سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أيام في بلاد الديموقراطية والإرهاب وپ"الحرب على الإرهاب" عشية اغتيال بوتو . المدارس الدينية الباكستانية تواجه الاتهامات الأميركية : ترفض الإصلاح ... والسلطة تراهن على توظيفها مجدداً 4من 4
يعتبر كثيرون في باكستان وفي الغرب أن محاصرة مصادر الارهاب العالمي تتطلب فتح ملف المدارس الدينية في باكستان. هذه المدارس التي تعد بالآلاف والمنتشرة في معظم المدن والمحافظات الباكستانية ارتبط اسم العديد منها بأنشطة لها علاقة بحركة"طالبان"وبتنظيم"القاعدة"الدولي. لكن ظاهرة المدارس الدينية سبقت بعقود وربما بقرون ظهور جماعات التطرف الديني، والذي حصل أن توسّع هذه الظاهرة ترافق مع"حركة الجهاد في أفغانستان"وبدعم من الحكومة الباكستانية آنذاك ومن دون اعتراض الادارة الأميركية. اليوم يطلب الغرب وتحديداً الولاياتالمتحدة الأميركية من الحكومة الباكستانية وضع يدها على ملف هذه المدارس. حلقة اليوم تتناول ظاهرة المدارس الدينية الباكستانية وأنواعها ومدى ارتباطها بجماعات العنف الديني. تشغل المدارس الدينية في باكستان تفكير معظم المهتمين في قضايا"الإرهاب"في العالم. وتكرس هذا الميل في أعقاب بدء حملات"الحرب على الأرهاب"في العام 2001، لكن لهذه المدارس تاريخاً يسبق هذه الحرب بسنوات لا بل بقرون. قبل هذه الحرب كان يشار الى ان هذه المدارس خرجت"قادة الجهاد في أفغانستان وكشمير"أما بعدها فصارت المدارس الدينية أو جزء كبير منها، المكان الذي يصنع"إرهاباً"ويورد الى الكثير من دول العالم. واذا كانت خاتمة صنائع المدارس الدينية قضية المسجد الأحمر، فإن تفجيرات لندن في العام 2005، التي نفذها مواطنون بريطانيون من اصل باكستاني، ارتبطت بدورها بنشاطات مدارس دينية باكستانية من خلال زيارة المنفذين لإحدى تلك المدارس قبل تنفيذهم التفجيرات، ناهيك بالمحاولات المتكررة لاغتيال الرئيس برويز مشرف والتي كشفت التحقيقات ان طلاباً في المدارس الدينية كانت لهم أدوار فيها، وصولاً الى حقيقة ان قادة حركة طالبان، وقادة"الجهاد"في كشمير المتنازع عليها بين الهندوباكستان، هم أيضاً خريجو مدارس دينية باكستانية. يبلغ عدد المدارس الدينية في باكستان بحسب التقديرات الرسمية نحو 13 ألف مدرسة تضم نحو مليوني طالب. وتعتبر قضية مناهج التعليم في هذه المدارس واحدة من العناوين الراهنة في الحياة السياسية في باكستان، إذ تصر الحكومة وبعض القوى السياسية"العلمانية"على ضرورة إجراء تعديلات في مناهج التعليم في هذه المدارس وعلى إشرافها على هذه المدارس لجهة التمويل وجنسيات الأساتذة والطلاب ومختلف النشاطات، في حين ترفض المدارس ذلك وتكتفي بإجراء بعض التعديلات الطفيفة على مناهجها ووظائفها. تتفاوت قدرات المدارس الدينية، ولكن غالباً ما تنشأ المدرسة، وتنعقد حول شيخ المسجد الذي يتحول الى"صاحب"للمدرسة المستحدثة والى مدير لها. والمدرسة الدينية ركن أساسي من أركان التصدر الاجتماعي والسياسي في باكستان، اذ حالما تلتقي نائباً أو عضواً في مجلس الشيوخ يخبرك بأنه يملك مدرسة دينية في قريته أو مدينته، إضافة الى ان سير الكثيرين من"أعلام الجهاد"وشيوخه تبدأ من إنشائهم مدرسة دينية. ويبدو ان الرئيس الباكستاني الأسبق ضياء الحق الذي حكم من عام 1977 الى عام 1988، لعب دوراً كبيراً في اتساع هذه الظاهرة وانتشارها. لكن معظم العهود التي أعقبت حكمه لم تبذل جهداً لوضع حد لها، لا بل اعتمدت عليها في الكثير من القضايا. وبقي هذا الوضع الى ان بدأت"الحرب على الإرهاب". يقول مولانا سميع الحق وهو صاحب الجامعة الحقانية في بيشاور، إحدى اشهر المدارس الدينية في باكستان:"تسعى الحكومة الى ممارسة الرقابة على برامجنا التعليمية، لكننا رددنا كل إصلاحاتها. نحن لن نقبل دعمهم ولا رقابتهم. فهم يريدون خراب نظام التعليم الإسلامي". ويضيف:"حتى الآن بقيت النيات الحكومية مجرد اقتراحات، ولم يحصل تدخل في المناهج، لكننا سنقاوم أي خطة مستقبلية لتنفيذ مآرب أميركا. فأميركا لن تعجبها مدارسنا حتى لو كنا ندرس القرآن فقط. في رأيهم ان الإسلام هو الإرهاب". من الواضح ان للمدارس الدينية في باكستان نفوذاً في الحياة السياسية يتعدى نفوذها الاجتماعي والديني، فحقيقة ارتباط هذه المدارس بعدد من الوظائف الأمنية لا مجال لدحضها. علماً ان توظيف السلطة نشاط هذه المدارس في"الجهاد الأفغاني والكشميري"انقلب بعد بدء"الحرب على الإرهاب"فتحول كثير منها الى نشاطات معادية للحكومة من دون ان تتمكن هذه الأخيرة من خوض معركة واضحة مع"عدوها"الجديد، اذ كانت هذه المدارس قد أرست خلال فترة تحالفها مع الحكومة شرعية يصعب تجاوزها. وبعيداً من الوظائف الأمنية و"الجهادية"لهذه المدارس، ثمة وظائف لا تقل خطورة وتتمثل في إنتاج أجيال من الشباب المنقطعي الصلة بالكثير من اوجه الحياة العصرية والمحتكمين الى فتاوى قديمة في تسيير شؤون حياتهم. ويشير عبد القادر وهو طالب التقته"الحياة"في إسلام آباد، الى"قدر كبير من الانقطاع عن العالم يعانيه طلاب المدارس الدينية"، ولكن هذا الطالب يعتبر ان"تجربة حركة طالبان في أفغانستان كانت واحدة من حركات خروج الطلاب من أسوار المدارس الدينية وتصديهم لتسيير الحياة الفعلية". ويمكن تلمس ملاحظة عبد القادر في شخصيات الكثير من طلاب المدارس الدينية ? وليس كلهم - في باكستان، لكن، يبدو ان هذه المدارس - أو بعضها على الأقل، تبلور استعدادات لشعور طلابها بالغربة حيال مظاهر الحياة العصرية. ويمكن رصد بعض الحيرة في وجوههم، ثم ان الإجابات البديهية المنتظرة على أسئلة تتعلق بالطعام والشراب والثياب والتقاليد، تحتاج حين توجه اليهم الى الكثير التدقيق والإحالة الى أحاديث وفتاوى لمشايخ غير معاصرين. ويقول حفيظ الرحمن الأعظمي وهو باحث وخريج إحدى المدارس الدينية:"من أهم خصائص هذه المدارس تربية المرتبطين بها على الجمود والحفاظ على التقاليد في كل شيء، بدءاً من الزي ومروراً بالأفكار والمناهج وانتهاء بالسلوك العام. فقلما تجد طلاباً يقبلون على شيء مغاير عما سمعوه من مشايخهم وأساتذتهم، فيصرون على الزي التقليدي الذي تعتبر العمامة جزءاً منه وعلى الحفاظ على المنهج الدراسي القديم الذي تسوده الألغاز في الكثير من المجالات". والبحث عن رابط بين متخرجي المدارس الدينية في باكستان وبين الاستعدادات للانخراط في جماعات جهادية، عبر لقاءات عابرة، ربما كان صعباً وفيه قدر من المبالغة، لكن الأكيد ان ثمة ما يفصل بين هؤلاء الطلاب وبين أنماط الحياة الحديثة، فيما يتولى العزل والبنى الذهنية المبنية على تقسيم العالم الى"ملتين"ملة الإسلام وملة الكفر، تعزيز الميول الى الانكفاء. ويتحدث عبد القادر عن البطالة في أوساط متخرجي هذه الجامعات، والى حال الإحباط الذي أدى ببعض زملائه الى انهيارات عصبية جراء اكتشافهم مدى عدم تطابق أشكال الحياة"العصرية"التي يعيشها أهلهم أو أقاربهم مع القيم التي رسخت في أذهانهم في المدرسة الدينية. ولا تخلو حيرة عبد القادر من اثر للعوامل التي أشار اليها، مع فارق انه يراجع طبيباً نفسياً يحدد له بعض ملامح أزمته. انقطاع عن الحياة في مدرسة دينية، يليه صدمة بالحياة خارجها، وبطالة ناجمة عن اقتصار المعارف على جوانب لا مكان لها في"الحياة الفعلية"للمجتمع. ويؤكد عبد القادر ان هذه الحال تصيب في شكل أو آخر"الملايين من خريجي المدارس الدينية في باكستان". هذه الحال تسبق محاولات تقسيم المدارس الدينية وتمييز وظائفها بين مدارس"ديوبندية"وأخرى سلفية أو"بريلوية"، أو تصنيفها بين مدارس"جهادية"وأخرى"علمية"أو تقليدية، وربما تختلط في المدرسة الواحدة وظائف وأوصاف مشتركة. فالجامعة الحقانية هي جزء من شبكة المدارس الديوبندية التقليدية وهي على رغم ذلك تولت تخريج عدد من قادة حركة طالبان الأفغانية والباكستانية. وجامعة حفصة في إسلام آباد التابعة للمسجد الأحمر ايضاً كانت جامعة ديوبندية تقليدية وعرف مؤسسها مولانا عبدالله البلوشي بعلاقاته بالحكومة، لكنها تعتبر في الوقت نفسه من الجامعات القريبة من"فكر القاعدة وطالبان". يضعف هذا الاختلاط في الوظائف والمعتقدات محاولات أصحاب المدارس التمييز بين مذاهبهم وأفكارهم وبين"الفكر الجهادي الذي تتبناه جماعات العنف والتطرف في شبه القارة الهندية". ثم ان دفاعهم هذا سرعان ما يتبدد خلف ما يقولون انه اعتقاداتهم. فمولانا سميع الحق يبادرك مباهياً بالسير الجهادية لطلاب جامعته، بدءاً من"أمير المؤمنين الملا عمر"وصولاً الى جلال الدين الحقاني. ثم ان الحدث الذروة لجهة تبدد الفروقات بين معظم المدارس الدينية تمثل في العام 2001 في إعلان هذه المدارس تعليق دروسها في شكل رسمي افساحاً في المجال أمام طلابها للتوجه الى"الجهاد"في أفغانستان، في بلد مشارك في هذه الحرب الى جانب التحالف الدولي. علماً ان نحو 8 آلاف طالب من هذه المدارس توجهوا الى أفغانستان في ذلك الوقت، وان عدداً كبيراً منهم عادوا الى المناطق الحدودية وهم يشكلون الآن ما يسمى بپ"طالبان الباكستانية". وغالباً ما تضم المدارس الدينية في باكستان الى جوار المسجد الذي نشأت حوله، مبنى لسكن الطلاب تظهر على شرفاته ملابسهم التي غسلوها وعلقوها على حبال الغسيل المنصوبة على الشرفات. أعداد من الطلاب تظهر في منطقة المغاسل حيث يتوضأون وآخرون في المسجد يتحلقون حول شيخ. اللحى والثياب متشابهة، ومتفاوتة بين مدرسة وأخرى. ويورد حفيظ الرحمن الأعظمي في بحث عن هذه المدارس، ملاحظات تتعلق ببعض الفوضى و"انعدام الترتيب والنظافة"في الكثير من المدارس:"تعتبر الفوضى وعدم النظافة في المسكن والملبس سمة في الكثير من هذه المدارس، فعندما تدخل اليها ستجد غرف الطلاب غير نظيفة وتفوح منها في الكثير من الأحيان روائح الطعام، ويعود ذلك الى عدم اهتمام إدارات هذه المدارس في تربية الطلاب على هذه الأمور". لكن التمييز بين مدرسة وأخرى في عملية إنتاج"الجهاد"قائم طبعاً بحكم العلاقة مع"الجماعات الجهادية"، على رغم اشتراك الكثير من المدارس في عملية تعزيز"الميول الجهادية". فثمة مدارس كثيرة تعتبر ان مسألة"الخروج على الحاكم"غير شرعية وان"الجهاد"هو جهاد ضد العدو الغريب والمحتل. ويبدو ان الكثير من الجماعات"الجهادية الكشميرية"مثل"عسكر طيبة"لشكر طيبة و"حركة تحريك المجاهدين"لا تمت الى هذا النوع من المدارس بصلة. في حين تختلط في المدارس الديوبندية الميول التقليدية بالنشاط"الجهادي"فيصعب التمييز في هذه الحال بين"المدارس المعسكرات"وبين"الجامعات العلمية". ثم ان تعاطي السلطات انتقائياً وفق المعطيات والظروف السياسية مع هذه المدارس يُصعِّب من عمليات الفرز. ففي إسلام آباد مدرسة أخرى مشابهة لجامعة حفصة التابعة للمسجد الأحمر، لجهة المجاهرة في الانحياز لتنظيم القاعدة وحركة طالبان. الجميع في إسلام آباد يشير الى دور هذه الجامعة في"التحريض على الجهاد"ولا يخلو هذا التحريض من دعوات الى"جهاد السلطة والجيش"من دون ان يعني ذلك تعرض السلطات الباكستانية لنشاطات هذه الجامعة ودعاويها. وفي هذا السياق يقول الكاتب الباكستاني علي مهر:"الحكومة والاستخبارات الباكستانية ما زالت تعتبر ان المدارس الدينية لا تشكل خطراً كبيراً على باكستان وان كان بعضها يشهد عمليات تدريب على السلاح. حتى الآن تعتبر السلطات ان هذه المدارس ستكون مفيدة بعد نهاية الحرب على الإرهاب وان خطرها على الداخل موقت. هناك ملفات ما زالت عالقة مثل ملف كشمير مع الهند، وهذه المدارس هي من يخرج جيوش المجاهدين في كشمير". تشكل المدارس الديوبندية نحو 70 في المئة من المدارس الدينية الباكستانية. والديوبندية ليست مذهباً فقهياً مستقلاً، فهي تنتمي الى المذهب الحنفي، ولكن التسمية اشتقت من بلدة ديوبند الهندية التي نشأت فيها أول مدرسة دينية في عام 1833 وأنشأها مولانا محمد قاسم نانوتوي. ولكن ما ميز الديوبندية أيضاً منذ بداياتها تصديها للشأن العام، خلافاً للمذاهب الأخرى في ذلك الحين، إذ تولى شيوخها الدعوة الى مقاومة الاستعمار البريطاني للهند في ذلك الحين، مع العلم ان مشايخ هذه المدرسة لم ينخرطوا في حركة استقلال باكستان عن الهند في النصف الأول من القرن الفائت. أما اليوم فيعتبر كل من زعيم جمعية علماء الإسلام مولانا فضل الرحمن ومدير الجامعة الحقانية مولانا سميع الحق ابرز ممثلين للمدرسة الديوبندية على المستوى العام. لكن المظهر الأبرز لهذه المدرسة في الحياة العامة في باكستان يعتبر حركة طالبان، فهذه الحركة الأفغانية نشأت في مدارس ديوبندية في باكستان في أوساط النازحين الأفغان أثناء الاحتلال السوفياتي وما أعقبه من حكم ل"المجاهدين"، ولذلك تعتبر حركة طالبان حركة ديوبندية، على رغم افغانيتها. مصادر وزارة الشؤون الدينية الباكستانية توزع مصادر تمويل المدارس الديوبندية الباكستانية على الشكل الآتي: 1- 55 في المئة من التمويل يقدمه محسنون باكستانيون يقيم معظمهم في كراتشي العاصمة الاقتصادية لباكستان. 2- الجاليات الباكستانية في بريطانيا واميركا ودول الخليج العربي. 3- مؤسسات خيرية في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر، إضافة الى بعض المتمولين العرب. 4- الجالية المسلمة في القارة الأفريقية. وتعتبر قضية المدارس الدينية في باكستان واحدة من العناوين التي كانت ستُخاض الانتخابات حولها. فأحد أسباب الدعم الغربي لبينظير بوتو تعويل الغرب على قيام بوتو في حال فوزها بخطوات"شجاعة"في مجال الحد من تأثير هذه المدارس في"إنتاج"العنف. لكن مخاوف الإسلاميين من هذه الميول يفوق ما يمكن ان ينجم عن فوز بوتو فيما لو بقيت على قيد الحياة. فملف هذه المدارس مرتبط في عرف الدول التي تخوض"الحرب على الإرهاب"بتزويد الجماعات المتطرفة في كل العالم بفدائيين مستعدين لتلقي فتاوى نصت على ان الغرب كله"دار حرب". ومن الواضح ان ملاحظات الولاياتالمتحدة الأميركية على حليفها الرئيس برويز مشرف تتضمن"عدم تصديه بشجاعة لدور المدارس الدينية". والانعطافة التي ستنجم عن الانتخابات الباكستانية فيما لو حصلت كانت ستحمل جديداً من دون شك على صعيد هذه المدارس التي لازمت شبه القارة الهندية منذ اكثر من قرنين، والتي ازدهرت برعاية رسمية وغربية في فترة"الجهاد ضد السوفيات"الى ان انفجرت في وجه رعاتها في عام 2001 وما أعقبه من سنوات"الحرب على الإرهاب". "الجماعات الكشميرية"... تنتظر معاودة"الجهاد" أجبرت باكستان على إقفال ملف"الجهاد"في كشمير في أعقاب بدء الحرب على الإرهاب، لكن الملف الكشميري ما زال واحداً من عناصر المشهد المتحرك في باكستان. فالهند وهي الحليف الأول للولايات المتحدة الأميركية في شبه القارة الهندية، نجحت في استثمار"الحرب على الإرهاب"في الملف الكشميري. أما باكستان التي أنتجت قنبلتها النووية في مواجهة القنبلة الهندية قبل أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001، فيبدو رضوخها للضغوط الأميركية والهندية في الإقليم المتنازع عليه، موقتاً، بدليل عدم حسمها قضية المنظمات المسلحة التي نشأت في رعايتها خلال سنوات الجهاد الكشميري. صحيح ان باكستان أعلنت حظر نشاط معظم هذه التنظيمات، لكن ثمة أسماء بديلة ونشاطات موازية ما زالت مستمرة. هذا الوضع المعلق يشعرك بأن الملف الكشميري لم يغلق تماماً. أعمال العنف في كشمير تراجعت بنسبة كبيرة، والشريط الشائك المكهرب الذي نصبته الهند على طول الحدود في كشمير ونشرت حوله نحو 700 ألف جندي، لا يشهد الكثير من محاولات التسلل منذ سنتين تقريباً. لكن هذا الهدوء يشوبه الكثير من الانتظار. الهند تنتظر تراجعاً باكستانياً عن التعهدات التي قطعت للولايات المتحدة الأميركية، والجماعات"الجهادية"في كشمير تنتظر أيضاً تراجع الحكومة عن هذه الالتزامات لتباشر نشاطها من جديد، والحكومة الباكستانية تنتظر انتهاء الولاياتالمتحدة من حربها على الإرهاب لكي تتحرر من الضغوط في شأن كشمير. وفي الملف الكشميري يستحضر السلاح النووي بسهولة بصفته سلاحاً رادعاً وضامناً. فالأمين العام لحزب الرابطة الإسلامية جناح برويز مشرف مشاهد حسين قال لپ"الحياة":"من حق باكستان ان يكون عندها قنبلة نووية في مواجهة قنبلة جارتنا الهند. انه سلاح ردع ولن نسمح لأي قوة بالمساس به او بصانعيه، وسنظل نحتفظ بالدرجة المقبولة من توازن القوة". اما في الموضوع الكشميري فأكد ان باكستان تعول على القرارات الدولية الصادرة في هذا الصدد. وملف كشمير هو بدوره جزء من اللعبة الانتخابية في باكستان، حيث يمثل بنداً ثابتاً في البرامج الانتخابية للأحزاب، ويقول القيادي في حزب الشعب الباكستاني بابور اعوان ان"الشعب ممثلاً بالراحل ذو الفقار علي بوتو هو من أبرز القضية الكشميرية في اتفاقية شملا التي اعترفت فيها الهند بأن كشمير منطقة متنازع حولها. وحزب الشعب سيواصل المفاوضات لحل القضية الكشميرية". لعل إشارة بابور الى"المفاوضات"تعكس اختلاف توجهات القوى الباكستانية في تناول الوضع في كشمير، فالرئيس مشرف نقل القضية من يد"المجاهدين"الى أيدي المفاوضين بفعل الضغوط الأميركية فقط، وهو ما زال يحتفظ بهياكل لتنظيمات مستعدة لاستئناف"الجهاد". فالجماعات الكشميرية الثلاث التي تم حظرها وهي"عسكر طيبة"وپ"حركة المجاهدين"وپ"جيش محمد"ما زالت موجودة وهي تنشط في المدن الباكستانية بعد ان استبدلت أسماءها وأصبحت على التوالي"جماعة الدعوة"وپ"جمعية الأنصار"وپ"خدام الإسلام". علماً أن جماعات أخرى لم تحظر أصلاً كپ"حزب المجاهدين"وپ"منظمة البدر"وپ"حركة الجهاد الإسلامي". مكي:"عسكر طيبة"انتقل إلى الجهاد في كشمير المحتلة تعتبر جماعة الدعوة في باكستان الفصيل الأم ل"عسكر"طيبة، الفصيل"الجهادي"الرئيس في كشمير الذي اجبرت الحكومة الباكستانية على حظر نشاطه بفعل الضغوط الهندية والأميركية. وهنا حديث سريع مع الناطق باسم هذه الجماعة الشيخ حافظ عبد الرحمن مكي: كيف تصف لنا الوضع في كشمير هذه الأيام؟ - الوضع في كشمير سيء جداً. الحكومة الباكستانية تراجعت عن موقفها الداعم للجهاد هناك بفعل الضغوط الأميركية والهندية. وتقوم الهند الآن بممارسة ابشع المظالم بحق الشعب الكشميري. لكن الحركة قائمة ومستمرة وكل يوم هناك عمليات والمجاهدون يؤدون واجبهم. صحيح ان العمليات تراجعت لكنها لم تتوقف. ونقول للحكومة الباكستانية ان المفاوضات مع الهند لن تجدي نفعاً وعليها العودة الى موقفها القديم. حظرت الحكومة الباكستانية نشاط تنظيم عسكر طيبة وانتم جماعة الدعوة تعتبرون الجناح السياسي ل"عسكر طيبة"فهل ما زال لكم نشاط مسلح؟ - عندما اعلن الحظر لجأ اعضاء جماعة"عسكر طيبة"الى الجزء المحتل من كشمير واستأنفوا نشاطهم من هناك، ولهم متحدث رسمي يدعى عبدالله غرنفي. نحن لم نغير اسمنا، نحن جماعة الدعوة، وعسكر طيبة كانت جزءاً منا وهي انتقلت الآن للجهاد في كشمير. اذاً انتم تقاتلون اليوم داخل كشمير الهندية؟ - الكشميريون هم الذين يقاتلون وليس نحن، واذا كان بعض الشباب يتسلل من كشمير الباكستانية الى كشمير الهندية فنحن نساندهم بالمعنى الفكري والثقافي والديني فقط. حركة تحرير كشمير ليست حركة ارهابية، فهذه القضية عمرها اكثر من 50 سنة وصدرت بصددها قرارات دولية لم تلتزم الهند بها، علماً ان برويز مشرف نفسه كان يقول ان على الحكومة الأميركية ان تميز بين الإرهاب وبين المقاومين في كشمير. من من الأحزاب في باكستان ترونه قريباً من شعاراتكم؟ - نقول ان أي حزب باكستاني ينادي بتحرير كشمير قريب من. نحن لا نخوض الانتخابات، ولكن ربما كان نواز شريف قريباً منا، والكثير من قادة حزب الشعب ايضاً. اما الأحزاب الدينية فهي أحزاب سياسية وليست دينية. لكن في النهاية نحن لا نؤمن بالانتخابات ولا ندعو في الوقت نفسه الى مقاطعتها. ولا نؤمن بالجهاد في الدول غير المحتلة، بل في كشمير وافغانستان والعراق. العمليات الأنتحارية في البلدان الإسلامية ليست جهاداً. جدول يوضح زيادة المدارس الدينية التابعة للمدارس الفقهية من العام 1988 الى العام 2002 توزع المدارس ديوبانديه بريلوي أهل الحديث الشيعة الجماعة الإسلامية الإجمالي 1988 2002 1988 2002 1988 2002 1988 2002 1988 2002 1988 2002 1889 7000 717 1585 161 376 47 419 98 500 2801 9880 توزع المدارس الدينية على الاتحادات الفقهية السائدة في باكستان حتى العام 2000 أسم الاتحاد المدرسة الفكرية المقر الرئيسي سنة التأسيس عدد المدارس التابعة وفاق المدارس ديوباند ملتان 1959 7738 العربية تنظيم المدارس بويلوي لاهور 1960 2363 وفاق المدارس فيصل آباد 1955 1310 السلفية وفاق المدارس الشيعة لاهور 1959 371 الشيعية رابطة المدارس الجماعة الاسلامية لاهور 1983 218 الاسلامية المجموع 12000