تواجه الزراعة اليمنية محنة جديدة قد تنسف النتائج المحتملة لموسم جيد افاد من الأمطار الغزيرة، تتمثل في غزو أسراب الجراد سواحله الشرقية والجنوبية - الشرقية في محافظاتحضرموت والمهرة وشبوة ومأرب والجوف. وأكد وزير الزراعة والري منصور أحمد الحوشبي أن الجراد الصحراوي الذي انتشر في بعض المحافظات اليمنية يشكل خطراً يهدد الزراعة التي تعتمد عليها غالبية الأسر في المناطق الريفية. وأشار إلى الاستعدادات والتجهيزات الفنية التي أعدت في اليمن لمواجهة خطر الجراد، والتي تتمثل بفرق المسح الميداني، ووسائل ومعدات وأجهزة مراقبة انتشار الجراد، مشيراً إلى التنسيق المستمر مع منظمة الأغذية والزراعة الفاو، والدول المجاورة لتقديم الدعم اللازم لليمن لمواجهة هذه المرحلة الصعبة. وكانت"الفاو"حذرت من أخطار ما يتعرض له اليمن من هجوم أسراب ضخمة من الجراد، هي الأسوأ منذ 15 عاماً، وانعكاسات ذلك على المحاصيل الزراعية والاقتصاد القومي. وقال الخبير في المنظمة الدولية كيث كريسمان، إن أسراب الجراد تنمو بسرعة كبيرة على مساحة تبلغ 75 ألف كيلومتر مربع داخل الأراضي اليمنية، مشيراً إلى ضرورة رش نحو 50 إلى 75 ألف هكتار من هذه الأراضي بالمبيدات. وحذرت المنظمة من أن الوضع يمكن أن يزداد سوءاً في الأيام المقبلة، جراء الأمطار والرياح الشديدة التي نجمت عن إعصار غونو، الذي ضرب سواحل سلطنة عُمان. وأشارت إلى أن الحكومة اليمنية بدأت رصد الأموال اللازمة لمواجهة المشكلة، إلا أن هناك حاجة ماسة لمزيد من المساعدات الدولية، للحيلولة دون انتشار الأسراب اكثر داخل البلاد وخارجها. وكشف مدير مركز مكافحة الجراد في اليمن عبده فارع الرميح عن أن حجم المخزون الإستراتيجي المتوافر لدى المركز لمواجهة غزو الجراد في المحافظات اليمنية لا يتجاوز 13 طناً من المواد الكيماوية، موضحاً إن تلك الكمية قد تغطي فترة محدودة قدرها بنحو 3 - 4 أسابيع فقط، فيما سيحتاج المركز إلى استئناف عمليات المكافحة الشهر المقبل. وكانت الأجهزة الحكومية المختصة بمكافحة الجراد دفعت بكل إمكاناتها البشرية والتقنية ومخزونها الإستراتيجي، لمواجهة خطر أسراب الجراد الصحراوي الذي ضرب المزارع الشرقية لليمن ويهدد انتشارها إلى مناطق المرتفعات بوقوع كارثة زراعية. وأعلن مدير المركز الوطني لمراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي في اليمن أن آخر فرق المسح الميداني التي شكلت من 13 فرقة دشنت مهامها الميدانية لمسح المناطق الموبوءة فعلياً بالجراد منذ صباح الخميس الماضي. وحول الإمكانات البشرية من الكوادر المختصة لتنفيذ مثل هذه المهام قال عبده الرميح إن عدد المختصين لدى المركز لا يتجاوز 45 شخصاً جرى تدريبهم خلال السنوات الماضية على مراقبة الجراد ومكافحته، ويحتاج كل شخص منهم إلى 6 معاونين آخرين عند تنفيذ مهامهم الميدانية، مشيراً إلى أن فرق المسح الميداني تمكنت خلال العام الماضي من مسح 4200 هكتار من المساحات الأرضية الموبوءة بالجراد. ويعدّ اليمن من الدول المحدودة الموارد الزراعية، إذ لا تتجاوز مساحة الأراضي الصالحة للزراعة 1.5 مليون هكتار أو ما يعادل 2.5 في المئة من إجمالي مساحة الدولة، ومع ذلك يعمل في القطاع الزراعي نحو 75 في المئة من القوى العاملة. وأشارت وزارة التخطيط الى أن قطاع الزراعة واجه تعثراً خلال الخطة الخمسية الثانية 2001 - 2005 ولم يتمكن من تحقيق مستوى النمو المستهدف وهو 6 في المئة، ولم يتجاوز متوسط النمو السنوي لناتجه المحلي 2.9 في المئة فقط. ويعاني قطاع الزراعة اليمني تحديات هيكلية تتمثل في محدودية الأراضي وندرة المياه وبالتالي تدني الإنتاج والإنتاجية، وتشتت المساحات المزروعة وعدم كفاية سياسات الدعم لصغار المزارعين، وازدياد حدة الضغط على الموارد الزراعية من أرض ومياه، ونمو الطلب على السلع الغذائية، ما يوسع الفجوة الغذائية، بخاصة في السلع الاستهلاكية الإستراتيجية التي لا يتجاوز الاكتفاء الذاتي منها 9 في المئة، اضافة الى ضعف كفاءة الري وتخزين مياه الأمطار وضعف نظم الإنتاج الحالية. وكان المركز اليمني لمكافحة الجراد تقدم الأسبوع الماضي بطلب لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو لتزويده بطائرتين مروحيتين لرش الجراد ومكافحته. وأفادت التقارير الميدانية أن أسرابا جديدة من الجراد غزت محافظتي الجوف ومأرب بكثافة كبيرة. وظلت أفضل طريقة واجه بها اليمنيون أسراب الجراد، اصطياده وأكله، كما ظل الجراد منذ القدم يمثل للكثير من اليمنيين وجبة لذيذة وشهية لاعتقادهم باحتوائه على فيتامينات ومواد غذائية كالبروتينات حتى أطلق بعض اليمنيين على الجراد اسم"جمبري الصحراء". وتواجه مكافحة الجراد في المناطق الشهيرة بإنتاج العسل في محافظتي شبوة والمهرة وبعض مناطق محافظة حضرموت، صعوبات بسبب انتشار المناحل فيها . ويعتبر المسؤولون اليمنيون أن ذلك يعمل على إعاقة جهود المكافحة حيث تحرص فرق المركز على عدم رش المبيدات في أماكن تنتشر فيها المناحل حفاظاً على هذه الثروة الوطنية.