يبدو الشاب نائل العمري، يدير مقهى"علي بابا"، وسط رام الله، منهمكاً في الإعداد لاستضافة زبائنه، خلال"مونديال 2006"الكروي، في ألمانيا، والذي تنطلق مبارياته الصاخبة، في التاسع من حزيران يونيو الجاري، عبر التأكد من وصلات الصحون اللاقطة، وتجديد الاشتراك في القنوات التي تنقل المباريات حصرياً، وإضافة شاشات كبيرة، علاوة على نصب أعلام وقمصان العديد من الفرق المشاركة في أهم حدث رياضي في العالم.. كما ينوي العمري تغيير ترتيب المقاعد، بحيث يتمكن زبائن المقهى، الذي يشتهر بنقل المواسم الكروية الأشهر في العالم، من"مشاهدة ممتعة للمونديال". ويؤكد العمري، أن الشارع الفلسطيني، خصوصاً الشباب، أصيب بحمى المونديال كغيره من شباب العالم، على رغم الضائقة الاقتصادية، وجرائم الاحتلال المتكررة، التي تعكر صفوه باستمرار، ويقول: الشباب الفلسطيني يعشق كرة القدم، ويهتم بمتابعة المواسم الكروية الأبرز في العالم، ولا يمكن أن يفوت متعة مشاهدة مباريات المونديال. ويشير العمري إلى أن سعيه وراء الاشتراك في قناة"ART"التي تبث المباريات حصرياً في المنطقة العربية، يأتي من باب تخفيف المعاناة على الشباب الفلسطيني الذي يعاني من أزمات اقتصادية كبيرة، وفي الوقت نفسه لديه رغبة عارمة في متابعة المونديال .. لن نفرض أي رسوم على حضور المباريات، وستبقى أسعار المشاريب كما هي في الأيام الأخرى. ويتحدث العمري عن الشعبية الطاغية للفريق البرازيلي لدى الفلسطينيين، لما يتمتع به من أداء رفيع وجذاب وممتع، وبسبب ما يزخر به"الأصفر"من نجوم باتوا الأبرز في العالم، كرونالدينيو، أفضل لاعب في العالم، وفي أوروبا، ورونالدو، هداف نادي"ريال مدريد"الإسباني، وروبرتو كارلوس، صخرة الدفاع البرازيلي، علاوة على آخرين كروبينهو، وحارس المرمى ديدا، وغيرهم.وما يثلج صدر الفلسطينيين، أنهم لن يعانوا كغيرهم من شعوب الأرض، من احتكار"القنوات الفضائية المشفرة"لمباريات كأس العالم، فالعديد من المحطات التلفزيونية المحلية، أكدت على نقل المباريات مجاناً إلى مشاهديها، ومن بينها محطة"أمواج"التلفزيونية في رام الله، والتي يؤكد مديرها، سعد العاروري، على ذلك، مشيراً إلى أنهم حصلوا على موافقة قناة عربية تحتكر البث التلفزيوني، بخصوص بث مباريات"المونديال"، وعبر"أمواج"، إلى الشارع الفلسطيني بالمجان، في حين يؤكد آخرون أن العديد من القنوات الأوروبية، والتي يمكن متابعتها عبر القمر الصناعي"هوت بيرد"، ستبث المباريات، من دون تشفير، ومن بينها قنوات"ZDF"، و"ARD"، و"RTL"الألمانية .. إلا أن استثناءها قرابة ثلثي المباريات، وعلى رأسها مباريات البرازيل، وتونس، والدول الأفريقية والآسيوية سيتجه بالفلسطينيين نحو المقاهي، أو المحطات التلفزيونية المحلية، التي باتت تراهن على موسم منتعش، خلال"المونديال". ويؤكد الشاب فراس الأعرج، أن"المونديال الكروي"سيكون بمثابة"استراحة للفلسطينيين من الهم اليومي الذي يحيط بهم من كل جانب، جراء تواصل جرائم الاحتلال، وتأخر رواتب الفلسطينيين للشهر الثالث على التوالي، بسبب الحصار الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة وإسرائيل على الشعب الفلسطيني"، ويقول: نحن شعب نحب الرياضة، خصوصاً كرة القدم، كما نحب السينما، والمسرح، والغناء، ولا يمكن تأطيرنا في صورة نمطية، نكون فيها بالعادة، إما ضحية مغلوب على أمره، أو إرهابي .. نحن شعب يحب الحياة، وپ"المونديال"سيمنحنا فرصة للتعبير عن هذا الحب. ويحصر الأعرج اللقب بين البرازيل والأرجنتين، مثنياً على توقعات"الكابتن"محمود الجوهري، مدرب المنتخب الأردني لكرة القدم، ومن قبله المنتخب المصري لأكثر من مرة، معرباً عن اعتقاده، بأن"هذا المونديال سيشهد العديد من المفاجآت، كما حصل في سابقه، كخروج فرنسا والأرجنتين من الدور الأول في العام 2002، وتأهل كل من كوريا الجنوبية، وتركيا، إلى الدور قبل النهائي. ويخالفه صديقه عماد الرابي الرأي، مؤكداً الحظوظ الكبيرة للفريقين الإيطالي والألماني، الذي يلعب"على أرضه، وبين جماهيره"، مؤكداً أن الفرق الأفريقية، وخصوصاً تلك التي تشارك في المونديال للمرة الأولى، كأنغولا، وساحل العاج، قد تحقق مفاجآت من العيار الثقيل، كما هي حال فرق تبدو مغمورة ككوستاريكا، وترينداد. وتؤكد مرام عوض طالبة جامعية، على أن معظم صبايا فلسطين، لا يبدين اهتماماً كشبابها بالمونديال، إلا أن هناك"بعض الفتيات يبدين تعصباً لبعض الفرق، قد يفوق تعصب الشبان، وهذا ما ألمسه لدى بعض صديقاتي في الجامعة"، مؤكدة أن حال الشلل في الأراضي الفلسطينية، بسبب الأزمة الاقتصادية، ستتعمق خلال"المونديال"، الذي يصيب العالم كله بنوع من الهوس، والجنون، مشيراً إلى أن شباناً وفتيات في الجامعات الفلسطينية، بدأوا فعلاً في التعبير عن"هذا الهوس"، عبر ارتداء قمصان الفرق الكروية التي يشجعونها، منذ اليوم. وتقول عوض: يمكن ملاحظة طغيان اللون الأصفر، والقمصان البرازيلية، إلا أن هذا لا يمنع البعض من ارتداء قمصان، تحمل شعارات وأسماء فرق أخرى، خصوصاً إيطاليا والأرجنتين.