الأفغاني عتيق رحيمي على لائحة جائزة"غونكور" الروائي الأفغاني عتيق رحيمي مرشح بقوّة هذه السنة لجائزة غونكور الفرنسية، فروايته الجديدة ذات العنوان الغريب"سينغي سابور، حجر الصبر"أدرجت في اللائحة الأخيرة لهذه الجائزة التي ستمنح الشهر المقبل. الرواية هي قصة امرأة، بل صرخة امرأة مخنوقة، لا تجسر على كسر حاجز الصمت واختراق جدران المنزل لتشارك العصافير درب الانطلاق نحو رحاب السماء وتطاول سكينة السحاب. انها صرخة المرأة الأفغانيّة وسائر النساء في العالم الرازحات في ظلّ رجل مهيمن، قاسٍ، لا يرحم. هذه الصرخة يحاول الكاتب الأفغاني أن يسمعنا إيّاها من خلال معاناة امرأة متزوّجة في جوّ يسوده طغيان المجتمع والحرب على السواء. تدور أحداث الرواية في غرفة وضيعة بين رجل وزوجته. الرجل أصولي أصيب برصاصة خلال الحرب، يرقد شبه جثّة هامدة، بين الحياة والموت. أما الزوجة الوفية فتكرّس كلّ وقتها لمعالجته والتحدث اليه. فهل يسمعها؟ لا ندري. لكنّنا نرى من خلال عينيه كل تحركّاتها في الغرفة. تمرّ الأيّام وتتعالى صلوات المرأة تستنجي فيها الله ليعيد ويبثّ الحياة في جسم زوجها المحتضر. أمّا في الخارج، فيقابل سكون الغرفة شراسة الحرب وهمجيّتها. تلك الحرب التي يبلغ فيها العنف والأذى حدّ الجنون. فبين الحين والآخر يسطو الجنود على الشوارع فينهبون ويرتكبون أفظع المجازر. والمرأة في الداخل تتكلّم، والكلمة تكسر شيئاً فشيئاً حاجز الصمت وقيود السلطة الذكوريّة. الزوج يستحيل حجراً، حجر الصبر،"سنغي سابو"بالفارسيّة، وهو حجر سحري، الأمين على الأسرار وكاتمها. يتغذّى من معاناة المتكلّم ومآسيه لينفجر يوماً ويحرّر المؤتمن عليه. تسترجع الذكريات بالكلمة، والذكريات تحكي ماضياً أليماً يطارده شبح الخوف. تحكي سيرة امرأة تحطّمت أحلامها بسبب قيود مجتمع قاهر وأب مستعدّ لبيع بناته وزوج"بطل"آثر الابتعاد عن زوجته للمشاركة في الحرب، فتركها سنوات عدّة بصحبة صورة له فحسب. يستحيل كاتب الرواية وقارئها بدورهما حجر الصبر هذا، عاجزين أمام تلك المأساة ولا يسعهما سوى الاستماع. يعود عتيق رحيمي في روايته الجديدة المكتوبة هذه المرّة باللّغة الفرنسيّة بأسلوبه المتميّز بالواقعيّة التي اعتدناها في كتبه الأخرى مثل رواية"أرض ورماد". يكشف القناع بكثير من الجرأة عن وضع المرأة المتألّمة. ويهدي صفحاته للشاعرة الأفغانيّة ناديا أنجومان التي توفّيت إثر تعرّضها لضرب زوجها في ولاية هرات، تلك الشاعرة التي ذهبت ضحيّة سعيها لإسماع صوت المرأة وآلامها المدفونة. إقرأ وأنت تمارس الرياضة ! مَن من محبّي القراءة لم يحلم يوماً ب"قراءة"كتاب وهو يمارس الرياضة أو وهو يقود السيارة؟ أصبح اليوم الحلم ممكناً بفضل ابتكار جديد سوّقته إحدى أشهر المكتبات وأفخمها في ستوكهولمالسويد:"الكتاب المسجّل"! عندما تدخل المكتبة تلك، وندهش لانخفاض عدد الكتب"التقليديّة"، تلك التي يقلب القارئ صفحاتها، إلى ثلث الكتب المعروضة. فقد استولت الكتب المسجّلة على القسم الأكبر من الرفوف لترضي جميع الأذواق. فمن الروايات البوليسية إلى قصص الأطفال مروراً بالكتب المترجمة، الجميع يجد ما يشفي غليله. وتُدهش البائعة عندما تعلم أنّ الفكرة لم تلقَ نجاحاً بعد في بلدان أخرى مثل فرنسا فتؤكّد قائلة:"نبيع الكميّة نفسها من الكتب التقليديّة والمسجلّة". وتضيف:"سرّ هذا النجاح هو أنّ هذا النوع من الكتب أصبح في متناول الكثير من الأشخاص الذين يصعب عليهم قراءة كتب تقليدّية مثل الكبار في السن والأكفّاء والمصابين بداء عسر القراءة". أمّا في السويد اليوم، فقد أصبح مشهداً مألوفاً أن ترى الجميع في الشارع أو في الميترو يتنقّل مع جهاز الiPod ليس للاستماع إلى الموسيقى بل الى الكتاب المفضّل. حتّى أنّه أصبح بالإمكان تحميل الكتب المسجّلة التي يختارها الزبون من الإنترنت. أمام هذا النوع من الأخبار، يتردّد في ذهننا السؤال الدائم: متى يحين دور لبنان والعالم العربي فيشجعان على استبدال"موضة"الثياب وتسريحات الشعر ب"موضة"الثقافة والقراءة؟ 15 ألف شخص في مهرجان كراتشي للشعر كان الصمت يسود الأجواء في باحة اجتمع فيها أكثر من 15000 شخص ينتظرون في أحرّ من الجمر أن يبدأ الشاعر علي زريوم إلقاء قصيدته. يلبّي الشاعر الطلب:"إذا كان الصبر للخسارة مرادفاً/ فبلادي ذاقت من حلاوة الهزيمة جرعة". تعلو هتافات الجمهور والتصفيق الحار. ويتابع الشاعر القصيدة المشهورة التي يردّدها الموجودون عن ظهر قلب. هذه هي أجواء مهرجان كراتشي للشعر،"عالمي مشاعره"مشاعره كلمة تعني ندوة شعريّة بالأردو، وعالمي مرادف للعالمي بالعربيّة، الذي ينعقد للسنة الثامنة عشرة على التوالي. "المشاعره"هي عبارة عن أمسيات شعريّة، تدوم من الغروب إلى الشروق، يجتمع فيها أكثر من 25 شاعراً على منصّة في الهواء الطلق، جالسين القرفصاء على وسائد وثيرة لإلقاء شعرهم أمام جمهور واسع. واعتاد محبّو الشعر أن يتوافدوا من كلّ أنحاء باكستان لحضور المهرجان السنوي الذي يلقى الحفاوة نفسها في كلّ مرّة. "المشاعره"هو تقليد سنويّ يعود إلى عصر المغول، ويأخذ أشكالاً عدّة."عالمي مشاعره"هو المحفل الأكثر شعبيّة. تأسّس في العام 1989 على يد رجال أعمال وبضعة وجهاء أرادوا جمع سكّان مدينة كراتشي وسط أجواء سياسيّة واجتماعيّة متوتّرة في أجمل الأمسيات وأعرقها، أمسيات الشعر. وقد اختار المؤسّسون لغة الأردو، اللغة الرسميّة في باكستان، لتكون لغة التواصل بين الشعراء والجمهور. وتجمع الأمسية باكستانيّين من كل شرائح المجتمع، كباراً وصغاراً. فلا تُستغرب رؤية أطفال في التاسعة أو الثانية عشرة من عمرهم، يأتون للاستمتاع بالشعر الجميل. ويشارك في المهرجان شعراء هنود وباكستانيّون جميعهم ينطق بلغة الأردو. ويقول واصي شاه، أحد الشعراء الحاضرين:"شعري هو شعر الرومنطيقية والحبّ، أريد أن يرى العالم الوجه الآخر لباكستان، وجهاً ليس وجه الإرهاب والعنف. أنا أحيا شاعراً مسالماً، وأريد أن أموت شاعراً مسالماً". ويلقي أمام الجمهور المتلهّف لسماعه: ليتني سوار في معصمك/ أخلد إلى الفراش برفقتك/ تداعبينني إلى أعلى ساعدك/ فأصير وسادة أحلام عينيك". ويتميّز الشعر بلغة الأردو بالإيجاز. فيجمع ببعض الكلمات معاني عميقة مختلفة وأحياناً متناقضة. لذا يلقي الشعراء قصائدهم مستخدمين لغة الجسد واليدين للتعبير عن المشاعر الحسّاسة الكامنة في كلماتهم. وتستفيد بعض المجموعات الثقافيّة الأخرى من وجود هذا الكمّ من الشعراء لتنظيم حفلات أخرى، تكون أحياناً أقلّ شعبيّة وأكثر تحفّظاً ولكن ليس أقلهاّ حماسة. في اللّيلة التالية، تبدأ الأمسية عند التاسعة ليلاً، فيبدأ الحاضرون بالتوافد، ويتتالى الشعراء الواحد تلو الآخر. عند الرابعة صباحاً، يطلّ عاثر شاه خان المعروف بلقب جادي، أحد الشعراء المفضّلين لدى الجمهور لما يتمتّع شعره بروح الفكاهة والدعابة. فيبدأ قائلاً: أين اختفيت يا عمّي؟/ لا أراك في ظلمة اللّيلِ/ ربّما انتقل إلى الآخرةِ/ كنتُ أيضاً يافعاً قبل سنتينِ" وتبقى أمسيات الشعر هذه محطّ استحسان كبير لدى الكثير في باكستان، مع أنّ تنظيمها ليس بالمهمّة السهلة، إذ يتطلّب تحضير المهرجان الكثير من العمل لتأمين البسط لآلاف الحاضرين، إضافة إلى الطعام والشراب. لكنّ الحدث يستحقّ العناء لأنّه أحد أرقى الوسائل للجمع بين سكّان مدينة كراتشي التي تضمّ أكثر من 12 مليون نسمة، تلك المدينة التي يفتخر بها سكّانها على حدّ قول الشاعر طارق سبزواري: مدينتي، في كل الفواصل أحبّها/ في لهيب الصيف وبرودة شتائها/ مدينتي، هي أرضي، أرضنا هي".