منذ أكثر من 20 سنة، والمشاهد العربي عموماً والسوري خصوصاً، اعتاد على اطلالة الفنان السوري ياسر العظمة في رمضان، بجديد"مراياه"التي لها حضورها وموقعها الخاص، في زحمة ما تعرضه شاشات الفضائيات العربية خلال هذا الشهر. إلى درجة يمكننا القول إن هذه السلسلة التلفزيونية الدرامية الناقدة، باتت طقساً تلفزيونياً رمضانياً، لا بديل منه، ولا يمكن لأي مسلسل آخر أن يحلَّ محلَّه. وكانت بدأت هذه الدراما الكوميدية الناقدة مشوارها مع المشاهد العربي، قبل 22 عاماً، حين قدَّم العظمة"مرايا 84". وحتى منتصف التسعينات، كان جلُّ ما تركِّز عليه حلقات ولوحات هذا المسلسل، هو التطرق للنواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المجتمع السوري، من خلال الاستفادة من رصد معاناة الناس ومشكلاتهم اليومية، فضلاً عن الاستفادة من الأدب العالمي الساخر، كقصص الكاتب التركي عزيز نسين. وبعدها، بدأت نبرة الانتقاد السياسي في ما تعكسه"مرايا"للواقع السوري خصوصاً، والعربي عموماً، تتصاعد بشكل متزايد، ضمن قالب كوميدي ساخر ولاذع، مع الحفاظ على التطرق للنواحي الأخرى التي كانت"مرايا"تعالجها، وتعكسها وتسلط عليها الأضواء. ما جعل هذا المسلسل من أهم الأعمال التلفزيونية العربية الكوميدية الهادفة الناقدة، فاستحقت"مرايا"أن تنال ثلاث جوائز ذهبية في مهرجانات الأعمال التلفزيونية العربية في القاهرة. وبحسب قول صاحبها، فإن هذا المسلسل، قد قدَّم حتى الآن أكثر من 700 قصة. وكانت سلسلة"مرايا"، قد غيَّرت اسمها في بعض الأعوام، واختارت عناوين مثل"شوفو الناس"، و"حكايا مرايا". أمَّا حلقات"مرايا 2006"فهي من تأليف ياسر العظمة ونور الدين الهاشمي، ومن إخراج هشام شربتجي. ونظراً الى حضور هذا المسلسل، اتجهت شركات الإنتاج التلفزيوني العربية، إلى إنتاج مسلسلات درامية كوميدية، أخذت منحى"مرايا"في التعاطي مع الشأن العام نقديَّاً، خصوصاً السياسي منه، كمسلسل"بقعة ضوء"ومسلسل"عربيات". لكن، تبقى الريادة لپ"مرايا"ولياسر العظمة. يقول العظمة في احاديث صحافية عن بدايته مع"مرايا":"قبل عشرين عاماً، عندما عرض مسلسل "مرايا 84"، وحقق نجاحاً نسبياً لدى الناس، توقفت آنذاك محتاراً، ورحت أفكر: ماذا أفعل بهذا النجاح؟ وكيف أُسخره لخدمة الناس...". ويتحدَّث عظمة عن هدفه من"مرايا"لتكون صوت الناس، ويقول:"هدفي أن أثير ما لا يستطيعون أن يجهروا به، إمَّا لخوف مزعوم، أو لضعفٍ في التعبير، أو لاعتيادهم على إطباق الفم، إمّا عن جهل أو تخاذل". وعن طبيعة معالجاته الدرامية الناقدة في مرايا للواقع السوري والعربي، يقول:"نحن لا نصطاد في الماء العكر، ولا نجوس متلصصين في متاهات مظلمة وسراديب مشبوهة، ولا نخترع مرضاً متخيلاً ثم نلصقه بواقعنا". من هنا ونظراً الى الديمومة والجرأة التي تتمتَّع بها"مرايا"ياسر العظمة، يُخشى أن تقع هذه السلسلة الكوميدية في فخ التكرار، من خلال التطرق الى الفكرة ذاتها، مرات عدة، ضمن صياغات مختلفة، مثل الإشارة الدائمة إلى سلبيات الانقسام العربي وتبعاته.