المقبلة، في ضوء زيادة النمو الاستهلاكي وقلة حجم المحلات التجارية والمطاعم وغيرها مقارنة بحجم السوق الروسية". لكن محللين آخرين لم يتوقعوا انخفاضاً كبيراً في الأسعار، نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء بوتيرة أعلى من التضخم. واعتبروا تراجع حجم البناء في موسكو إلى النصف في الشهور الستة الأولى، يضمن بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة لأن الطلب على الشقق العادية يزيد على العرض.