"مرحباً بك في جمهورية ايرلندا وألف تحية للسائح العربي الذي يلقى حفاوة وأجواء الكرم الأصيل الذي يضاهي الكرم العربي"، هكذا يقول المسؤولون عن السياحة في دبلن. ويكن المواطن الايرلندي العادي وداً خاصاً للعرب بحيث يجعلك تشعر وكأنك في أي بلد عربي وفي أجواء عائلية حميمة. وإذا ما شاهدت مراكز تربية الخيول التي تشتهر بها ايرلندا فإنك ستبهر إذا ما عرفت أن الخيول العربية الأصيلة هي السلالة المفضلة التي تلقى الاحترام والتقدير. وهناك ايضاً جمال الطبيعة وسحر الريف الايرلندي وحرارة ومودة أهله التي تجعلك تشعر بأنك في بلدك الثاني فعلاً. وهناك ايضاً الفنادق الفاخرة التي تناسب كل الأذواق والمستويات. وقد أصبح فندق"فورسيزونز"الذي لا يبعد سوى عشر دقائق عن وسط دبلن بالسيارة من أهم المعالم التي توفر للزائر العربي والأجنبي الخدمة الراقية المميزة والشخصية. وتمثل النهضة الفندقية في ايرلندا أهم المعالم السياحية علاوة على الهدوء والأجواء الرومانسية والازدهار الاقتصادي الكبير الذي جعل هذه البلاد تمثل أبرز قصص النجاح في دول الاتحاد الأوروبي. فمنذ أقل من عشرين عاماً كانت ايرلندا دولة نامية تفتقد الخدمات المميزة. ولكنها اليوم من أهم المراكز السياحية العالمية سواء بالنسبة الى الأوروبيين أو الأميركيين الذين يتحدرون بأعداد ضخمة من أصول ايرلندية. وقد افتتحت مجموعة فنادق"ريتز كارلتون"أول فنادقها الراقية في منطقة بورزكورت الريفية الوادعة على مسافة لا تزيد عن عشرين ميلاً من دبلن وعلى مبعدة نحو نصف ساعة منها. وأصبح مطعم الشيف الاسكتلندي غوردون رامزي في هذا الفندق الذي فتح أبوابه منذ شهر واحد فقط من أهم عوامل الجذب في المنطقة. وينبغي أن تحجز مسبقاً قبل التردد على المطعم الذي يعتبر الأول من نوعه في ايرلندا وينضم بذلك الى مطاعم غوردون رامزي العديدة في لندنونيويوركودبي. ويقدم المطعم معظم وجباته من المنتجات المحلية التي يشتهر بها الريف الايرلندي من لحوم وأسماك وخضراوات طازجة. وتقول السيدة جيرالدين ايجان مديرة التسويق والتنمية في هيئة السياحة الايرلندية ل"الحياة"إن دبلن ينبغي أن تصبح منافساً قوياً للندن بالنسبة الى السائح العربي، خصوصاً لأن ايرلندا تتمتع حالياً بعناصر جذابة كبيرة بالذات لدول مجلس التعاون الخليجي. وتشير الى أن دبلن أصبحت فعلاً من أهم العواصم السياحية الأوروبية. وتتميز ايرلندا كما تقول بارتفاع مستوى الخدمات السياحية علاوة على أجواء الازدهار الاقتصادي الكبير التي تنعم بها. ويمكنك أن تقيس مدى هذا الانتعاش من خلال الأعداد المتزايدة شهرياً من المطاعم الراقية والمتاجر الفاخرة والفنادق الجديدة التي يتم افتتاحها هنا. وتؤكد السيدة ايجان ان هيئة السياحة الايرلندية وضعت خططاً جديدة لكي تجذب السائح الخليجي الذي يقصد لندن لقضاء فترة من الوقت ايضاً هنا للاستمتاع بأجواء مختلفة عن بريطانيا، خصوصاً لأن الشعب الايرلندي يتميز بطباع عديدة تكاد تقترب من العرب، فهناك الأجواء العائلية الحميمة والطابع المحافظ نسبياً والانفتاح التام على الثقافات والشعوب الأخرى. وحرصت هيئة السياحة على تنظيم جولة سياحية وثقافية لمحرر هذا المقال شملت مراكز التسوق الشهيرة ومن أهمها مركز داندرام الذي لا يبعد سوى عشرين دقيقة عن دبلن. وهو أحدث مركز للتسوق في أوروبا ويضم أرقى المتاجر التي تحتوي على تصميمات الأزياء الحديثة الراقية. وهناك ايضاً مركز كلدير للتسوق في قرية خاصة تضم أكثر من 40 متجراً متكاملاً، ويعج بالمتسوقين من دبلن ومن المناطق الريفية المحيطة بهذه المدينة. ومن أبرز المعالم الأخرى المركز الوطني لتربية ورعاية الخيول الأصيلة التي تفاخر بها ايرلندا وتباهي بها العالم في منطقة كلدير. وقد أنشأ الشيخ محمد بن راشد المكتوم حاكم دبي مراكز كبيرة عدة لتربية الخيول العربية الأصيلة في المنطقة وذلك في مساحة تزيد على 2500 هكتار من الأراضي، وتعتبر الأكبر من نوعها في ايرلندا. ويحتفظ الأغاخان ايضاً بمركز كبير لتربية الخيول الأصيلة في الريف الايرلندي، وهو يعتبر من أكبر المستثمرين في هذا المجال المهم. ومرة أخرى تقول السيدة ايجان ان عدد السياح العرب لا يزيد سنوياً عما يتراوح ما بين 5 آلاف الى سبعة آلاف شخص، وتضيف في نبرة تعكس خيبة الأمل ان هذا لا يعكس حجم العلاقات المميزة بين العالم العربي وايرلندا. وكان رئيس الوزراء الايرلندي بيرتي اهيرن حرص خلال العام الحالي على القيام بجولة شملت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة على رأس وفد يضم 140 من كبار رجال الأعمال والمصارف والمستثمرين للعمل على زيادة وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع المنطقة. وترتبط دبلن برحلات منتظمة لنحو 5 إلى 6 مرات اسبوعياً مع أبوظبيودبي. وتعمل شركة"ايرلينغيس"الوطنية للطيران بالتعاون في هذا المجال مع شركات الطيران الرئيسة في دولة الامارات العربية المتحدة وغيرها. وكانت هيئة السياحة الايرلندية نظمت أول جولة سياحية لوفد صحافي من دولة الامارات في أيار مايو الماضي بهدف جذب السائح الخليجي الى هنا. ومن ناحية أخرى، تقول مديرة التسويق في فندق"فورسيزونز"السيدة الين فيتزجيرالد ل"الحياة"إن الفندق الذي يقع في حي السفارات الراقي يضم ستة طوابق يعكس بناؤه التراث المعماري الايرلندي الأصيل. وهو يوفر لرجل الأعمال والسائح الأجواء الخلابة التي تعكس الطابع الايرلندي وكرم الضيافة. ويضم الفندق 197 غرفة فاخرة من بينها 40 جناحاً مميزاً. وتطل الغرف الفسيحة على حدائق شاسعة وتتميز بالجمال والأناقة وذلك بالقرب من خليج دبلن الشهير وجبال منطقة ويكلو الشامخة. ويضم الفندق قاعة احتفالات كبيرة ومراكز للمؤتمرات يمكن أن تتسع لنحو 400 شخص. ويعتبر مطعم"سيزونز"في الفندق من أهم المطاعم الراقية في دبلن ويتنافس في ذلك مع نحو مئة مطعم فاخر في العاصمة الايرلندية. ويقدم أفضل ما يتميز به المطبخ الايرلندي الغني. وهناك ايضاً المنتجع الصحي الكبير الذي يقصده ضيوف الفندق ويضم أجنحة خاصة منفصلة للرجال والنساء، ويتوفر فيه أفضل خدمات التجميل ومركز كبير للياقة البدنية. وتؤكد مديرة التسويق أن الفندق حقق سمعة عالمية حيث يقيم فيه الرؤساء وكبار الزوار الى ايرلندا ولهذا تتوفر فيه أجواء الأمن والرعاية الكاملة لكل الأذواق. ويقع بالقرب من الفندق مركز عرض الخيول السنوي الذي ينظم في شهر آب اغسطس، ويعتبر من أهم الأحداث الاجتماعية والرياضية في دبلن ويشارك فيه نحو ألفين من الخيول الأصيلة التي ترجع أصول بعضها الى الجياد والمهور العربية الأصيلة التي لا تقدر بثمن. وعلى مسافة عشر دقائق بالسيارة يقع شارع غرافتون الذي يعتبر من أشهر الشوارع الأوروبية للتسوق. وهو مخصص للمشاة فقط وذلك في المنطقة التاريخية من وسط دبلن. وتضاهي متاجر هذا الشارع مراكز التسوق المهمة في شارع بوند في لندن أو الفيفث أفنيو في نيويورك، وذلك من حيث توفر أفضل ما ابتكره مصممو الأزياء والملابس العالميون. وينساب نهر الليفي بهدوء ووداعة حول دبلن لكي يضفي عليها مزيداً من الجمال والرومانسية الخلابة. وبسبب صغر مساحة ايرلندا فإنه بوسعك أن تزور المناطق الريفية الجميلة التي تحتضنها خلال فترة لا تتعدى نصف ساعة فقط. وعلاوة على ذلك فإنه بوسعك في أقل من ساعة أن تصل الى شاطئ البحر لكي تستمتع بأجوائه الخاصة. وبسبب كثرة هطول المطر في ايرلندا معظم العام فإنها أصبحت تعرف باسم"الزمردة الخضراء"التي تبهرك بسحرها وطبيعتها الخلابة. وتشتهر دبلن ايضاً بالأجواء الثقافية الشهيرة، فقد أنجبت ايرلندا ابرز الأدباء والشعراء والروائيين مثل جورج برناردشو وجيمس جويس وجونثان سويفت وأوسكار وايلد ويتس. ويمكنك أن تزور المقاهي والمطاعم التي كان يتردد عليها هؤلاء الفنانون الذين سطروا روائع الأدب والشعر. وتقول السيدة ايجان ان أعداد الطلبة العرب تزداد بشكل مضطرد في ايرلندا، خصوصاً من دول مجلس التعاون الخليجي. وتشتهر ايرلندا على نحو خاص بتوفر التخصصات العلمية والتكنولوجية والآداب وكذلك الدراسات الطبية التي تضاهي ما هو متوفر في أرقى كليات الطب في بريطانيا. وترتبط ايرلندا على نحو عاطفي خاص، كما يقولون هنا، بلبنان فإن عمل المئات من الجنود الايرلنديين ضمن قوات الطوارئ الدولية يونيفيل على الحدود اللبنانية الجنوبية، أدى الى ترسيخ العلاقات الخاصة بين دبلن وبيروت من خلال وشائج الدماء اللبنانية والايرلندية التي سالت بسبب تعرض بعض الجنود الايرلنديين لاصابات بعضها كان قاتلاً من جراء القصف والغارات الاسرائيلية على المنطقة. ويمكنك أن تقابل خلال زيارتك لايرلندا بعض الجنود الايرلنديين الذين خدموا هناك. وإذا ما عرفوا أنك عربي فإنهم يحرصون على التحدث معك عن الذكريات الطيبة التي يحتفظون بها في قلوبهم للشعب اللبناني وكيف كانوا يشاركونه في أفراحه ومصائبه وآلامه عبر الأعوام. ويمضي بعضهم في الحديث معك بلهجة لبنانية ويصرّون على أن يلقوا عليك تحية مميزة بالقول"مرحباً بك هون".