يقول ديبلوماسيون وخبراء اقتصاديون أن المصارف الأوروبية كفت عن تمويل المشروعات الايرانية الكبيرة، وتستجيب الدعوة الأميركية الى إحكام مقاطعة مالية ومصرفية حول ايران. والأميركيون، هذه المرة، لم يدعوا الى العمل بقوانينهم خارج حدودهم الاقليمية، على ما حاولوا في التسعينات، وأدى ذلك الى غضب الأوروبيين وإثارة حفيظتهم. فخاطبوا الشركات المساهمة، المتعاملة في بورصة وول ستريت، وحذروها مما يجره عليها عملها في ايران من صناديق الأموال والاستثمارات الأميركية. وبعد تحفظ وتردد، اضطرت المصارف الفرنسية الى الرضوخ، وقاطعت استدراج العروض الى تمويل خطط طهران الاقتصادية والانشائية. وانتهت الأوساط الاقتصادية الى الاقرار بنجاعة الاجراءات الأميركية. فهي حملت الطبقة الحاكمة على الانقسام جناحين، براغماتي عملي وايديولوجي متشدد، وعلى مناقشة سبل مواجهة الغرب. وماشت مصارف أوروبية كبيرة، يتصدرها"كومرزبانك"الألماني و"الاتحاد المصرفي السويسري"و"مصرف التسليف السويسري"، سياسة المقاطعة والحصار الأميركية. فانصرفت عن الاستثمار في بلد يجهر رئيسه إنكار المحرقة ويدعو الى محو دولة من الخريطة. وأثرت مصارف فرنسية مثل"مصرف باريس الوطني باريبا"تقليص توظيفاته الايرانية، من غير إعلان الأمر على الملأ. فمصالح المصرف الكبير في الولاياتالمتحدة تستحق رعايتها والمحافظة عليها لقاء التورط في المقاطعة الأميركية. وثمة داعٍ آخر الى نهج المقاطعة. فالمصرف نفسه شابت تعاطيه برنامج"النفط في مقابل الغذاء"، شوائب كثيرة، أصلي نقداً لاذعاً جراءها، وشوهت صورته في الولاياتالمتحدة. وتقدر مصادر الخبراء تقلص الالتزامات الفرنسية في ايران الى النصف، في أثناء العام المنصرم وحده. ولم يفلح السفير الايراني في باريس، علي أهاني، في ثني رؤساء مجالس ادارة بعض المصارف الكبيرة عن عزمها على الانسحاب من السوق الايرانية. فشركة"توتال"النفطية لم تلق من يمول مشروع الغاز السائل في حقل فارس الجنوبي، أحد أغنى حقول الشرق الأوسط. فكان على الشركة الفرنسية تفحص احتمال تمويل المشروع تمويلاً ذاتياً، الى مسألة نفقات الانتاج. وخلصت الى تجميده. وسكت مدير المصرف، في إحصائه مشروعات هذه السنة، عن الاستثمار في حقل الغاز الجنوبي. فالاعفاء الذي حظيت به"توتال"في 1998، وتسوغ اشتراك الشركة في المناقصة الايرانية من غير حظر أميركي، عُلق هذه السنة. ولا يسع"توتال"المغامرة. فهي إما تمضي على التعاون مع ايران أو تخسر السوق الأميركية، طالما تتحفظ روسيا والصين عن تشديد العقوبات على ايران أحمدي نجاد. عن ناتالي نوغيريد، "لوموند" الفرنسية، 17 /4/ 2007