يعود التركيز العسكري الاسرائيلي على بلدة مارون الراس - قضاء بنت جبيل، الى أسباب عدة، أبرزها أن البلدة تقع على هضبة تعتبر الأعلى في جبل عامل ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر أكثر من ألف وخمسين متراً وتوازي في ارتفاعها مستوى بلدة شبعا وسطح جبل الشيخ وتطل على أقضية صور والنبطية ومرجعيون وبنت جبيل، إضافة الى أنها تطل على عدد من المستعمرات الاسرائيلية أولها مستعمرة أفيفيم التي امتدت اليها معارك أول من أمس بين مقاتلي"حزب الله"وجيش العدو الاسرائيلي. أما لماذا اختار الجيش الاسرائيلي مارون الراس مركّزاً عليها عدوانه المستمر منذ أكثر من ثلاثة أيام، والذي جاء بعد اخفاقه في تسجيل أي تقدم ميداني على محور بلدتي عيترون وبليدا؟ في الاجابة عن السؤال، قالت مصادر عسكرية في"حزب الله"، لپ"الحياة"إن العدو الاسرائيلي قرر التراجع عن هجومه على بلدة عيترون الواقعة تحت مارون الراس بسبب شدة المقاومة التي قوبل بها من مقاتلي المقاومة الاسلامية بعدما كان يعتزم التوغل في هذه البلدة والتوجه منها الى الطريق الدولية التي تربطها بمدينة بنت جبيل، والمعروفة عسكرياً باسم موقع"ك9"الذي كان يشغله الجيش اللبناني قبل اندلاع الحرب في لبنان. والموقع المذكور يربط بين بلدتي عيترون وبليدا، ويشكل نقطة تقاطع للسيطرة ميدانياً على عدد من البلدات الواقعة في قضاء بنت جبيل. إلا أن تراجع العدو الصهيوني وبحسب المصادر، ذاتها لم يمنعه من القيام بمحاولة للالتفاف على محور عيترون - بليدا من خلال احتلاله بلدة مارون الراس ظناً منه أن الكثير من المواقع الأخرى تصبح ساقطة نظراً الى الموقع الاسرائيلي الذي تشغله هذه البلدة. ويحاول العدو، كما تقول المصادر، منذ أكثر من ثلاثة أيام الإطباق عسكرياً على مارون الراس، لكنه لم يتمكن حتى الساعة، على رغم أن عناصر المقاومة في البلدة أتاحت له الدخول عسكرياً الى اطرافها الواقعة على التماس مع مستعمرة افيفيم بغية استدراجه للدخول اليها بعد أن استعدت لخوض مواجهة مباشرة.وقد سقط العدو في المكمن بعد أن تركزت عناصر من الجيش الاسرائيلي في منزل قريب جداً من مستعمرة افيفيم، من دون أن يلقى مواجهة في بادئ الامر لكن ما أن تمدد العناصر في المنزل حتى تعرضوا الى هجوم من المقاومين الذين نجحوا في إلحاق اصابات عدة بهم بين قتيل وجريح، اضافة الى أن شدة المواجهة اضطرت العناصر الى ترك عتاد عسكري من أسلحة رشاشة ومناظير عسكرية، تعود الى الذين سقطوا بين صفوف القوة الاسرائيلية المهاجمة. وحاول العدو، بحسب المصادر نفسها، إعادة ترتيب أوضاعه لشن هجوم ثانٍ وثالث على مارون الراس، لكنه اضطر الى التراجع مما حال دون دخوله البلدة لشن هجوم آخر باتجاه عيترون لاحتلال موقع"ك9"الذي سبق للجيش الاسرائيلي في حروبه المتعددة على الجنوب أن احتله ليتمدد منه صوب البلدات الاخرى من ناحية، ولفرض سيطرته النارية على الطرقات الدولية والفرعية التي تربط بين البلدات الواقعة في نطاق قضاء بنت جبيل والقرى الأخرى في قضاءي مرجعيون وحاصبيا. كما أن العدو اختار موقعي عيترون ومارون الراس، في اطار استطلاعه كما تقول المصادر، للقوة النارية ل"حزب الله"وتقدير حجمها، اضافة الى استكشاف المواقع والدشم العسكرية التابعة له، وخصوصاً ان كل التقارير الدولية أخذت تتحدث عن استعداد الجيش الاسرائيلي لشن عدوان بري يراهن من خلاله على دفع المقاومين الى التراجع الى المنطقة المعروفة ب"ما وراء نهر الليطاني". وهو الآن يقوّم حساباته الدقيقة خوفاً من الدخول في مغامرة اذا لم يتمكن من حسم المعركة، وخصوصاً أن استخباراته العسكرية لم تقدّر في شكل دقيق القوة الصاروخية والتذخير الناري ل"حزب الله".