أعلن وزير المال اللبناني جهاد أزعور أن حجم الخسائر التي تكبدتها المالية العامة بسبب الحرب،"ستصل حتى نهاية العام الحالي الى بليون دولار"، مؤكداً أنها"لم تتوقف الى اليوم". وتوقع في حديث الى"الحياة"أن"تستمر هذه الخسائر حتى منتصف السنة المقبلة"، عازياً ذلك الى عاملين: الاول يتمثل بپ"التراجع في حجم ايرادات الضريبة على الدخل نتيجة انعكاس الحرب سلباً على ارباح جزء من المؤسسات والشركات، ويرتبط الثاني بالحركة الاقتصادية التي لم تنطلق الى الآن". وعن تقدير الخسائر السنة المقبلة، لفت أزعور الى أنها"لم تتبلور بعد"، موضحاً أنه"سيعاد النظر في الاطار الماكرو اقتصادي على مدى السنوات الخمس المقبلة والبرنامج الاقتصادي الذي سنعتمده مستقبلاً". وأشار الى أن الخسارة في الإيرادات في الشهرين الماضيين"فاقت 350 بليون ليرة نتيجة توقف الحركة الاقتصادية والحصار وتعليق المهل للضرائب". وأكد أن وزارة المال"تمكنت من تجاوز مرحلة مالية صعبة جداً وبأقل كلفة ممكنة، اذ لم نضطر الى رفع الفوائد، كما لم يتجاوز حجم الاستدانة من مصرف لبنان المركزي 400 مليون دولار، وهو قليل مقارنة مع بما كان يحصل في السابق، وذلك لتغطية حاجات بالدولار لتسديد استحقاقات سندات يوروبوند بالدولار بقيمة 250 مليوناً. كما سددت الوزارة ما توجب على مؤسسة كهرباء لبنان ثمن محروقات، وتخطى المبلغ 170 مليون دولار، وهذا المبلغ لم يكن محسوباً، على اساس ان المؤسسة ستسدده. كما أمّنا حاجات كل الادارات العامة". وذكّر أزعور بتحسن المالية العامة في النصف الاول من العام، لافتاً الى"تحقيق فائض أولي بلغ 900 بليون ليرة أي بزيادة أربع مرات عن الفائض المحقق عام 2005". وأكد أن الامر الأهم الآن يتمثل في"اعادة الثقة من خلال فك الحصار. ويمكن الاقتصاد من خلال اعادة الثقة أن ينطلق ويتفادى النكسة". وأعلن"العمل الآن على اعادة بناء الاقتصاد والاصلاحات المالية الاساسية، واعادة الاعمار من خلال مشروع يكون فيه حجم الدعم الدولي أكبر بكثير مما نشهده الآن، وأن يتمكن من معالجة كل المشاكل". وعن تأثير الحرب على النمو بعدما كان لبنان يتوقع نمواً بما بين 5 و 6 في المئة، كشف وزير المال أن النمو"تراجع في خلال الشهرين الماضيين بين 6 و7 في المئة". لكنه أوضح أنه"يمكن تعويض جزء من الخسارة على مدى العام بفعل النمو المسجل في النصف الاول. كما يرتبط ذلك بالمرحلة المقبلة وبسرعة فك الحصار، وبذلك يمكن أن نصل الى معدل نمو سلبي بين 1 و2 في المئة أو حتى صفر في المئة في حال اعادة تحريك الاقتصاد سريعاً". واذا كانت هناك حاجة الى الاستدانة من الاسواق الخارجية، أعلن أن هناك"اتجاهاً الى ذلك، مع العلم أن الوزارة قادرة على تمويل كل الاحتياجات حتى نهاية تشرين الاول اكتوبر المقبل". وكشف عن"درس آليات تمويل يمكن أن نعتمدها حتى نهاية العام، اذ كانت الوزارة تقدر بأن يفوق حجم الايرادات 8200 بليون ليرة، لكنها لن تتجاوز 7000 بليون حتى نهاية العام، اضافة الى الانفاق التشغيلي". وعن الاضرار غير المباشرة، أوضح أنه"لا يمكن تحديدها الآن لارتباطها بمدى استمرار الحصار وحجم المساعدات واستعادة الثقة". وعن الآليات التي ستعتمد في توزيع مساعدات مؤتمر استوكهولم البالغة 960 مليون دولار، كشف أزعور عن وضع ثلاث آليات، تتمثل الاولى بتدخل الدول المانحة من خلال مؤسساتها مثل الاتحاد الاوروبي، وتقضي الثانية بتبني الدول المانحة مشاريع معينة، فيما الآلية الثالثة تعتمد إنشاء صندوق للدول الاخرى بمساعدة المؤسسات الدولية مثل الاممالمتحدة والبنك الدولي واشرافها". وأعلن وزير المال أن هناك"عشرة مشاريع كبيرة واساسية نحتاج الى تمويلها في مرحلة النهوض السريع أهمها: البيوت الجاهزة، واعادة ترميم المدارس، ونزع الالغام وإزالة بقعة الفيول من البحر. فضلاً عن مساعدات للبلديات والجمعيات الاهلية لتأمين مقومات الحياة الاقتصادية للمناطق المدمرة، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة". وأشار أزعور الى"البدء في الاتصالات الاثنين الماضي مع كل دولة ومؤسسة شاركت في المؤتمر لاستيضاح اهتماماتها والآليات التي ستعتمدها للبدء في التنفيذ". واذا كان الصندوق سيخصص لدفع التعويضات للمساكن، أجاب:"سيخصص للمشاريع التي لا تتدخل فيها الدول المانحة مباشرة". وعن حجم تعويضات المنازل المهدمة، أوضح أنها"لا تزال قيد الاعداد، وسنطلب مساعدات جديدة لهذه الغاية". واذا كان لبنان تلقى المساعدات التي أعلنتها المملكة العربية السعودية والكويت والبالغة 800 مليون دولار، قال:"سيتلقاها عند تأسيس الصندوق الخاص بها"، لافتاً الى اجتماع عُقد على هامش مؤتمر استوكهولم مع وزراء المال السعودي والكويتي والاماراتي وممثل عن قطر، وناقشنا الموضوع"وسيكون صندوقاً عربياً او خليجياً لاعادة الاعمار". وعن وجهة استعمال اموال الصندوق، لفت الى أن"جزءاً من امواله سيستعمل لتعويض المنازل المتضررة، كما أن اموال الصندوق قابلة للزيادة من الدول نفسها". واذا كانت الدولة تتجه الى دفع تعويضات لاصحاب المصانع المدمرة، أوضح أزعور أنه"في كل الحروب التي شهدها لبنان حتى عام 1999 لم يتم تعويض أي مؤسسة انتاجية، كما لم تقدم على ذلك دول اخرى شهدت كوارث طبيعية أو حروباً، بل وضعت آليات تمويل ودعم تساعد على اعادة الانطلاق". وكشف عن سلسلة من المشاريع والاجراءات"سيعلن عنها في الايام المقبلة"، مشيراً الى أن لجنة وزارية تضم وزارات المال والصناعة والسياحة والاقتصاد"تدرس سلة من الاجراءات الضريبية والمالية والقانونية وبرامج تمويل طويلة الامد أو متخصصة تعالج المشاكل التي تعاني منها هذه القطاعات". وأوضح أن التعويض"سيتم بطرق مختلفة". واعتبر أن هناك"مسؤولية اقتصادية بتحريك الاقتصاد ومسؤولية اجتماعية بالحفاظ على فرص العمل المتوافرة في هذه المؤسسات". وأكد أن هذه الآليات"لن تكون كلاسيكية، وستبرمج الهبات من خلال التمويل ليتمكن صاحب المؤسسة من اعادة تحريك دورة العمل ويعيد اطلاق مؤسسته وتوظيف العاطلين عن العمل". ولفت الى أن البرنامج"سيكون من خلال ادوات السوق والهدف من ذلك تحريك ادوات الاقتصاد". واذا كان هناك اتجاه لاعفاء ضريبي، أكد أن"لا اعفاء من الضريبة، بل هناك اجراءات سنعلن عنها عندما تصبح جاهزة".