حذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة فاو، في تقرير أمس، بعنوان "توقعات الأغذية" من احتمال أن تحافظ أسعار الحبوب العالمية على مستوياتها المرتفعة للسنة المقبلة، وعزت الأمر الى"مشاكل الإنتاج في بلدان كبيرة مصدرة، وإلى تراجع المخزون العالمي الى مستويات حرجة جداً". وتوقعت المنظمة أن تدفع بلدان"مبالغ إضافية عن وارداتها من الأسواق العالمية، تزيد على المبالغ التي دفعتها في سنوات سابقة"، حتى لو كانت تتوقع أنها"ستستورد كميات أقل من الحبوب". لكن معدلات ارتفاع أجور الشحن القياسية وأسعار الصادرات المرتفعة"تشكل أسباباً رئيسة لارتفاع فواتير واردات هذه الدول من الحبوب". ورأت المنظمة أن أسعار الحبوب الدولية"تكمن وراء ازدياد التضخم الغذائي المحلي"في أطراف من العالم، إذ أن حجم الإمدادات قياساً الى معظم أنواع الحبوب"تراجع أكثر مما كان في السنوات الأخيرة، أي في الوقت الذي ارتفع فيه حجم الطلب على الحبوب كغذاء وعلف وللصناعة". ورجّحت المنظمة أن يحافظ المخزون، المنخفض أصلاً مطلع الموسم، على مستواه في شكل متساو، لأن إنتاج العالم من الحبوب قد"يكفي فقط لتلبية احتياجات العالم المتوقعة". وفي وقت ارتفعت أسعار السلع الزراعية في شكل حاد في 2006 ، فهي"تزداد في بعض الحالات بوتيرة أسرع هذه السنة". وتتميز حال الأسواق الزراعية الآن، ب"ارتفاع الأسعار العالمية، ليس لعدد محدد من السلع بل لكل السلع الغذائية والأعلاف الرئيسة تقريباً". وأشارت الى"استمرار ارتفاع الأسعار الدولية للمحاصيل الغذائية مثل الحبوب فهي تتموج من خلال سلسلة الإمدادات الغذائية، ما ساهم في ارتفاع أسعار التجزئة بالنسبة الى الأغذية الأساسية كالخبز أو المعجنات واللحوم والحليب". ورأت المنظمة أن العالم قلما تحسس مثل"هذا القلق المشترك الواسع النطاق في شأن تضخم أسعار الأغذية، الذي يثير نقاشاً حول أسعار السلع الزراعية واتجاهها في المستقبل في البلدان المستوردة والمصدرة سواء كانت غنية أم فقيرة". الوقود الحيوي وسعر الأغذية وأدى ارتفاع أسعار النفط الى رفع أسعار المحاصيل الزراعية، بزيادة تكلفة المدخلات ودعم الطلب على هذه المحاصيل المستخدمة لإنتاج الوقود الحيوي. وحذرت المنظمة من أن يعزز الربط بين أسعار النفط المرتفعة والرغبة في معالجة مسائل بيئية"الطلب على مخزون العلف، خصوصاً السكر والذرة وبذور اللفت والصويا وزيت النخيل ومحاصيل زيتية أخرى فضلاً عن القمح للسنوات المقبلة". كما أدى ارتفاع الوقود وتوسع قدرات الشحن واختناق الموانئ وامتداد المسارات التجارية الى زيادة أسعار الشحن، ما"جعلها عاملاً أكثر أهمية في الأسواق الزراعية مما كان في السابق". واستناداً الى تقرير المنظمة، فإن أسعار الشحن القياسية"لم ترفع تكلفة النقل وحسب بل غيرت النمط الجغرافي للتجارة، إذ اعتمدت بلدان عدة على تنويع مصادرها من الواردات من خلال مجهزين قريبين منها بهدف ترشيد تكاليف النقل". وأسفر انخفاض الدولار الأميركي في شكل حاد في مقابل العملات الرئيسة عن تراجع التأثير الفعلي للزيادة في الأسعار العالمية في الاقتصادات غير المعتمدة على العملة الأميركية. وأن الدول التي لم تتعزز عملاتها ستتحمل الوطأة الكاملة لارتفاع أسعار السلع التي يُهيمن عليها الدولار الأميركي. واعتبرت المنظمة أن المؤشرات كلها تدل على زيادة في زراعة القمح في مختلف أنحاء العالم، بهدف الحصاد السنة المقبلة، ومن شأن التوسع في إنتاج القمح والنمو الاعتيادي في حجم الاستهلاك أن يؤدي الى خفض أسعار القمح. أما بالنسبة الى أسعار الذرة، فلفتت الى أنها سجلت رقماً قياسياً منذ عشر سنوات شباط/ فبراير 2007، غير أنها تراجعت الى حد كبير منذ ذلك الحين. وأدت القيود المفروضة على الإمدادات إزاء الارتفاع المفاجئ في حجم الطلب على الوقود الحيوي، الى ارتفاع أولي في أسعار الذرة. ولكن في ضوء التوسع الهائل في الزراعة والتطلعات الى تسجيل محصول قياسي هذه السنة،"بدأت الأسعار تتراجع على رغم استمرار ارتفاعها في أيلول سبتمبر ما يزيد على 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي". كما زادت أسعار الشعير، الذي يعد محصولاً مهماً آخر في شكل ملحوظ، وساهمت مشاكل الإمدادات في استراليا واوكرانيا، وتراجع الإمدادات المتيسرة من الذرة وحبوب علف أخرى، في خضم ارتفاع حجم الطلب القوي على الشعير، الى مضاعفة أسعار العلف والشعير في الأسابيع الأخيرة. ومن السلع الزراعية الأخرى، حققت منتجات الألبان مكاسب أكبر مقارنة بالعام الماضي، تتراوح بين 80 وأكثر من 200 في المئة. وزادت أسعار العلف المرتفعة من كلفة الإنتاج الحيواني، ما أسفر عن ارتفاع أسعار المواشي. وسجلت أسعار الدواجن في الغالب زيادة قصوى نسبتها 10 في المئة، أما النمو في حجم الاستهلاك والانخفاض التدريجي في القيود التجارية، فساهم في زيادة أسعار اللحوم والدواجن في هذا الموسم بحسب تقرير المنظمة موضوع البحث.