اضطر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى الاعتذار بعدما دعا الى استقالة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في هفوة محرجة بعد زيارة الى بغداد كان القصد منها التقارب بين فرنساوالعراق. وقال كوشنير"اذا كان رئيس الوزراء العراقي يريدني ان اعتذر لتدخلي في الشؤون العراقية بهذه الطريقة المباشرة، فانني افعل ذلك بكل طيبة خاطر". وطلب المالكي الاحد اعتذاراً من فرنسا كما انتقد السناتور الاميركية هيلاري كلينتون وزميلها كارل ليفن اللذين دعيا ايضا الى اقالته. وفي تصريحات غير معهودة على لسان مسؤول فرنسي قال كوشنير المعروف بصراحته قبل يومين في مقابلة مع مجلة نيوزويك الاميركية"يعتقد كثيرون انه يجب تغيير رئيس الوزراء العراقي. وان كنت لا أعرف ما اذا كان هذا سيحدث، لان الرئيس جورج بوش مرتبط بالسيد المالكي. لكن الحكومة لا تعمل". واضاف"اتصلت بوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس هاتفيا وقلت لها"لا بد من تغييره"". وذهب كوشنير الى حد اقتراح عادل عبد المهدي، وهو احد نائبي الرئيس العراقي ومتخرج من فرنسا، خليفة للمالكي. وفي حديث لاذاعة"ار تي ال"الفرنسية الاثنين حاول كوشنير تبرير موقفه بالقول"كان علي ان اقول، واكرر ذلك مرة اخرى، ان الامر يتعلق بتصريحات صدرت عن اناس تحدثت معهم وكنت جئت بالتحديد لسماعها". وتابع"فاذا اسيئ تفسيرها، فانا آسف لذلك". مضيفاً"لكنني اكرر ان ذلك لا يغير شيئا في الوقائع. لست الوحيد الذي يقدم بعض الانتقادات لبؤرة توترات وتجاوزات يومية تثير استنكار العالم". وتنسجم هذه التصريحات ضمنا مع انتقادات واشنطن والقائلة إن المالكي عاجز عن القيام بمصالحة بين الشيعة والسنة والاكراد. وانسحبت من الحكومة"جبهة التوافق"السنية والتيار الصدري و"القائمة العراقية"بزعامة اياد علاوي، واستقال 17 وزيراً من اربعين، او هم يقاطعون اجتماعات الحكومة. وقد يؤثر هذا الجدل الذي نشب بعد ايام قليلة من الزيارة المفاجئة التي قام بها كوشنير الى بغداد، على ارادة باريس فتح مرحلة جديدة في علاقاتها مع العراق. وكانت هذه اول زيارة يقوم بها مسؤول فرنسي منذ اجتياح القوات الاميركية العراق عام 2003 الذي عارضته فرنسا بشدة في عهد الرئيس جاك شيراك. وتنوي باريس الاصغاء الى مختلف المعنيين بالازمة العراقية والقيام بدور"الوسيط"كما اقترح كوشنير للمساعدة على"تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم على قاعدة صلبة". وأعلنت فرنسا استعدادها لمساعدة الشرطة العراقية على مواجهة العنف السائد في البلاد لكن من دون ارسال جنود. ودعت باريس ايضا الى التزام اكبر من الاممالمتحدة والاتحاد الاوروبي في العراق. وانتقد المالكي فرنسا بشدة واتهمها بالانحياز الى انصار الدكتاتور السابق صدام حسين. وقبل ذلك رفض الرئيس جلال طالباني فكرة باريس عقد مؤتمر بين الاطراف العراقية على غرار ما تم مع الفرقاء اللبنانيين في تموز يوليو قرب باريس. الا ان كوشنير نفى قطعا انه عرض مشروعا من هذا القبيل. وكان الرئيس نيكولا ساركوزي اشاد بزيارة كوشنير القادم من صفوف الحزب الاشتراكي، الى بغداد واعتبرها"عملا مميزا". لكن الحزب الاشتراكي اتهم كوشنير"بافتقاره الى المهنية"في تصريحاته الى"نيوزويك"، وانتقدت بعض شخصيات المعارضة زيارته الى بغداد معتبرة اياها بمثابة انحياز باريس الى الولاياتالمتحدة.