منذ بداية الصراع العربي - الاسرائيلي قبل عقود، لم تكن اسرائيل يوماً اعنف وأقسى وأشرس مما هي عليه اليوم. ولم يكن العالم الاسلامي يوماً على هذا العجز والضعف. ومن شأن منظمة المؤتمر الاسلامي، وهي أسست في 1960 على اثر محاولة متطرف إسرائيلي إحراق المسجد الأقصى، ابراز قوة العالم الاسلامي والتصدي للعدوان الاسرائيلي. وعليه، سعى أمين عام هذه المنظمة، اكمل الدين احسان اوغلو، الى عقد قمة طارئة بماليزيا. وانتظر كُثر صدور بيان ناري عن هذه القمة الطارئة. ولكن تمثيل القادة المسلمين لم يأت على حسب ما اشتهت الشعوب المسلمة، أي على مستوى الملوك والرؤساء. وأوفدت معظم الدول الاسلامية وزراء الى هذه القمة. وكان بيان القمة أقرب الى كلمات ترفع العتب منه الى الدعوة الى حل عملي. والحق أن تركيا عولت على هذا المؤتمر. وأعد رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان خطة قد تنتشل الشرق الاوسط من هذه الازمة. فأردوغان رفض إرسال قوات تركية الى لبنان، في هذه الظروف، والنزول على شروط اسرائيلية. وهذا الرفض أثلج صدور المسلمين، وأغاظ اسرائيل وأتباعها بالمنطقة وتركيا. فإسرائيل أرادت انتشار قوة دولية، وضمنها جنود اتراك، تنزع سلاح"حزب الله"بجنوب لبنان، قبل وقف اطلاق النار. وخالف أردوغان الخطة الاسرائيلية، واشترط إصدار الاممالمتحدة قرار وقف اطلاق النار لإرسال قوات تركية الى لبنان، وقبول أطراف النزاع هذا القرار. ويرى اردوغان ان مفاجآت تنتظر اسرائيل بلبنان. وليس دوام الحرب في مصلحة اسرائيل. واقترحت تركيا انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا، و تبادل الأسرى بين اسرائيل وپ"حزب الله"، وانضواء هذا الحزب في الجيش اللبناني. ولا شك في أن مجزرة قانا لم توقف العدوان الاسرائيلي. فمنظمة الاممالمتحدة عاجزة عن الحفاظ على السلام العالمي. ولو كان الامر منوطاً بأميركا وبريطانيا، وهما اكتفتا بتزويد اسرائيل السلاح والقنابل الذكية، لشاركتا في الحرب علانية. وأما أوروبا، فهي منزعجة من أزمة الشرق الاوسط، وآسفة. ولكن أسفها غير مجد. والحق أن اللجوء الى العالم الاسلامي هو الامل الوحيد المتبقي للخروج من الازمة. ففي وسع هذا العالم استخدام سلاح النفط. وهذا السلاح أثبت في السابق نجاعته، وقلب الموازين الدولية ومعادلاتها. ولكن من استخدم سلاح النفط بالأمس، يتردد اليوم في حضور اجتماع منظمة المؤتمر الاسلامي. ولا ريب في حاجتنا إلى شرق أوسط جديد تقوده تركيا. وهذا الشرق الاوسط مختلف عن شرق أوسط وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. عن فهمي كورو ، "يني شفق" التركية، 4/8/2006