الأسبوع الفائت، فيما احتفل الاتحاد الأوروبي بمرور 50 عاماً من السلام والحرية والتضامن، اختطف الحرس الثوري الإيراني 15 بريطانياً من المياه الإقليمية العراقية. وإذا صدقت دعاوي أوروبا في نفسها فماذا عليها ان تفعل؟ أين تضامنها؟ وما العمل؟ وصوغ الأزمة على هذا النحو قرينة على افتقاد أوروبا التضامن الغريزي التي يزعمه القادة الأوروبيون لها، خصوصاً في موضوع قواتنا المسلحة في الخارج. وإنني أراهن على ان الرهائن لا يرون انفسهم أوروبيين. وقد يتوقع معظم الشعب البريطاني رداً أقسى من الحكومة البريطانية، أو من الولاياتالمتحدة، أو الأممالمتحدة. ولكنهم لا يتوقعون مساندة قوية من القارة الأوروبية. وقد يفاجئهم ان يعلموا ان لأوروبا نفوذاً مباشراً وأقوى وطأة من نفوذ الولاياتالمتحدة في ايران. وفي صدد الأزمة، يحسب كثير من أوروبيي القارة انها ثمرة من ثمار التدخل الأنغلو - اميركي العسكري المتهور وغير الشرعي في العراق. ولو صدق ان الوجود الأنغلو - اميركي في العراق متهور وغير شرعية وأن اعتقال الأميركيين إيرانيين في العراق يذكي الجنون الأهوج لم يسوغ ذلك العمل الإيراني. فالقوات البريطانية كانت تؤدي مهمات موكلة إليها بما هي جزء من قوات الائتلاف العاملة بموجب طلب صريح من الأممالمتحدة في سبيل حماية منشآت النفط، ومنع تهريب الأسلحة الى العراق. وأثّر تخبط الدولة الإيرانية في الإحداثيات التي أعطتها الحكومة الإيرانية للبريطانيين وحددت بموجبها موضع القوارب البريطانية. وانقضت 3 ايام قبل أن يتقدم الإيرانيون بلائحة ثانية بإحداثيات"مصححة"تظهر عوم القوات البريطانية في الجهة الممنوعة. ولكن على أوروبا اتخاذ خطوة حازمة هي التلويح بقوتها الاقتصادية. فالاتحاد الأوروبي هو اكبر شركاء ايران التجاريين. وفوق 40 في المئة من واردات ايران مصدرها الاتحاد الأوروبي. وفوق ربع صادراتها يستوردها الاتحاد. وتحل ايران المرتبة الثالثة على لائحة المستفيدين من ائتمانات التصدير الأوروبية بعد روسيا والصين. وإيران أول دولة من حيث حجم الصادرات الألمانية - وهذه بلغت 65 في المئة في السنوات الأخيرة - إليها. فتضييق الخناق على ايران جراء عقوبات الأممالمتحدة وتداعياتها، وفشل الرئيس محمود أحمدي نجاد في إيفاء وعوده الاقتصادية الشعبوية، يعظمان دور التجارة الأوروبية في حفظ توازن النظام الإيراني. وفي مجلس العموم، سأل وزير الخارجية السابق، مالكولم ريفكيند، اذا كان في استطاعنا إقناع أصدقاء بريطانيا الأوروبيين، ولا سيما ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، بالتوجه الى الإيرانيين سراً، والقول لهم انهم يعلقون الائتمانات الى حين الإفراج عن الأوروبيين المحتجزين. وإذا لم تنجح الاتصالات السرية فربما أعلنت بريطانيا مقترحها في إطار رسمي، في اثناء اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين ببريمين وهذا هو التحدي الذي على الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي الاضطلاع به: هل تنفذون وعودكم؟ أم نعتبر ان خطابات يوم الأحد في التضامن الأوروبي حبر على ورق؟ عن تيموثي غارتون آش ، "غارديان" البريطانية 29 /3/ 2007