ينهي ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز زيارة رسمية لفرنسا اليوم بحث خلالها مع المسؤولين الفرنسيين، وفي مقدمهم الرئيس جاك شيراك الذي التقاه أمس في قصر الاليزيه، قضايا تهم البلدين"تكريساً للمبدأ الاستراتيجي للعلاقة الثنائية"، بحسب ما أعلن وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الذي يرافقه في زيارته. وتضاعفت أهمية زيارة الأمير سلطان لباريس بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان. وقال سعود الفيصل إن المحادثات تركزت على"إيجاد حل سريع لوقف القتال الذي تشنه إسرائيل على لبنان وحصارها للمناطق الفلسطينية". ووصفت المصادر زيارة ولي العهد السعودي لباريس ب"التاريخية"وقد استكملت ما وضعه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وشيراك من قواعد جديدة لبناء مرحلة متقدمة من العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، خصوصاً في جانب التبادل الاقتصادي وتكريسه للاستفادة من طاقات البلدين في الاستثمارات المشتركة ودعمها بالخبرة والمهارات ورأس المال. واعتبرت المصادر أن زيارة الأمير سلطان الرسمية الأولى من نوعها إلى فرنسا منذ عقدين، والأولى له منذ توليه مقاليد ولاية العهد قبل نحو عام، تعد فرصة كبيرة لكسب الفرنسيين لرؤيته العميقة والمشهودة إقليمياً ودولياً حول مختلف التطورات التي تحيط بالعالم اليوم. وكان الديوان الملكي السعودي ذكر في بيان الثلثاء ان الزيارة التي بدأت الاربعاء بدعوة من شيراك"تستهدف مصلحة شعب المملكة العربية السعودية وخدمة قضاياه وقضايا الأمتين العربية والإسلامية، وذلك استمراراً لنهج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في التواصل مع قادة دول العالم لتحقيق هذه الأهداف العليا". ووصفت مصادر في باريس العلاقات السعودية - الفرنسية بأنها"ممتازة"وتشهد تطوراً مستمراً في ميادين عدة، لا سيما في المجال الاقتصادي والتبادل التجاري، خصوصاً ان فرنسا تتطلع الى مشاركة أكبر في التطور الاقتصادي الذي تشهده السعودية. يذكر ان الصادرات الفرنسية إلى السعودية شهدت تزايداً ملحوظاً العام الماضي، بلغت نسبته 26.6 في المئة، فوصلت إلى 1.65 بليون يورو، كما سجلت الواردات الفرنسية من السعودية ارتفاعاً بنسبة 15.6 في المئة، فوصلت إلى أكثر من 3.5 بليون يورو، يشكل النفط الخام 95 في المئة منها، أما البقية فهي منتجات كيماوية. في الوقت نفسه، تبقى السعودية في المرتبة الأولى على لائحة الدول المستوردة للمعدات العسكرية الفرنسية، إذ تقدر قيمة ما سلم منها للمملكة بين سنتي 1995 و2004، نحو 7.5 بليون يورو، ما يمثل 15 في المئة من إجمالي الصادرات العسكرية الفرنسية. لكن الجانب الفرنسي يطمح إلى تعزيز مبادلاته التجارية المدنية مع المملكة، خصوصاً أن حصة فرنسا من السوق السعودية تراجعت من 5.2 في المئة سنة 1998 إلى 3.49 في المئة سنة 2004. وتبدي فرنسا حالياً اهتماماً بتوسيع نطاق وجودها الصناعي، في مجالات مثل المشتقات النفطية وخدمات الصناعة النفطية، وأيضاً في مجال الاتصالات الهاتفية والمعدات الكهربائية والصناعات الغذائية. ويتوقع الفرنسيون نجاحاً قريباً لعدد من المشاريع الاستثمارية، التي تساعد في ترسيخ موقع فرنسا في السوق السعودية. وما يساعد على إنعاش الاستثمار الفرنسي في السعودية اتفاق حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة الذي دخل حيز التطبيق في 18 آذار مارس 2004، والذي يمدد كل خمس سنوات بموجب رسائل يتبادلها الطرفان في هذا الشأن. وتعوّل الأوساط الاقتصادية الفرنسية على تفعيل مجموعات العمل المشتركة مع السعودية، القائمة منذ 1996، في مجال الاستثمارات والتبادل التجاري والطاقة والمشتقات النفطية، على رغم أن المواضيع الاقتصادية تناقش في إطار المجلس الفرنسي - السعودي لرجال الأعمال الذي أنشئ نهاية 2003. وكانت آخر زيارة لمسؤول سعودي رفيع المستوى إلى فرنسا هي لمساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز الذي حضر معرضاً دولياً عن القوات البرية، وعقد على هامشها محادثات وُصِفت ببالغة الأهمية مع وزيرة الدفاع الفرنسية ميشال آليو ماري. وكان ذلك اللقاء هو الثاني من نوعه خلال ثلاثة شهور للأمير خالد بن سلطان مع الوزيرة الفرنسية التي استقبلها في مكتبه في"المعذر"في العاصمة الرياض خلال مرافقتها الرئيس جاك شيراك في زيارته الأخيرة الى السعودية في آذار مارس الماضي. وكان شيراك اتفق خلال زيارته الى المملكة حينها مع الملك عبدالله على شكل العلاقة الاستراتيجية، ومحورها التنمية الاقتصادية في ظل ما يتمتع به البلدان على مدى عقود من علاقات توصف دوماً بالطيبة والمتينة، إذ اعتبر شيراك السعودية"لاعباً أساسياً على الساحة الدولية بالنسبة إلى فرنسا سواء من حيث ثقلها النوعي أو دورها المشجع على الاعتدال في منطقة مضطربة، وانها شريك مهم لمواجهة التحديات الجديدة، في عالم يعيش الكثير من التحولات". وتميزت زيارة شيراك حينها للسعودية، على رغم أهمية المحادثات التي عقدها مع المسؤولين السعوديين، بإلقاء أول زعيم دولة غربية خطاباً شاملاً تحت قبة مجلس الشورى السعودي في 5 آذار. وكان الرئيس الفرنسي التقى على هامش زيارته في الرياض، رجال الأعمال من البلدين، خلال المؤتمر الاقتصادي السعودي - الفرنسي الذي نُظم في قاعة فندق انتركونتننتال.