"أطفالكم ليسوا لكم، أطفالكم أبناء الحياة"، بهذه الروح الجبرانية افتتحت الملكة رانيا العبدالله متحفاً متخصصاً للأطفال في حدائق الحسين في عمان. ولأن تعليم الأطفال ليس مجرد فرض مجموعة من المعارف والمفاهيم بل يتطلب تحضيرهم وإعدادهم منذ الصغر، لمواجهة متطلبات العالم الذي سيكبرون ويعيشون فيه، كما قالت الملكة رانيا في كلمة الافتتاح، صُمّم متحف الأطفال ليلبي احتياجات الناشئة من سن ال 14 وما دونها، الذين يشكلون نسبة 40 في المئة من سكان الأردن. يعرض في المتحف أكثر من 150 قطعة تفاعلية وحيوية، إضافة الى برامج تعليمية مبتكرة وحديثة تشجع على الإبداع. جسم الإنسان والتكنولوجيا والطبيعة، ثلاثة مواضيع أساسية دمغت قاعة المعروضات بطابعها الخاص، تاركةً للعناوين الفرعية من صحة، ولياقة بدنية، وفلك، وجيولوجيا، وبيئة وحضارة وضوء وبصريات ورياضيات وجو وطيران، مساحة كافية حتى يستطيع الطفل أن يختبرها بنفسه. وتطرح هذه المواضيع كافة وما يتعلق بها، في قاعة تشغل 7348 متراً مربعاً من المساحة الكلية للمتحف التي تصل إلى 20000 متر مربع. ويضم المتحف، حدائق خارجية ومساحات واسعة تحتوي على معروضات متخصّصة بمواضيع المياه والسفر والرحلات والعلوم والمسرح والألعاب وغيرها. كما فيه أماكن للتعلم من خلال اللعب، تستهدف الأطفال دون السنة الثالثة. في المكتبة المصمّمة بدقة، توجد قاعة عرض متعددة الأغراض تضم استوديو، وصالة للاحتفال بأعياد الميلاد، ومطعماً، ودكاناً. إذاً هي مرافق عدة يكفي زوارها التجول فيها وطلب المساعدة من الاختصاصيين في تربية وتنشيط الأطفال، ليقدموا لهم الخدمات والتسهيلات اللازمة للاستفادة والاستمتاع بوقتهم. يختصر المتحف عالماً بأكمله. عالمٌ يقدم للأطفال فرصة الاكتشاف والمشاركة في الكثير من النشاطات التفاعلية كإعادة تركيب ديناصور وبنائه. تصليح سيارة في كاراج متخصص يحتوي على جميع المعدات اللازمة. الإقلاع بطائرة لا تختلف عن الطائرة الحقيقية في شيء... كما يستطيع الطفل ركوب ظهر نحلة تحمله في جولة لجمع حبوب اللقاح من الأزهار، أو الجلوس بجانب هيكل عظمي يعكس حركات العظام الفعلية داخل جسم الإنسان... وبما أن الفلك من الموضوعات التي طالما جذبت الأطفال، أقامت إدارة المتحف قبة فلكية ليراقب فيها الزوار النجوم والأفلاك والنيازك والشهب والأجرام الفلكية. ويشبع المتحف رغبة الأطفال وحشريتهم البريئة في المعرفة بتأمين استوديو خاص يستطيع الطفل من خلال تقديم نشرة إخبارية. ولم ينس القيمون على المتحف بناء مسرح يقدم الطفل على خشبته عروضاً موسيقية وتمثيلية. تتنوع المعروضات والخدمات في المتحف، تلك التي تشجع الأطفال على المشاركة الكاملة في هذه النشاطات، وعلى التأمل والتفكير وأخذ قسط من الراحة، أو تلك التي تعج بالأضواء والحركة ونشاطات أخرى تحفز وتشجع على العمل بروح الفريق الواحد ووضع الاستراتيجيات والخطط. ولأن هدف المتحف يكمن في خلق بيئة تعليمية تفاعلية قادرة على تشجيع وتنمية الرغبة والتعلم المستمر لدى الأطفال وذويهم، كما أشارت المديرة العامة للمتحف السيدة هانية صلاح، فإنه يقدم طرقاً وأساليب مبتكرة تحضّ الطلبة والمعلمين وتتحدى قدراتهم وتساعدهم على اكتشاف المفاهيم المدرسية. متحف الأطفال مبادرة فريدة من نوعها رعتها الملكة رانيا العبد الله لتؤكد على اهتمامها والتزامها قضايا وصحة الأطفال ومتابعة تعليمهم ونشأتهم، فجاء خير مثال على مؤسسة تعزز وتشجع الأطفال وأسرهم علىالتعلم مدى الحياة وتقدم الخدمات إلى المدارس والمؤسسات التربوية والمجتمع الأردني عموماً.