كان مترو الأنفاق في القاهرة منذ إنشائه في العام 1987 بمثابة قلعة القطار الذكورية. فلم تكن هناك أي امرأة سواء في مجال قيادة القطار أو جهاز التفتيش أو في كشك بيع التذاكر. ولكن خلال الفترة الأخيرة بدأت النسوة اقتحام تلك "القلعة"، وكانت أولى الخطوات في مجال بيع التذاكر. ومع مرور الوقت توسع حضور المرأة هناك، فدخلت مجال التفتيش على بوابات العبور وداخل قطارات المترو الذي يقل أكثر من مليوني راكب يومياً. القرار الجديد تحدث عنه وزير النقل المصري لطفي منصور بعدما وافق على تحرير عقود عمل لپ15 امرأة للعمل كمفتشات"مفاجئات". ولاء محمد ودعاء عبدالمنعم تعملان في محطة"مبارك"الحاشدة شعبياً بأجر شهري يبلغ 250 جنيهاً، أي ما لا يبلغ 50 دولاراً. لكنهما سعيدتان بعملهما، فالوظيفة الحكومية ما زال لها بريقها في مصر على رغم تضخم الجهاز الإداري واحتوائه أكثر من خمسة ملايين موظف."عندما عرف أهلي أنني سأتوظّف في"المترو"طاروا من الفرح"تقول دعاء، وتضيف:"لكن أبي اعترض على مروري في المترو بين الرجال، وتخوّف من المضايقات الكلامية والهزء لأنني امرأة". الا ان دعاء استطاعت أن تقنع والدها بأن المرأة لا تختلف عن الرجل إلا بيولوجياً، فأذن لها بالعمل. أما ولاء فتعترف بصعوبة الموقف"عندما ينظر إلي رجل من رأسي حتى قدمي، وكأنه يسخر من وجودي في ذلك المكان المكتظ بالناس". هذا في بادئ الأمر عندما"لم يكن الركاب اعتادوا بعد على أن توقفهم سيدة وتتأكد من التذاكر التي في حوزتهم بل وتفرض عليهم غرامة مالية أو الذهاب الى قسم الشرطة الموجود في المحطة"تؤكد. لكن مع مرور الوقت"تأقلم الناس مع الوضع وصرت أعمل بشكل عادي". سوسن زميلة ولاء ودعاء، تواجه مشكلات مع المواطنين. وتتذكر مرة عندما رفضت إحدى الراكبات دفع المخالفة واضطرت الى اصطحابها إلى قسم الشرطة، ودفعت الغرامة المقررة هناك. وتشير دعاء وولاء إلى أنهما تواجهان أحياناً معاكسات أثناء عملهما إلا أن الصرامة تنفع في أحيان. وتوضح سوسن أن الموضوع يتعلّق أحياناً بالاستخفاف بنفوذ المرأة، وتشير إلى أن"الرجال غالباً ما ينزعجون عندما أحرّر مخالفة في حقّهم، أو آمرهم بالذهاب إلى قسم الشرطة. وفي نهاية الأمر لا بدّ من تطبيق القانون". وأثبتت المفتشات قدرة كبيرة على العمل وقمن بتحرير ما يزيد على 1110 مخالفات خلال شهر واحد، ما ساهم في ارساء حال من الانضباط داخل مقطورات السيدات التي كان محرمًا دخولها حتى على المفتشين الرجال.