هل بات من المستطاع التلاعب في المواد الكيماوية التي تنظّم عمل الأعصاب في الدماغ، بطريقة تضمن شفاء الانسان من بعض الاضطرابات النفسية - العقلية؟ هذا ما اقترحته مجموعة من العلماء الأميركيين الذين عكفوا على دراسة التغييرات التي تحدث في كيمياء المخ، عقب تعرض الانسان لحوادث تترك أثراً نفسياً وعقلياً قوياً، مثل الكوارث الطبيعية والحروب والاغتصاب والتعذيب وحوادث الارهاب وتحطم الطائرات وغيرها. والمعلوم أن تلك الحوادث تؤثر في الناس بطرق عدة، حيث يعاني البعض قلقاً واضطراباً نفسياً شديداً، يستمر لفترات متفاوتة. وغالباً ما يشير العلماء الى هذا النوع من الأثر النفسي بمصطلح"اضطراب ما بعد الشِدّة النفسية"وهي ترجمة لعبارة Post Traumatic Stress Disorder واختصاراً"بي تي أس دي"PTSD . وأعلنت تلك المجموعة أن وقف تأثير أحد المركبات الكيماوية، بالأحرى أحد جزيئاتها المؤثرة، في مناطق معينه من الدماغ قد يُساعد في الشفاء من ظاهرة"بي تي أس دي". وبيّن البروفسور لي هيوي تساي الذي أعد الدراسة أن هذا البحث يبعث الأمل في تركيب أدوية لمعالجة ظاهرة"بي تي اس دي". من جانب آخر، ذكرت دراسة أجراها الجيش الاميركي في عام 2004 أن واحداً من بين 8 جنود أميركيين عانوا من حال"بي تي اس دي"بعد عودتهم من العراق. وفي السياق عينه، أوردت"هيئة الاذاعة البريطانية"أن"المعهد الوطني للعلاج السريري والصحي"قدّر بأن 5 من بين 100 رجل و 10 من بين 100 امرأة في المملكة المتحدة يعانون من"بي تي اس دي"في فترة من حياتهم. ولا تتوافر راهناً أدوية لعلاج هذه الظاهرة. ولذا، يعمد الأطباء الى وصف العلاجات المضادة للكآبة والمنومات للتخفيف من عوارض"بي تي اس دي"وما يتصل بها من مشاعر وانفعالات.