كشف مسؤول كبير في البنك الدولي ل "الحياة" عن استراتيجية جديدة للمؤسسة الدولية تعتمد على التحالف مع مؤسسات وشركات خليجية كبيرة خصوصاً من السعودية والإمارات، لاختراق الأسواق الأكثر فقراً في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، ودعم جهود التنمية ومكافحة الفقر والبطالة في هذه الدول وتحسين مستويات المعيشة لغالبية أبنائها. تعتمد الاستراتيجية على محاور عدة بينها تقديم قروض لهذه المؤسسات والشركات بشروط مالية ميسرة لمساعدتها في تنفيذ مشاريع تخدم الفئات الأكثر فقراً، وتوفر سلعاً استراتيجية بأسعار منافسة وتساعد على تحسن البنية التحتية. كما ترتكز الاستراتيجية، التي تنفذها مؤسسة التمويل الدولية الذراع الاستثمارية للبنك، على تملك حصص في الشركات الخليجية المنفذة لهذا النوع من المشاريع. وأوضح مدير إدارة البنية التحتية في مؤسسة التمويل الدولية رشاد كلداني في تصريح خاص على هامش زيارته الأخيرة للإمارات لتوقيع اتفاق في هذا المجال مع شركة"ماتيتو أوفرسيسز"مقرها الإمارات وتنتشر في دول العالم، ان البنك الدولي وجد ان الشركات الخليجية تشكل"أفضل قناة لخدمة البيئات الفقيرة في المنطقة ودعم جهود التنمية من خلالها لتركزها فيها من جهة، وقدرتها على تنفيذ مشاريع مهمة في زمن قياسي، وتخلصها من أعباء البيروقراطية التي تعاني منها بيئات عمل كثيرة في هذه الدول، فضلاً عن تطور أنظمتها وأساليب عملها". ورجح كلداني حجم استثمارات البنك الدولي في المنطقة خلال 2007 و2008 ب"نحو 2.5 بليون دولار"، وان مجالات البنية الأساسية والطاقة والمياه والخدمات الصحية"استأثرت بالحصة الأكبر من هذه الاستثمارات". وتوقع تركيزاً أكبر خلال السنة المقبلة على البنية الأساسية، إذ تساهم في بناء مطار في الأردن ومحطات طاقة في باكستان وموانئ في مصر. كما ستواصل المؤسسة المساهمات في مشاريع كبيرة في قطاع المال وتمويل العقارات وقطاع السياحة، الى تقديم النصح للحكومات. وقدر حصة الشرق الأوسط من إجمال المساهمات المالية لمؤسسة التمويل الدولية بنحو 15 في المئة، إذ انخرطت المؤسسة في قروض بقيمة 8.2 بليون دولار إضافة الى مبالغ بقيمة 3.9 بليون دولار مساهمات في قروض وهياكل تمويلية ل 299 مشروعاً في 69 دولة نامية، اضافة الى خدماتها الاستشارية الى 97 دولة. واعتبر مدير دائرة البنية التحتية في مؤسسة التمويل الدولية الاتفاق الأخير"أول استثمارات المؤسسة في قطاع المياه"، متطلعاً الى شراكة طويلة الأجل مع"متيتو"لإظهار كيفية مساعدة استثمارات القطاع الخاص لتواكب متطلبات النمو الاقتصادي، وتطوير الخدمات خصوصاً بالنسبة الى من هم في حاجة ماسة إليها". وعن مدى توافق تقديم قروض لمؤسسات خليجية غنية في دول نفطية غنية في ضوء فلسفة البنك الدولي لمساعدة الفقراء والدول النامية، رأى كلداني أن"لا تعارض بين الاثنين لأن تقديم هذه القروض هو لتنفيذ مشاريع في الدول النامية من خلال هذه الشركات، وسيصب العائد أخيراً في تحسين مستويات المعيشة للغالبية من أبناء هذه الدول". واعتبر رئيس"متيتو"معتز غندور أن نجاح الشركة في تنفيذ المشاريع بتكلفة معقولة"سيسمح لها بتقديم الخدمة أو السلعة للمستهلك في هذه الدول بأسعار في متناوله". وكانت مؤسسة التمويل الدولية وقعت اتفاقات مماثلة خلال السنة الماضية مع صندوق إنجازات للتكنولوجيا، ومجموعة مستشفيات السعودي - الألماني لبناء مستشفيات لخدمة الفقراء في عدد من دول المنطقة بينها اليمن وباكستان ومصر وغيرها. وشهدت دبي أخيراً توقيع اتفاق الشراكة بين كل من شركة"متيتو"العالمية المتخصصة في تحلية المياه ومياه الصرف الصحي ومعالجتها ومؤسسة التمويل الدولية لزيادة رأس مال الشركة وتمويل مشاريعها التوسعية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وتكتتب المؤسسة بموجب الاتفاق بنسبة 7.4 في المئة في أسهم"متيتو"، وتقدم قرضاً طويل الأجل يتيح للشركة تسريع عملياتها ودعم الزيادة في عائداتها المقدرة ب 250 مليون دولار. وكشف غندور ل"الحياة"أن استثمارات الشركة المتوقعة في إطار الشراكة"تزيد على 2.5 بليون دولار في السنوات الخمس المقبلة"، وأنها تضم ثلاثة أطراف أساسيين، البنك الدولي وشركة"متيتو"وشركة"غلف كابيتال"، التي دخلت في شراكة ثانية مع"متيتو"نسبتها 60 في المئة. وأعلن كريم الصلح ممثل"غلف كابيتال"، أن مصر والسودان والجزائر ولبنان وباكستان"ستكون ضمن قائمة أولويات الشركة في تنفيذ مشاريع المياه والبنية التحتية خلال الفترة المقبلة". ولفت الى الكثافة السكانية المرتفعة في هذه الدول، فضلاً عن أن المصارف العاملة فيها"لا تفضل تقديم قروض فيها كما هي الحال في دول الخليج، ما يعوق تنفيذ المشاريع الخدمية على الشكل الأمثل". وتوقع تقرير للبنك الدولي أن تشهد منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا"تراجع إمدادات المياه 50 في المئة لكل شخص بحلول عام 2050، مع ما يمكن ان يتركه ذلك من انعكاسات على مياه الآبار والمياه الجوفية الطبيعية". ورجح"تغيّر الطلب على الموارد المائية وخدمات الري، مع التطور الذي تشهده البنية الاقتصادية والسكانية في المنطقة في العقود المقبلة، فضلاً عن بروز الحاجة الى معالجة التلوث الصناعي والمدني". ولاحظ التقرير ان نحو 60 في المئة من مصادر مياه المنطقة تمر عبر الحدود الدولية، ما يزيد تعقيدات التحدي الماثل أمام كيفية إدارة مصادر المياه.