في إشراف لوران جرفورو يصدر للمرة الأولى في تاريخ النشر الفرنسي "القاموس العالمي للصور". ويأتي هذا الإنجاز الكبير والقيّم نتيجة مساهمة فريق عمل مؤلف من باحثين متخصصين في كل المجالات الأدبية والتاريخية والعلمية والتقنية. وقدّم هؤلاء بحثاً موسّعاً يعتمد على النظرة العلمية والموضوعية. يتألف الكتاب من 1200 صفحة وقد صدر عن دار"العالم الجديد". والغريب أن يكون تأخّر صدور مثل هذا الكتاب في زمن يعيش على وقع الصورة الفوتوغرافية الجامدة والصورة المتحركة في شاشة التلفزيون أو في الإنترنت والسينما والإعلان. إنه عصر الصورة بامتياز. الصورة التي غزت حياتنا اليومية وأصبحت جزءاً أساسياً منها، كما غزت كلّ مجالات الحياة اليومية. يحتوي القاموس على مداخلات عدّة، ويتطرّق إلى الكثير من الموضوعات المتعلّقة بالصورة ومن زوايا مختلفة. نذكر من بينها الأدب والصورة حيث استعملت هذه الأخيرة ومنذ القرن التاسع عشر كإطار مرجعي للأدب، فكانت أحياناً صورة واقعية وأحياناً أخرى صورة رمزية قوية التعبير، وعن العالم العربي والإسلامي يقدم القاموس مداخلات عن الصورة في الإسلام وما تمثله في العالم العربي، كما يقدم مداخلة عن الاروسية العربية من خلال دراسة أو تحليل النصوص التاريخية والأدبية ومنها قصص"ألف ليلة وليلة". يقدم الكتاب مفاتيح حديثة لفهم كيفية هذا التراكم في شكله المصور وقد كانت الصورة حاضرة منذ بداية تاريخ البشرية، رسوماً ومنحوتات على الصخور وداخل المغاور. واتخذت أول الحروف الأبجدية أشكالاً تمثّل الطيور والحيوانات. وعرفت الصورة عبر التطور الصناعي والتقني الحديث مراحل متنوعة هي اليوم في أوج تطورها. يعتبر لوران جرفورو، رئيس معهد الصور، من المختصين في هذا المجال بحيث صدر له وعلى امتداد خمس وعشرين سنة، الكثير من الأبحاث والكتب المتخصصة التي تحتوي على تحليل لكلّ أنواع الصور. يجمع القاموس خلاصات ودراسات تشكّل مجموعة كتب في كتاب واحد. فهو يبين علاقة الإنسان بالصورة منذ القدم، مضيئاً على كلّ مراحل التاريخ الإنساني منذ البدايات حتى ألعاب الفيديو. ويؤكد لوران جرفورو الذي أشرف على انجاز هذا القاموس"أنّ الهدف منه هو جمع المعلومات المبعثرة في أكثر من قاموس والسعي إلى فتح آفاق جديدة في مجالات البحث المتعلّق بالصورة باعتبارها أحد أشكال الفنون الجميلة ووثيقة أساسية للتأريخ للنشاط الإنساني اليوم". استطاعت الصورة في السنوات الأخيرة الارتقاء إلى مستوى الاحتفاء بالإنسان والطبيعة والحياة، وهي لا تمثّل فقط وثيقة تاريخية وثقافية، بل أصبحت تنطوي أيضاً على جماليات رفيعة المستوى مؤكدة مرة أخرى أن الصورة الفوتوغرافية هي اليوم فنّاً قائماً بذاته، تقام له المعارض وتخصّص له المتاحف أقساماً ويتمّ اقتناؤه على غرار الأعمال الفنية الأخرى. وقد سجلت الصورة الفوتوغرافية، في السنوات الأخيرة، وبفضل عدد من المبدعين الكبار في هذا المجال، انتصارات عدة ارتقت بفضلها إلى مصاف الفنّ العالمي وعكست رؤيا واسعة وحدساً فنياً كبيراً. من هنا، لم تعد الصورة مجرد نقل موضوعي للمشهد المرئي، وإنما أصبحت تنطوي أيضاً على نظرة المصور الذاتية إلى حدث ما أو إلى مكان ما، وتعكس أحاسيس وحالات وتعتمد على أساليب محددة، ما يضفي بعداً جديداً على الموضوع المصوَّر.پومن هذا المنطلق، يشكّل القاموس الجديد وسيلة بحث واطلاع، ويقدّم مفاتيح عامة للقارئ من أجل فهم أفضل لدور الصورة وأهميتها في المجتمع المعاصر.