يشغل زياد الدريس منذ أربعة شهور منصب مندوب السعودية في منظمة"يونيسكو". وكان رأى في قرار تعيينه مفاجأة، بعد شيء من التخوف اطمأن عندما اقتحم بحار المنظمة، آملاً في أن يخرج منها ويعود إلى وطنه في الوقت المناسب. يعتبر زياد أن تطابق مجالات منظمة"يونيسكو"مع اهتماماته التربوية والثقافية والعلمية والاعلامية مجرد مصادفة، وينقصه السياسة بحسب قوله، خصوصاً أن المنظمة العالمية قد سُيّست أخيراً. يقول ل"الحياة":"بدأت الكتابة منذ 25 سنة في مجلة"اليمامة"، ومارست الصحافة قبل 15 سنة، واحترفت في مجلة"المعرفة"قبل عشر سنوات فقط". ويضيف:"تجربتي في مجلة"المعرفة"كانت تجربة كتابية أكثر مما هي صحافية بالمفهوم اليومي. فمجلة"المعرفة"كانت مجلة شهرية أولاً، وثانياً كانت مجلة نخبوية تعنى بالملفات والقضايا الشمولية، أكثر من اهتمامها بالخبر والتغطية والتحليل، وكنت أتصدى لمحاولات تصحيف أو صحففة"المعرفة"، وإنزالها من برجها"العاجي"إلى برجها"الداجي"، كما يريد لها بعض القراء الذين لم يتمكنوا من الصعود إليها". ويرى أن هامش الحرية الذي أعطي ل"المعرفة"هو أحد أهم أسباب نجاحها آنذاك، ويشرح:"أخذنا الحرية بأيدينا، وبوعينا وبالتوازنات والحسابات التي يجب أن نفطن إليها، وإلا كنا سنقع في شر أعمالنا ونتمنى لو عدنا إلى مبدأ السلامة التي يزاولها كثير من رؤساء التحرير، قناعة منهم بأن بقاءهم على رأس مطبوعة فاترة مدة أطول خير من بقائهم على رأس مطبوعة ساخنة مدة أقصر،"للأسف"كنت وما زلت مؤمناً بالشطر الثاني من المعادلة". وعن تصنيفه أنه من الكتاب الساخرين قال:"السخرية موهبة، لكنها ليست كافية وحدها لإنتاج كتابة ساخرة، إذ لا بد لهذه الموهبة من شيء من الصنعة حتى تحبكها في المكان والعبارة المناسبة. كما أن الصنعة وحدها ليست كافية لصنع كتابة ساخرة، إذ هي تنتج في الغالب كاتباً يجتهد في أن يكون كاتباً ساخراً فيفاجأ بأنه أصبح كاتباً مسخوراً منه، ولذا نجد الكتّاب الساخرين قلّة في الصحافة العربية. كادت أن تستولي الصحوة الإسلامية على كل تفاصيل زياد الدريس، لكنه لم يستسلم لها كلياً، اذ نشأ في بيئة تجاوَرَ فيها التدين والانفتاح، من دون ان يكونا نقيضين. يقول زياد:"أبي كان شاعراً رومانسياً وخريج شريعة في الوقت نفسه، ولذا لم نكن نتأخر عن أداء الصلاة مع الجماعة في المسجد، وبالمثل لم نكن نتردد في قضاء الإجازة الصيفية في بيروت. وعندما خفت صوت الصحوة واتهم كل أتباعها بالإرهاب، وأصبحت الليبرالية هي ملاذ الخائفين، لم يتغير شيء في حياة زياد، لأن الليبرالية والانفتاح ونقد الذات وقبول الآخر كانوا في صلب شخصيته. عرف زياد في الوسط الثقافي أنه إسلامي الفكر، ليبرالي التفكير. فهل هو إسلامي أم ليبرالي؟ يجيب والابتسامة تعلو وجنتيه:"قلت هذه العبارة رداً على سؤال تصنيفي، ولأني كنت ولا أزال أرفض التصنيف القطعي الذي يُبنى على قانون"أنت معي أم ضدي"، فقد أجبت بأني إسلامي الفكر.. وليبرالي التفكير، لأني أؤمن أن الإسلام محتوى فكري، وأن الليبرالية أداة للتفكير. تجدر الاشارة الى ان السعودية شاركت في التوقيع على الميثاق التأسيسي لل"يونيسكو"قبل أكثر من ستين سنة بشخص الملك عبدالعزيز آل سعود.