نظمت المديرية الجهوية لوزارة الثقافة في بني ملال، في مدرج غرفة التجارة والصناعة لقاء تكريمياً للكاتب المغربي أحمد المديني. وقال الروائي عبدالكريم جويطي منسق هذا اللقاء، إن تكريم هذا الكاتب يأتي"في سياق تفرضه الحاجة الى ترسيخ تقليد لم نعتده في الحياة الثقافية المغربية، وهو الانتباه الى أعلامنا الذين أثروا المشهد وأرسوا دعائمه. فالمشهد الثقافي العام في المغرب لا يعرف على العموم سوى الحروب الصغيرة والسعي الى الزعامة، ما يجعله وسطاً يكثر فيه"القتل"الرمزي، اضافة الى اللامبالاة التي يعانيها الكاتب من الدولة، ما يجعل الأمر أكثر مرارة". وقد أعطى أحمد المديني يضيف جويطي"صورة مختلفة وندرة باصراره على الكتابة وعدم الانقطاع عنها أو الإحساس بالغبن لسيطرة القيم السلبية. ولعل أهم ما سطره هذا الكاتب اضافة الى نصوصه هو تأسيس دار نشر خاصة، ما يفتح السؤال الثقافي المغربي على مداه".. وتأتي خطوة التكريم هذه، بغية ترسيخ ثقافة الاعتراف، وتقديم النص الجيد للقراء المهتمين، هذه السعي الى خلق لغة جديدة للحوار بين الكاتب وقرائه، وبين الأدباء أنفسهم، وبينهم وبين مدن الهامش التي تحتفي بهم لخلق نوع جديد من العلاقة المبنية على الحب والتواصل. ولعل كون هذه المدن صغيرة يجعلها لا تستطيع منافسة المدن الكبرى في المجالات الاقتصادية أو السياسية ما يطرح أمر ريادتها الثقافية بالحاح، وهو ما يلمسه المتتبع للشأن الثقافي المغربي، إذ يرى مدناً صغيرة كزاكورة وتزنيت وورزازات تساهم في الحراك الثقافي أكثر من الدار البيضاء أو طنجة. شارك في جلسات التكريم على مدى يومين كتاب من بينهم أحمد العاقد، عبدالفتاح الحجمري، رشيد ينحدو، عبدالعالي بوطيب، عزيز ضويو، عبدالحميد عقار، إدريس نقوري، شعيب حليفي، محمد عزالدين التازي، نور الدين درموش، الميلودي شغموم، شرف الدين ماجدولين، أحمد اللويزي، محمد بشكار، محمد بوخزار، محمود عبدالغني، ادريس الخوري ومبارك ربيع. وتضمنت هذه الجلسات مداخلات نقدية قاربت متونا قصصية وروائية للمديني مثل"المخدوعون"،"الجنازة"،"مدينة براقش"،"العجب العجاب"و"وردة للوقت المغربي". وحاولت مداخلات النقاد الالتفات الى نصوص المديني وتحليلها وابراز خصوصيات الكتابة لديه، هذه الكتابة التي لا تمنح نفسها بسهولة وتحتاج الى التأمل والتركيز واعادة القراءة للانفتاح عليها. فأحمد المديني كما رأت المداخلات يمتلك أسلوباً خاصاً، ورؤية نقدية أسست لتجربته الابداعية ومنحتها بوصلة تجعلها تسير وتتطور وفق منهجها الخاص. وكتابته ترصد الوعي الجمعي والذاتي وتمتاز بمتخيل مفتوح على امكانات تأويلية مهمة. فرواية"المخدوعون"مثلاً، تحقق هذا النموذج الذي علق عليها الناقد شعيب حليفي بقوله:"الرواية... تحفر جرحاً سرياً في التلقي الواعي وتحضر فيها الشخصيات مثل غيوم تمطر ثم تمضي. وقد حقق أحمد المديني بهذه المجازفة العاشرة الرواية العاشرة في مسيرته الابداعية حلماً آخر يرى من خلاله الماضي والراهن موظفاً بذلك شذرات بيوغرافية وغيرية..". أما المداخلات الاخرى فجاءت على شكل شهادات انتبهت الى أحمد الميديني الانسان، سواء في علاقته بذاته أو في علاقته بالكتابة، حافرة في العمق الشخصي والحميمي. واستحضرت الشهادات تاريخاً لم يتوقف عند شخصية المحتفى به، بل تشابك معه التاريخ العام للكتابة المغربية، فكان السياق مناسبة لتذكر أو تكريم كتاب آخرين راحلين كمحمد زفزاف ومحمد شكري.