أعاني من التنميل في اليدين والقدمين، وأحياناً من البرودة في الأطراف، فما هو سبب التنميل؟ وما علاجه؟ التنميل في الأطراف، الذي يسمى علمياً بالخدر، عارض كثير الحدوث، وما من شخص إلا وعانى منه ولو لمرة واحدة في حياته، خصوصاً عند اتخاذ وضعية جلوس خاطئة أو الجلوس لفترة طويلة او النوم في وضع سيئ أو وضع رجل على رجل أو في حال البقاء في وضعية القرفصاء طويلاً، ففي مثل هذه الحالات يحدث الخدر بسبب الضغط الموضعي على العصب أو الوعاء الدموي الذي يغذي الأطراف، وهو خدر موقت يذهب بمجرد زوال الضغط عن العصب أو الوعاء الدموي. ومن أكثر الإصابات التي تؤدي الى التنميل متلازمة النفق الرسغي، إذ يأتي المصاب الى العيادة حاملاً معه السيناريو الآتي: التنميل والألم والوخز يشبه وخز الإبر في أصابع اليد تشمل الإبهام والسبابة والوسطى ونصف البنصر، ويشكو بعضهم من انتفاخ في هذه الأصابع على رغم عدم وجوده في الواقع، وقد يحدث الألم في معصم اليد وينتشر الى المرفق، وكثيراً ما تشتد حدة الألم والوخز ليلاً الأمر الذي يؤدي الى الاستيقاظ من النوم خصوصاً عندما يكون مستوى اليد أخفض من باقي الجسم، ويزيد الألم مع استعمال اليد، ومع مرور الوقت تبرز الصعوبة في حمل الأشياء وتصبح الأصابع وقبضة اليد ضعيفة. ان العوارض السالفة الذكر توجه الطبيب الفاحص نحو وجود متلازمة النفق الرسغي، وفي الإمكان إثارة الألم والوخز لدى جعل اليد أدنى من مستوى الجسم، وقد تتدخل المتلازمة في الحياة اليومية للشخص الى درجة أنها تمنعه من ممارسة نشاطات بسيطة مثل الحلاقة والخياطة وضم أزرار القميص وحمل الأغراض وغيرها. المعروف ان العصب المتوسط لليد يعبر في ممر عظمي ضيق في المعصم يعرف بالنفق الرسغي، ويتألف هذا النفق من عظام وأوتار عضلية وأربطة وأغشية، وفي الحال العادية يمر العصب المتوسط في هذا النفق بحرية، ولكن لسبب أو لآخر، قد تتورم محتويات النفق محدثة ضغطاً على العصب فيبدأ الشخص بالمعاناة من متلازمة النفق الرسغي وما يرافقها من عوارض مزعجة، وتطاول هذه المتلازمة الرجال والنساء في الشريحة العمرية من 30 الى 50 سنة، لكنها أكثر وقوعاً لدى الجنس الناعم، وتشاهد الإصابة في طرف واحد أو في الطرفين معاً. أما في شأن الأسباب المؤدية الى متلازمة النفق الرسغي فمنها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف، ومن الأسباب المعروفة نذكر: - كسل الغدة الدرقية الذي يسبب احتباس الماء. - كسر أحد العظام الصغيرة التي تدخل في تكوين النفق الرسغي. - القيام بحركات متكررة للرسغ واليد كما الحال عند عازفي الموسيقى ومستخدمي الكومبيوتر والعاملين على الحفارات اليدوية والمشتغلين في التطريز والخياطة. - مرض الروماتويد الذي يؤدي الى التهاب محتويات النفق الرسغي. - الحمل الذي يسبب احتباس السوائل في الجسم. - السمنة المفرطة. إلا أن الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي قد تحدث لأسباب لا يمكن معرفتها. ويتم تشخيص المتلازمة بناء على القصة السريرية التي يحكيها المريض، وقد يحتاج الطبيب أحياناً لإجراء بعض الاختبارات التي تمكن من وضع النقاط على الحروف. كيف تعالج متلازمة النفق الرسغي؟ ومن المهم التشديد على ضرورة علاج مشكلة متلازمة النفق الرسغي باكراً لأن إهمالها سيجعل الشفاء صعباً نوعاً ما. اذا كان الحمل هو السبب في اندلاع أزمة متلازمة النفق الرسغي فإن هذه تزول في العادة بعد الولادة. أما اذا كان السبب كسر أحد عظام النفق الرسغي أو التهاب في محتوياته او كسل الغدة الدرقية أو السمنة، فإن اصلاح هذه الأسباب يأتي بالحل المنشود. ان اعطاء الراحة لمعصم اليد، ووضع الكمادات الباردة، وتناول العقاقير المضادة للروماتيزم، والحقن الموضعي بالكورتيزون، تسهم عادة في تهدئة العوارض الناجمة عن متلازمة النفق الرسغي، وقد يفيد أحياناً اعطاء الفيتامين ب 6 في تحسين العوارض شرط عدم تناول أكثر من 200 ملغ في اليوم. أما في حال عدم الحصول على النتيجة المنتظرة، فعندها تتم الاستعانة بالليزر من أجل تنشيط العصب المتوسط وزيادة تدفق الدم العابر في النفق الرسغي. وهناك أيضاً الحل الجراحي الذي يهدف الى تحرير العصب من الضغط الذي يمارسه عليه الرباط المستعرض الموجود في سقف النفق الرسغي، وهذه الجراحة تجرى في شكل مفتوح او بواسطة المنظار. ومن الأسباب الشائعة للخدر في الأطراف، الداء السكري. ان ارتفاع نسبة السكر في الدم يؤدي الى إلحاق الضرر بالأوعية الدموية التي تغذي الأعصاب. ان ما يقارب 70 في المئة من المصابين بالداء السكري لديهم أذيات عصبية تطاول غالباً أعصاب القدمين واليدين ما يؤدي الى التنميل والحرقة والألم في نهايات الأطراف. ان اهمال مداواة الأذية العصبية إضافة الى التروية الدموية السيئة في القدمين يمكن ان يؤديا الى البتر، ويعتبر الداء السكري السبب الأول للبتر في الولاياتالمتحدة، من هنا ضرورة ان يعتني مريض السكري بقدميه بارتداء الجوارب المريحة وانتعال الأحذية المناسبة والتقيد بنصائح الطبيب بحذافيرها في ما يتعلق بصحة القدمين. والى جانب متلازمة النفق الرسغي والداء السكري، هناك أيضاً متلازمة الساقين غير المستقرة التي يعطي المصابون بها أوصافاً متباينة لها، فبعضهم يحس بالتنميل والفتور في الرجلين، وآخرون يشعرون بأشياء تزحف الى أطرافهم السفلية، وغيرهم يصف معاناته في صورة آلام مبهمة في الساقين، وهناك من تداهمه رغبة ملحة لتحريك الرجلين وقت النوم. ومتلازمة الساقين غير المستقرة، التي وصفها للمرة الأولى الدكتور توماس ويليس في عام 1685، يمكن ان تحدث في أي وقت من اليوم، لكن يغلب وقوعها أثناء النوم، ولا يرتاح أصحابها إلا بتحريك الساقين أو بالنهوض أو بالمشي الأمر الذي يؤدي الى اضطرابات في النوم فيعاني هؤلاء من الإرهاق والنعاس والتعب المزمن وصعوبة في إنجاز المهمات والأعمال بسبب عدم القدرة على التركيز. أغلب حالات متلازمة الساقين غير المستقرة لا يعرف سببها الفعلي، وفي حوالى ربع الحالات هناك سبب وراثي. وفي كل الأحوال تكثر مشاهدة المتلازمة لدى الفئات الآتية: - المصابون بمرض السكري. - المدمنون على المشروبات الكحولية. - الذين يعانون من الفشل الكلوي. - المصابون بتصلب وتضيق في شرايين الطرفين السفليين. - الذين يعانون من فقر الدم بنقص الحديد. إن التنميل في أصابع اليدين والرجلين قد ينتج من مشكلة في العمود الفقري، سواء في الفقرات القطنية أو العنقية، كما نراه التنميل أيضاً في الإصابة بنقص الفيتامين ب 12 ونقص معدن الماغنيزيوم وفي الكثير من الأمراض العصبية وحتى في بعض الأمراض النفسية. وقد تعاني الحامل في الأشهر الأخيرة للحمل من بعض التنميل في الأطراف السفلية بسبب ضغط الرحم على الأعصاب المغذية للساقين. ان التنميل في الأطراف عارض شائع وليس مرضاً. والتنميل الموقت الذي يزور صاحبه من وقت لآخر بسبب أوضاع جسدية سيئة لا خوف منه، فهو يزول تلقائياً متى انتهت الوضعية غير المناسبة. أما التنميل المستمر الذي يلازم المصاب به كظله، فهذا يجب أخذه في الحسبان ومن الضروري استشارة الطبيب في شأنه لأنه قد يخفي وراءه ظروفاً ساخنة.