يُنظر الى تسليط الضوء على بطولة العالم للفورمولا واحد التي تنطلق جولاتها من أستراليا في 18 آذار مارس الجاري بمنظار مختلف، لذا تصبح الكتابة عنها ضرورة كون الموسم المتضمن 17 جائزة غير تقليدي كما أوضح صاحب الحقوق التجارية، ورجل البطولة الاول "العراب" بيرني ايكليستون، والذي لم يكشف سراً حين صرّح علناً، أن الجميع سيفتقد الألماني ميكايل شوماخر بطل العالم 7 مرات، والذي وضع حداً لمسيرته في نهاية الموسم الماضي. هكذا يعود هدير السرعة للمرة الأولى منذ تسعينات القرن الماضي من دون"سيد الحلبات"الذي ألهب السباقات والجماهير، وسيكون الموسم اختباراً قوياً لمدى جهوز السائقين وحظائرهم للانقضاض على اللقب بعدما خلت الساحة لهم. وأمل ايكليستون ان تكون المنافسة الجديدة بين الأبطال الحاليين"الدافع لاستعادة المتفرجين بأعداد كبيرة الى الحلبات". ويحمل هذا الكلام في طياته تطلّعاً الى تجديد المنافسة، فوداعاً للروتين الذي كبلها وجعل الجميع يدور في فلك"شومي الكبير"أو"البارون الاحمر"، علماً أن كثراً يبغون أن يتفرّدوا بالنجومية ومنهم الإسباني فرناندو ألونسو الذي خطف على متن رينو اللقبين الأخيرين قبل ان ينتقل الى صفوف ماكلارين، وكان توّج كأصغر بطل للعالم عام 2005 وهو في سن الخامسة والعشرين. وعلى لائحة هذه السنة 11 حظيرة، اثنتان مرشحتان فوق العادة للفوز أي ماكلارين وفيراري، وأربعة للعب دور مهم هوندا، رينو، تويوتا، بي أم دبليو - ساوبر والبقية ستكتفي بدور الكومبارس مع تمنيات بتذوق"لحظات المجد"اذا استطاعت الى ذلك سبيلاً. ومع صراع الحظائر التي أتمت استعدادها للموسم الجديد، شمّر السائقون عن سواعدهم، وسجلت لائحتهم دخول أسماء جديدة شابة وواعدة هي: النمسوي ألكسندر فورتس 23 سنة، وليامس، الانكليزي انطوني دافيدسون 28 سنة، هوندا، الفنلندي هايكي كوفالانين 26 سنة، رينو، البولندي روبرت كوبيكا 23 سنة، بي أم دبليو البريطاني لويس هاميلتون، أصغر سائقي الموسم 22 سنة، ماكلارين والألماني أدريان سوتيل 24 سنة، سبايكر عموماً، لن تكوم الطريق مفروشة بالورود بالنسبة لپ"ماتادور أوفييدو"ألونسو، وعليه كسب التحدي المتمثل بانتشال فريقه الجديد ماكلارين مرسيدس من دائرة النتائج المتأرجحة واعادته الى خريطة الألقاب التي غابت عن خزائنه منذ العام 1999، وهو لم يصعد الى منصة التتويج أي مرة في الموسم الماضي. ويأمل ألونسو بقدرة فريقه التقنية على تجاوز الصعوبات أو الثغرات التي أثارت مخاوفه في مستهل إنطلاق تجارب الموسم الحالي، إثر المشكلات التي واجهتها سيارة"أم بي 4-12". والى جانبه، سيقود الموهبة الصاعدة هاميلتون، الملقّب بپ"تايغر وودز الفورمولا واحد". وتوقع له مدير الفريق رون دينيس تحقيق الكثير كونه" محارباً شجاعاً لا يستسلم على الإطلاق". واذا كان تزويد الفرق بالإطارات بات محصوراً بپ"بريدجستون"ما يمنح"سكوديريا فيراري"أفضلية كونها معتادة عليها، وبالتالي حصر اهتمامها أكثر بالجوانب التقنية، فإن المعسكر الايطالي يبدو على رغم التبديلات في المناصب والوظائف، بصحة جيدة لاستعادة اللقب من رينو، وعماده الفنلندي كيمي رايكونين"الجليدي"والبرازيلي فيليبي ماسا الطامح ليحظى بمعادلة متساوية بعد إعتزال شوماخر، بعدما أثبت جدارته. وعند خط الانطلاق على حلبة"ألبرت بارك"في ملبورن، ستكون حظيرة"الحصان الجامح"مستندة الى رصيد كبير وتاريخ عريق خلاصته خوضها 741 سباقاً وتحقيقها 192 فوزاً و85 مركزاً أول عند الانطلاق، و14 لقباً عالمياً للصانعين ومثله للسائقين، أي انها باختصار"قبلة الانظار". ونجم عن هذه الخبرة المتراكمة إنتاج النسخة الپ53 من سياراتها"أف 2007"التي خلفت طراز"248 أف 1". في المقابل، لا يوجد أي مبرر لرينو الجديدة"ار 27"لتكون أقل بريقاً من النسختين السابقتين، خصوصاً أن الطاقمين الفني والتقني لم يشهدا أي تغيير كبير، غير أن المسؤولية ستكون كبيرة على كاهل السائق الايطالي جيانكارلو فيسيكيلا حين يتصدى لپ"الكبار"وفي مقدمهم ألونسو ورايكونن وماسا. وإزاء ذلك تنظر رينو بواقعية الى سباق ملبورن، ويستبعد كبير مهندسيها بات سيموندز"نتائج طنانة"متوقعاً منافسة شرسة على رغم تفوق ماكلارين وفيراري، مع"السعي للتأكيد أن السيارة كانت وراء نجاحات ألونسو". وتسعى"بي أم دبليو"مع سائقيها الألماني نيك هايدفيلد والبولندي كوبيكا الذي خلف في منتصف الموسم الكندي جاك فيلنوف، لتكون"الحصان الأسود"مجدداً، اذ تمكن الفريق في الموسم الماضي وهي الاول له بعد تخليه عن شراكته مع وليامس وشرائه فريق ساوبر، أان يحقق نتائج ملفتة وأنهى البطولة في المركز الخامس. كما تعتبر هوندا مع سائقيها البريطاني جنسون باتون والبرازيلي روبنز باريكيللو من الفرق التي قد تدخل على المنافسة جدياً، فيما تأمل مواطنتها تويوتا بقيادة الثنائي الايطالي تروللي والألماني رالف شوماخر الى الإرتقاء لمستوى سمعة العملاق الياباني وتحقيق نتائج جيدة تعكس فعلاً حجم الأموال التي أنفقتها الشركة الأم من دون أن تثمر حتى تاريخه. ويبرز هذا الموسم تحول فريق ريد بُل ريسينغ الى محركات رينو"ار اس 27"عوضاً عن محركات فيراري، وتعاقده مع السائق الأسترالي مارك ويبر ليقود الى جانب المخضرم ديفيد كولثارد، فيما تحولت وليامس مع سائقيها الألماني نيكو روزنبرغ والنمسوي فورتس الذي تحول من سائق تجارب الى سائق أساسي خلفاً لويبر، الى محركات تويوتا عوضاً عن كوزوورث التي خسرت شراكتها أيضاً مع سكوديريا تورو روسو لمصلحة محركات فيراري 750. الى ذلك، يبدو ايكليستون في مهمة"متواصلة"للبحث عن تعديلات جديدة يدخلها الى هذه الرياضة في إطار مسعاه لإبعاد الروتين وتوفير مزيد من الحماسة. فبعد قوانين 2005 المتمثلة باستعمال مجموعة واحدة من الإطارات خلال التجارب والسباق، والتي وضعت حداً لسيطرة فيراري وشوماخر وتوجت ألونسو ورينو بطلين للعالم عند السائقين والصانعين، ومن إعادة العمل بالقانون خلال الموسم الماضي، ثم العمل بتعديلات جديدة تبدأ من المرحلة الافتتاحية للموسم الحالي والمتعلقة خصوصاً بتخفضة التكلفة، اقترح ايكليستون تعديلات جديدة تتعلق بتوزيع النقاط إعتباراً من 2008. ويفكر في منح الفائز أفضلية على صاحب المركز الثاني، بحيث ينال أكثر من 10 نقاط التي يحصل عليها حالياً، في مقابل 8 للثاني و6 للثالث. وبالتالي يكون الفاصل بين الفائز ووصيفه أكثر من نقطتين. كما يأمل ايكليستون أن يُدخل تغييراً جديداً على البطولة عبر إقامة بعض السباقات خلال فترة المساء،"لا سيما أن معظم السباقات المقامة في أوروبا تجرى في القسم الشرقي منها". وزاد"سيتمكن الأوروبيون من مشاهدة هذه السباقات التي تقام في القسم الشرقي من الكرة الأرضية نهاراً، عوضاً عن ساعات الصباح الأولى، في حال اقامتها خلال المساء في استراليا وآسيا".