ضبط (7) مخالفين في جازان لتهريبهم (234) كجم "قات"    الإعلان عن موعد مباراتي نصف نهائي كأس الملك 2025-2026    الفتح يكسب الأهلي بثنائية في دوري روشن للمحترفين    أرتيتا يأمل في أن لا يكرر التاريخ نفسه أمام برايتون    سلوت يكشف عن النصائح التي قدمها لمهاجمه إيكيتيكي    البرلمان العربي يؤكد دعمه التام لوحدة اليمن    عمداء تقنية المعلومات ومدراء الميزانية وكفاءة الإنفاق بالجامعات السعودية يزورون الواجهة الثقافية في جامعة أم القرى    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    حائل.. وجهة سياحية متكاملة بفرص استثمارية واعدة    الجبيل تستعرض مقوماتها في مسار الاعتماد العالمي كمدينة صحية    «الصحة» تطلق جولات رقابية لتعزيز الامتثال الصحي في مراكز فحص العمالة    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    السديس: حقوق العباد من أخطر أبواب الظلم ومواقع التواصل بيئة خصبة للبهتان    القاسم: استباق الخيرات دليل علو الهمة وكثرة الجدل تصرف عن الطاعة    سعيد بن قزعة أبو جمال في ذمة الله            هيئة محمية الملك سلمان الملكية تدشّن مبادرة الإصحاح البيئي في "وادي نايلات" بحائل .    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    رياح نشطة و سحب ممطرة على عدة أجزاء من مناطق المملكة    يايسله يرحب برحيل لاعب الأهلي    غيابات عديدة في النصر أمام الأخدود    الفتح ينهي استعداداته قبل لقاء الأهلي    ارتفاع سعر الذهب الى 4501.44 دولار للأوقية    برعاية أمير منطقة جازان.. مهرجان جازان 2026 يستهل مشواره بانطلاقة كرنفالية كبرى    120 صقارًا يدشنون أشواط نخبة المحليين في انطلاق مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    آل الشيخ: جائزة طارق القصبي نموذج وطني لدعم البحث والابتكار في الهندسة المدنية    المطر والحنين    روسيا تنفي التقارير حول عزمها تعديل الخطة الأمريكية للتسوية في أوكرانيا    الرئيس التركي يلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني    رئاسة الشؤون الدينية تدعو قاصدي الحرمين إلى الالتزام بآداب وفضائل يوم الجمعة    واشنطن مُهددة في سباق الذكاء الاصطناعي    الاتفاق يكسب الرياض بثنائية في دوري روشن للمحترفين    من البحث إلى التسويق الجامعات في فخ التصنيفات العالمي    برعاية وزير التعليم جامعة أم القرى تفتتح ورشة "تبادل التجارب والممارسات المتميزة في كفاءة الإنفاق لمنظومة التعليم والتدريب"    جمعية التنمية الأهلية بأبها تحتفي باليوم العالمي للتطوع واختتام مشاريع 2025 ضمن "رواية عقد"    «أرفى» تكرّم الجهات الداعمة لمسيرة العطاء مع مرضى التصلب المتعدد    ‏نائب أمير منطقة جازان يستقبل نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين    مدير عام فرع الشؤون الإسلامية في جازان يتفقد جوامع ومساجد العيدابي ويفتتح مسجد النور    د. مريم الدغيم تحصل على براءة الاختراع الأمريكية    إنفاذ يشرف على 75 مزادا عقاريا لتصفية وبيع أكثر من 900 أصل في مطلع 2026    نائب أمير منطقة جازان يلتقي أيتام "إخاء"    جولة ميدانية للوقوف على جاهزية الواجهة البحرية بقوز الجعافرة استعدادًا لانطلاق المهرجان الشتوي    السعودية: تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة تمت دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف    تطبيق علاج وقائي للحد من تطور السكري    نقاشات أمنية وسياسية تسبق لقاء نتنياهو وترامب.. حدود جديدة لإسرائيل مع غزة    الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة إستراتيجية جديدة.. الداخلية السورية تتهم «قسد» بالتجنيد الإجباري في حلب    لوحات مجدي حمزة.. تجارب من واقع الحياة    صندوق الطائرة الأسود قرب أنقرة.. تركيا تعلن العثور على جثة رئيس الأركان الليبي    هندية تصلح عطلاً برمجياً في حفل زفافها    المملكة في صدارة الدول بالترفيه الرقمي ب34 مليون مستخدم    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير المملكة بنيبال    40 ألف متدرب مخرجات الأكاديمية الصحية    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    ارتفاع النفط والذهب    الإطاحة بطبيبة المشاهير المزيفة    النيكوتين باوتشز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من "الاستشراق" الى "علم دراسة الشرق من الداخل"
نشر في الحياة يوم 22 - 12 - 2007

في الأيام الأخيرة من كل سنة يقوم "اتحاد الناشرين" في البوسنة بتوزيع جوائزه السنوية. وفي هذه المرة كان لافتاً ان جائزة"أحسن مؤلف"قد منحت الى د. أسعد دوراكوفيتش بمناسبة صدور كتابه"علم دراسة الشرق: كون النص المقدس"الذي صدر في ربيع 2007 عن دار نشر توغرا Tugra في سراييفو.
والأمر هنا يتعلق بأبرز"مستشرق"في البوسنة مع ان المؤلف يتحفظ في كتابه على مفهوم"الاستشراق" ورئيس قسم الاستشراق حالياً في كلية الآداب في جامعة سراييفو الذي تأسس في 1950. وفي الواقع ان دوراكوفيتش يعتبر أيضاً أبرز ممثل لمدرسة سراييفو في الاستشراق التي كانت تختلف عن مدرسة بلغراد الإستشراقية حينما كانا في دولة واحدة يوغسلافيا السابقة. فمدرسة بلغراد كانت أقرب الى الاستشراق بالمفهوم المركزي الأوروبي، بينما كانت مدرسة سراييفو تمتلك موقفاً نقدياً ورافضاً للنزعة الاوروبية المركزية المتمثلة في الاستشراق التقليدي.
وحين يذكر اسم دوراكوفيتش تذكر معه اسهاماته الكثيرة في دراسة وترجمة الأدب العربي الى اللغة البوسنية خلال أكثر من ثلاثين سنة قضاها أيضاً في تدريس هذا الأدب في الجامعة. ويكفي القول هنا إن دوراكوفيتش حقق حلم حياته الذي كان يراوده في شبابه في ترجمة ثلاثة أعمال ضخمة خلدت اسمه ألا وهي ترجمة جديدة للقرآن الكريم التي اعتبرت من أفضل الترجمات وأول ترجمة للمعلقات مع دراستها وأول ترجمة من العربية لألف ليلة وليلة. ومن المعروف هنا ان ترجمة أي عمل من هذه الأعمال الكبيرة كان بمثابة التحدي، حيث نجح دوراكوفيتش في نقلها الى اللغة البوسنية بروح البلاد. وإضافة الى ذلك لا بد من ذكر الأعمال الأدبية الكثيرة التي ترجمها دوراكوفيتش، ومنها رواية جبرا إبراهيم جبرا"البحث عن وليد مسعود"ومختارات من الشعر السوري المعاصر ومختارات من الشعر الأردني ومختارات من شعر محمود درويش وغيرها.
وفي السنوات الأخيرة أراد دوراكوفيتش أن يتوج عمله الطويل في دراسة وترجمة الأدب العربي بما يعتبره خلاصة تجربته الطويلة فأصدر أخيراً كتابه"علم دراسة الشرق: كون النص المقدس"الذي منح لأجله جائزة"أحسن مؤلف"عن عام 2007.
ويلاحظ اولاً في الغلاف أن المؤلف قد وضع بحروف كبيرة"الاورينتولوجيا"كعنوان بارز للمجال الذي ينتمي إليه الكتاب، وهو ما له دلالة كبيرة. فقد كان من الشائع في تاريخ يوغوسلافيا منذ تأسيسها استخدام المصطلح الشائع الاستشراق أو Orientalism الذي يمثل النزعة الفكرية أو الإيديولوجية الأوروبية المركزية لدراسة الشرق ولغاته وثقافاته. أما دوراكوفيتش، الذي يمثل كما ذكرنا مدرسة سراييفو، فقد أراد بهذا المصطلح الاورينتلوجيا أن يبرز بوضوح هذه القطيعة مع"الاورينتلزم"Orientalism وأن يعيد الاعتبار الى العلم أو اللوغوس Logos لدراسة الشرق وثقافاته من الداخل وليس من الخارج.
ويعترف دوراكوفيتش أن الهدف الأساس من كتابه كان تناول عناصر الإبداع في الأدب العربي القديم الا أن البحث في ذلك قاده الى جوانب أخرى من الروحية الشرقية الإسلامية، خصوصاً تلك المبادئ الإبداعية المعروفة في الفن الشرقي الإسلامي الذي يمتد من ما قبل الإسلام الى القرن الثامن عشر، ومن الجزيرة العربية الى البوسنة ذاتها حيث مارس كتابها أيضاً الإبداع في اللغات الشرقية خلال قرون عدة.
ويرى دوراكوفيتش أن الأدب العربي القديم هو إمبراطورية شعر، ولذلك فقد شاع استخدام مصطلح"البويطيقا"باعتباره"فن الشعر"مع أن المقصود به هو عناصر أو مبادئ الإبداع في شكل عام، ولكن النقاد العرب القدامى استخدموه بالمعنى الضيق لأن الشعر كان هو الغالب على الإبداع حتى نهاية العهد الأموي.
وبعبارة أخرى يقوم الكتاب الجديد على طبيعة الشعر العربي القديم الذي ينتمي الى مرحلة الكلاسيكية التي اختلف مؤرخو الأدب في تسميتها. وهنا يتوقف ليعبر عن اختلافه مع التقسيمات الشائعة للشعر/ الأدب العربي الكلاسيكي الذي تقسمه حسب السلالات الحاكمة وليس حسب طبيعته الفنية. وهنا يقول دوراكوفيتش أن مشكلة هذا الأدب أن المشتغلين فيه سواء من العرب أو المستشرقين كانوا من الفيلولوجين، الذين أسهموا دون شك في توضيح الكثير من جوانبه اللغوية ولكن لم يهتموا كما يجب بقيمه الفنية. فلكي يتم فهم التطور الأدبي عند العرب كتقليد له استمراريته لا بد من أن يتم توضيح ذلك في استمرارية قيمه الإبداعية، ولذلك لا بد من فهم هذا الأدب من الداخل.
وفي هذا الإطار يقول دوراكوفيتش أن أبحاثه قادته الى أن الأدب العربي القديم يمثل نظاماً ابداعياً متماسكاً ويتمتع بذاتية مميزة له. ولذلك إن وجدت بعض التعميمات الخاطئة كما هو القول بمادية الشعر الجاهلي فهي تكون ناتجة من عدم فهم للأسس الإبداعية لذلك الشعر. ويجري دوراكوفيتش مقارنة ما بين الشعر اليوناني القديم والشعر العربي القديم من حيث استمرارية كل منهما في الأدب اللاحق، حيث يوضح أن كلاً منهما بقي ملهماً ومؤثراً في الإبداع اللاحق سواء في الأدب الأوروبي أو في الأدب العربي.
ولكن أهم ما في الكتاب هو"النتيجة غير المتوقعة"التي توصل اليها دوراكوفيتش نتيجة لعمله الطويل في دراسة وتدريس الأدب العربي: ان النص القرآني هو نص قطبي أو استقطابي للأدب العربي في شكل عام مع أن هذا الأدب نما وتطور خلال مئات السنين بعد نزول القرآن. وهكذا فإن البحث في أسس الإبداع للأدب العربي القديم كشفت لدوراكوفيتش أن الأدب العربي اللاحق للقرآن وبخاصة الشعر كان يستلهم في إبداعه القرآن، وهو ما يوضحه في فصول هذا الكتاب المهم، الذي يستحق أن يترجم الى العربية.
* أستاذ التاريخ الحديث في جامعة آل البيت - الأردن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.