اعتبرت مؤسسة "ميريل لينش "أن تراجع الدولار من الذروة التي بلغها في 2002 يمثل "رد فعل على الصعود الذي حصل من 1997 الى 2002". وأن انخفاض العملات المرتكزة على الموارد سببه أسعار السلع المخفوضة وتراجع اليورو بحدة، بعدما سُعّر أعلى بكثير من قيمته لدى إطلاقه في 1999، والضرر الجسيم الذي لحق بالعملات الآسيوية خلال الأزمة التي عصفت بها نهاية تسعينات القرن الماضي. واعتبر فريق"ميريل لينش"مخطط العملات أن الدولار"سُعّر بأعلى من قيمته في آذار مارس 2000، لكنه لم يصل الى أقصاه إلاّ في آذار 2002 ، عندما بلغ 16 في المئة أعلى من سعره العادل". ولفت الى أن هذا المستوى"هو الأعلى الذي بلغه، متجاوزاً المستوى المسجل عام 1985 ، عندما أقرّ اتفاق"بلازا"ضرورة بذل جهد عالمي منسّق لخفض سعره". لذا، استنتج الفريق من هذه الوقائع أن"كل ما حصل للدولار في تراجعه المهم في السنوات الخمس الأخيرة، هو التوصل الى سعر عادل في مقابل عملات الشركاء الرئيسين في التجارة للولايات المتحدة". وشددت"ميريل لينش"على أهمية دور أسواق العملات، لأنها في الأساس"تساعد على إعادة توزيع النمو الاقتصادي في العالم. وعندما كان الدولار قوياً خلال السنوات 1997 - 2002 كان"اقتصاد الولاياتالمتحدة هو الأبرز عموماً"، فيما واجهت كندا واستراليا ونيوزيلندا واميركا"أسواق سلع ضعيفة، وحاولت أوروبا القارية التأقلم مع التغيير الحاصل لعملاتها، وكانت آسيا تنهض من أزمتها". وهكذا ساعد صعود الدولار على"تحويل النمو الى جهات أخرى من العالم، الى درجة أن العجز في الحساب الجاري في الولاياتالمتحدة بلغ رقماً قياسياً مشكلاً 6.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي نهاية 2005". ولاحظت"ميريل لينش"أن تراجع سعر الدولار بنسبة 25 في المئة في السنوات الخمس الأخيرة كان"مؤلماً للسياح الأميركيين في أوروبا، لكن ذلك أثّر كثيراً في التنافس على التصدير". إذ"انخفضت منذ 2002 تكلفة اليد العاملة في الولاياتالمتحدة بالنسبة الى شركائها التجاريين الكبار 27 في المئة، نتيجة انخفاض الدولار". ورأت أن 95 في المئة من التحسّن النسبي في التكلفة"ناتج مباشرة من تآكل قيمة الدولار". وأشارت الى"تحسن قوي في التنافس الصناعي في الولاياتالمتحدة المرتكز على نسبة تكلفة اليد العاملة، لم يبلغه في العقود الثلاثة الأخيرة". وأن انزلاق الدولار في تراجعه،"يمثل ردّ فعل لما كان بلغه من مغالاة منذ 5 سنوات". وهذا التطور في العملات بين غالية ورخيصة قياساً الى قيمتها تمرّ في فترات تراوح دوراتها بين 4 او 5 سنوات. وسمح ردم الفجوة للحساب الجاري بخفض العجز الذي كان بلغه نهاية 2005 من نحو 7 في المئة الى نحو 5 في المئة الآن والى 3 في المئة اذا لم يُحتسب النفط. وتوقعت"ميريل لينش"إقبالاً على الاستثمار في الولاياتالمتحدة لم تشهده منذ 2000، عندما كان سعر الدولار يتجه الى أعلى من قيمته. إذ ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في الولاياتالمتحدة الى نحو 16 في المئة في 2006 ، وتسارع في 2007، إذ يمثل معدل 16 في المئة أكثر من خمسة أضعاف نمو الناتج المحلي الحقيقي". ولفتت الى"علامات مبكرة"لهذا الانتعاش في الاستثمار الخارجي المباشر من طريق"التحسن الحاد في تدفقات التجارة الدولية والمدفوعات". وأشارت الى أدلة على موجة أولية من"تبديل الاستيراد بالإنتاج الداخلي". وأصبح الاقتصاد في الولاياتالمتحدة في السنوات العشر الماضية"آلة استهلاكية، فسجّل الاستهلاك رقماً قياسياً بلغ 70 في المئة من الإنتاج الداخلي الإجمالي. وسبّب رواجاً في السكن، اذ قاربت نسبة ملكية المساكن عتبة ال 70 في المئة. كما ساعدت الآلة المالية على"إحداث اكبر حركة ائتمان، فوصل الدين الخاص، مقارنة بالإنتاج الداخلي الإجمالي، رقماً قياسياً بلغ 98 في المئة. وتزامن ذلك مع تراجع الاستخدام الصناعي الى أدنى مستوى في 55 سنة. كما ارتفع العجز في الحساب الجاري الى مستوى قياسي. وكان المستثمرون الأجانب ومن وقت غير قصير، اكثر رغبة في توظيف أموالهم في الأصول الورقية الأميركية اكثر من الأصول العينية".