يبدو أنني أصبت وتراً في حملتي المستمرة على عصابة الحرب الأميركية، خصوصاً المحافظين الجدد، فقد وجدت أن جمعيات لهم ومواقع نشرت مقالاً يتهمني باللاسامية كتبه جوناثان شانزر، مدير السياسة في المركز اليهودي للسياسة. يقضي الواجب أن أشكر المركز والموظف الكاتب، فمثل هذا الهجوم، من مثل هذا المصدر، يكسبني شعبية في أوساط عربية معينة، إلا أنني لا أريد هذا، كما أنني أفكر بمدى حرجي لو ان المقال امتدحني. غير أنني أجد المقال مهيناً، وفي حاجة الى رد واضح، وقد كفاني الكاتب مؤونة التفكير، فهو ينهي مقاله سائلاً اذا كان ما أكتب يجعلني مذنباً باستعمالي لغة الكره، ويقول: السنة الماضية جعل وزير الداخلية البريطاني ديفيد بلانكت التحريض على الكره الديني جريمة ومقالات الخازن قد تكون كذلك. حسناً، أنا أرمي قفاز التحدي، وأدعو المركز اليهودي أو أي مركز مماثل أن يأخذني الى محكمة في لندن، ونترك القضاء البريطاني يقدر هل أنا لا سامي، أو مدافع عن اليهود، أقول للمتهمين مستعيراً من عبارة معروفة بالانكليزية: افعل أو اخرس. التهمة هي محاولة للارهاب والابتزاز، وكنت أستطيع أن اتجاهلها، إلا أنها أزعجتني لأنني، من دون تواضع فارغ، لا أعرف كاتباً عربياً آخر أو صحافياً دافع عن اليهود أكثر مني خلال العقدين الماضيين وخصوصاً منذ ارهاب 11/9/2001، وعادتي أن أهاجم الليكوديين والاعتذاريين لاسرائيل، وأن أفضح تطرفهم، إلا أن هناك لازمة في جميع مقالاتي عن الموضوع، هي أن المتطرفين أقلية لا تمثل الغالبية العظمى من اليهود فهؤلاء وسطيون ليبراليون، ولو إن الانتخابات الأميركية سارت كما يصوت اليهود لخسر جورج بوش حتماً لأن 80 في المئة من اليهود الأميركيين صوتوا ضده مرتين. أيضاً، فكل استفتاء للاسرائيليين يظهر غالبية تؤيد السلام مع الفلسطينيين. رأيي، وأرجو أن تحاسبني محكمة بريطانية عليه، هو أن هناك عصابة حرب في إدارة جورج بوش يرأسها نائبه ديك تشيني، وهي تتألف من مجموعتين، الأولى تضم تشيني وكان معه دونالد رامسفيلد وآخرون يريدون بسط امبراطورية أميركية على العالم، أي امبريالية جديدة، وهذا بالمناسبة رأي الدكتور روان وليامز. وهناك توثيق لعمل لجنة تشيني التي دعت قبل أشهر من ارهاب 11/9/2001 الى السيطرة على نفط العراق، والثانية تضم متطرفين من اليهود الأميركيين، أمثال ايليوت ابرامز، الذين ينشطون في الإدارة وحولها، لتأييد اسرائيل على حساب المصالح الأميركية نفسها، وهذا رأي"نيويورك تايمز"في مقال كتبته هيلين كوبر ونشر في 10/10/2006، وقد نقلت منه حرفياً الأسبوع الماضي عندما كتبت عن ابرامز وتطرفه. المتطرفون من عصابة اسرائيل يرتكبون جريمتين، الأولى أن تطرفهم يشجع على التطرف في اسرائيل، ما يعني استمرار الاحتلال على رغم القرارات الدولية ومنع الاسرائيليين والفلسطينيين من الوصول الى حل سلمي، والثانية أن تطرفهم يوفر الأعذار للمتطرفين والإرهابيين من العرب والمسلمين الذين يستعملون جرائم اسرائيل وعصابتها عذراً لارتكاب جرائم مماثلة. عصابة اسرائيل تستطيع أن تقول ما تشاء، إلا انها لن تغير حقيقة أن اسرائيل تحتل أراضي الفلسطينيين منذ 40 سنة على رغم القرارات الدولية المعروفة، وهي حتماً لن تغير أرقام الاحتلال. اليوم أُقدم نموذجاً واحداً يغني عن أي شرح، فالمركز الاسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بتسلم يقول إنه منذ 29/9/2000، أي بدء انتفاضة الأقصى، وحتى 30/11/2007 قتلت اسرائيل من الأولاد الفلسطينيين، أي دون الخامسة عشرة، 866 ولداً وبنتاً، في مقابل 119 قاصراً اسرائيلياً قتلهم الفلسطينيون، أي ان اسرائيل أكثر ارهاباً بسبع مرات من جميع الفصائل الفلسطينية. وتطرف عصابة اسرائيل لا يبدأ وينتهي بفلسطين وأهلها، فهناك العراق، ودعاة الحرب من العصابة قادوا الحملة حتى كانت حرباً لعلها ما كانت لتقع لولا دور بول وولفوفيتز ودوغلاس فايث عبر مكتب الخطط الخاصة في وزارة الدفاع الذي لفّق استخبارات بديلة لتبرير الحرب. لولا العصابة لربما كان بقي حياً مليون عراقي وأكثر من أربعة آلاف جندي أميركي وحليف. لكن حتى بعد ثبوت عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وحتى بعد موت مليون بريء وتدمير البلد على رأس أهله لا يزال السناتور جو ليبرمان وأمثاله من جماعة اسرائيل يؤيدون الحرب. ولِمَ لا يفعلون والقتلى من العرب والمسلمين، مع قلة من الشباب الأميركيين تضحي بهم العصابة على مذبح أمن اسرائيل المزعوم. عصابة الحرب الاسرائيلية تعمل في شكل محموم الآن لدفع الولاياتالمتحدة نحو مواجهة مسلحة مع ايران، مع أن هذه لا تهدد الولاياتالمتحدة ولا يمكن أن تفعل، فهي دولة بعيدة من العالم الثالث، والموضوع هو اسرائيل لا أميركا وأمنها. مقال العصابة عني كُتب قبل صدور تقرير الاستخبارات الوطنية الأميركية الذي كشف أن ايران أوقفت برنامجها النووي العسكري عام 2003، لذلك فالمقال يمضي في كذبة التهويل عن خطر ايران ذات"تاريخ العنف والارهاب". والقارئ قد يعتقد وهو يقرأ بأن ايران غزت المكسيك وقتلت مليوناً من أهلها. وكلمة أخيرة للقارئ العربي، فكل ما كتبت وأكتب عن عصابة اسرائيل هو من مصادر أميركية، أي شهادة شاهد من أهلها.