فادي أصيب بالحمى. هرعت والدته إلى صيدلية المنزل وأعطته مضاداً حيوياً كان استعمله سابقاً، ولم ينفعه. فقال لها الطبيب إن صغيرها يعاني التهاباً جرثومياً لا ينفع فيه العقار الذي تناوله. ... منذ اكتشاف البنسلين وعزله كيماوياً استطاع العلماء أن يتوصلوا إلى تصنيع العشرات من المضادات الحيوية الفاعلة. ويتوافر حالياً في الأسواق حوالى 200 نوع من هذه المضادات، على شكل أقراص، أو كبسولات، أو شراب، أو حقن، أو مراهم، أو قطرات للأذن والأنف والعين. وهي تختلف عن بعضها بحسب تأثيرها على الميكروبة المسببة، فمنها ما هو فاعل ضد الجراثيم السلبية وأخرى تفيد في شكل عام تصنف المضادات الحيوية في خانتين، الأولى تضم المضادات الحيوية التي تقتل الجراثيم، أما الخانة الثانية فتنضوي تحتها المضادات الحيوية التي تحول دون نمو الجراثيم. وأمام الاستهتار والعشوائية في استعمال المضادات الحيوية، كان لا بد من لفت الأنظار الى عدد من الحقائق التي يتوجب على الأسرة معرفتها لتفادي الوقوع في مطبّات لا تحمد عقباها، وهي: ان المضاد الحيوي يجب أن يؤخذ وفقاً لتعليمات الطبيب بالضبط. فهذا المضاد يوصف بجرعة محددة، ولمدة محددة أيضاً، ويجب التقيد بهذين الشرطين بحذافيرهما، إلا إذا ظهر مانع ما يحول دون الاستمرار في تناول العقار. من المؤسف أن كثيرين يأخذون المضاد الحيوي بشيء من اللامبالاة إذ يتوقفون عن تناوله بمجرد التحسن أو هبوط الحرارة. وهذا التصرف خاطئ تماماً، لأنه يعطي الفرصة للجراثيم كي تصبح أشد شراسة من قبل. وأكثر من هذا، فإن الاستهتار في استعمال المضاد الحيوي سواء الإفراط في استخدامه، أو عدم أخذه بالجرعة المناسبة، أو عدم الالتزام بالفترة اللازمة للعلاج، كل هذه الأمور تفسح في المجال للجراثيم لتعزيز قدراتها الدفاعية، وبالتالي، تكتسب مناعة تمكنها من مقاومة بعض أنواع المضادات الحيوية، فتغدو هذه عديمة التأثير. يجب عدم الإصرار على الطبيب لوصف المضادات الحيوية، إذ إن غالبية الالتهابات هي من أصل فيروسي لا تنفع فيها المضادات الحيوية. لا يجوز إعطاء الطفل المضادات الحيوية بمجرد أنه أصيب بالسعال أو بوجع في الحلق، أو بنزلة برد، أو بسيلان من الأنف، فالفيروس غالباً ما يكون هو الذي يقف وراء مثل هذه الأعراض، وبالتالي فإن أخذ المضاد الحيوي هنا، لن يقدم ولن يؤخر في شيء، بل ان الاستعانة به هو مضيعة للوقت والجهد والمال. ان الإصابة الفيروسية تستغرق عادة من ثلاثة إلى خمسة أيام على وجه التقريب، ثم لا تلبث أن تتلاشى من تلقاء ذاتها من دون علاج. ومراجعة الطبيب تصبح ضرورية إذا واظبت الحرارة على ارتفاعها، أو زادت على حدها، أو عند ظهور علامات تنذر بحدوث التهاب رئوي. لا يجوز استخدام المضاد الحيوي من دون وضع التشخيص السليم، لأن هذا السلوك قد يقود إلى تغطية مرض آخر، خصوصاً داء التهاب السحايا الخطر جداً. لا يجوز تكرار المضاد الحيوي نفسه في حال ظهور أعراض مماثلة كان الطبيب وصفه لأجلها. ولا يجوز استخدام المضاد الحيوي إذا وُصف لشخص آخر. لا يجوز أخذ أدوية أخرى مع المضاد الحيوي من دون استشارة الطبيب، إذ ان بعض الأدوية قد تعرقل عمل المضاد الحيوي إما بمنعه من الوصول إلى الدم، أو بالإقلال من فاعليته.