تستعد الحكومة العراقية للدخول في مفاوضات شاملة مع ايران، الأسبوع المقبل للبحث في ترسيم الحدود البرية بين البلدين، ومراجعة الاتفاقات المتعلقة بهذه المسألة، بما فيها معاهدة الجزائر. وعلى رغم تراجع الرئيس جلال طالباني عن تصريحاته حول إلغاء هذه المعاهدة، أصرّت طهران على حسم القضية في أقرب فرصة. ونسبت وكالة أنباء الطلبة الايرانية الى وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي قوله"نؤيد موقف طالباني الجديد بأن اتفاقية عام 1975 ما زالت سارية. ويمكن أن يكون هذا الرأي أساساً قوياً للعلاقات بين العراقوايران". الى ذلك، أعلنت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب العراقي إرسال وفود برلمانية وحكومية الى الدول المجاورة الشهر المقبل، لدعم العملية السياسية والتحضير لمؤتمر يعقد في بغداد منتصف الشهر المقبل، يضم رؤساء لجان العلاقات الخارجية في برلمانات تلك الدول. وقال نائب وزير الخارجية محمد الحاج محمود ل"الحياة"ان"وفداً رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية، ويضم ممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني سيتوجه الى طهران مطلع الشهر المقبل للدخول في مفاوضات شاملة حول الحدود البرية والبحرية والطلعات الجوية"مع ايران. وأضاف ان المفاوضات"ستتناول مراجعة كل الاتفاقات المتعلقة بالحدود بين البلدين، خصوصاً اتفاقية الجزائر لعام 1975 التي تقسم شط العرب"، موضحاً ان"مواقف عدد من القادة العراقيينوالايرانيين أثارت توتراً في العلاقة بين الجانبين ما ولّد رغبة مشتركة في إعادة ترسيم الحدود لحماية مصالح الطرفين". ولفت محمود الى ان"هناك اختلافاً في الرؤى بين وزارة الخارجية والحكومة، ورئاسة الجمهورية من جهة أخرى، في التعامل مع المشاكل المعلقة مع ايران"، مشيراً الى ان"الحكومة تريد حل المشاكل مرة واحدة، فيما نرى ان هذا غير واقعي ونعمل على تسوية القضايا واحدة تلو الأخرى". ونقلت وكالة"رويترز"عن نائب وزير الخارجية العراقي لبيد عباوي ان الايرانيين وافقوا على بحث قضية اجراء تعديلات على معاهدة الجزائر، لكن من دون تحديد موعد للمحادثات. وأضاف عباوي ان"جزءاً من النقاش سيتناول اتفاقية الجزائر وسيبحث قضية الحدود وسيحاول الجانبان ترسيمها بوضوح. هناك آبار نفط على الحدود ويريد الجانب العراقي تقسيم المنفعة بين البلدين". وتابع ان"هذه ليست قضية اشكالية بالنسبة لإيران. فإيران وافقت على اجراء محادثات في القضية ولا توجد مشكلة". وشهدت الأيام القليلة الماضية جدلاً واسعاً بين المسؤولين العراقيينوالايرانيين حول معاهدة الجزائر الموقعة عام 1975 بين الرئيس السابق صدام حسين والشاه محمد رضا بهلوي، في أعقاب تصريح طالباني الأسبوع الماضي بأن"المعاهدة لاغية كون قوى المعارضة العراقية آنذاك رفضتها وهي الآن تشكل الحكومة"، معتبراً أنها"معاهدة بين صدام حسين وشاه إيران، لا بين العراقوإيران". وأحرجت تصريحات طالباني حكومة نوري المالكي التي أعلنت أنها"فوجئت بالتصريحات"، لكنها اعترفت بأن المعاهدة"مخلة بالسيادة العراقية ونسعى إلى اتفاقية بديلة". وتراجع طالباني عن تصريحاته خلال مؤتمر صحافي عقده في السليمانية أول من أمس، عقب لقائه السفير الإيراني في العراق حسن كاظمي قمي. ونقل بيان صدر عن رئاسة الجمهورية أمس أن"طالباني يؤكد أن الاتفاقية معاهدة الجزائر تعتبر قائمة ونافذة في نظر القانون والأعراف الدولية"، مشيراً إلى أن"الملاحظات والتحفظات لدى الطرفين لا بد من بحثها بصورة ودية". وأضاف البيان نقلاً عن طالباني قوله:"أنا لست من أنصار إلغاء الاتفاقية، بل إنني من دعاة تعزيز العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والجمهورية العراقية ... ومن مصلحة الجانبين التفكير في اتفاقية استراتيجية بعيدة المدى تشمل كل القضايا". من جهته، أشار الناطق باسم السفارة الإيرانية محمد رضا أحمدي في تصريح إلى"الحياة"إلى أن"السجال الذي جرى خلال الفترة الماضية كشف رغبة الجانب العراقي بالتملص من الاتفاقية"، مشدداً على أن بلاده"تعتبر الاتفاقية سارية وترفض إلغاءها"، وأكد أن"مفاوضات ستجري بين وفد عراقي رفيع المستوى والمسؤولين الإيرانيين خلال الأيام القليلة المقبلة في طهران"للبحث في هذه المسألة ومسائل أخرى. إلى ذلك، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب همام حمودي إن وفوداً برلمانية وحكومية ستزور الدول المجاورة مطلع الشهر المقبل"لحشد الدعم للعملية السياسية في البلاد والتحضير لمؤتمر يعقد في بغداد يضم رؤساء لجان العلاقات الخارجية في برلمانات الدول المجاورة". على صعيد آخر، كان متوقعاً أن يصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس الى لندن لإجراء فحص طبي"روتيني". لكن مسؤولاً في مكتبه قال انه سيعالج من الإجهاد. وأضاف المسؤول، ان المالكي 57 عاماً"سيخضع لسلسلة من الفحوص الروتينية بما في ذلك فحص لقلبه". وأضاف أنه"يعاني من إجهاد متوسط. وسيخضع أيضا لفحص للقلب".