تشهد الساحة الفنية في الشهر الجاري من كل سنة، حالة ركود بسبب امتحانات نهاية العام الدراسي في المدارس والجامعات، فتتقلص الإصدارات الغنائية ويقلّ عدد الحفلات، وتنتظر شبكات التلفزة نهاية الشهر لتقدم توليفة برامج جديدة لدورة الصيف. إلا أن الوضع هذه السنة يختلف، فالهدوء النسبي الذي تعيشه الساحة الفنية يعود إلى حدث، انتقل من الملاعب الرياضية إلى الشارع، وتحوّل إلى ظاهرة تشغل الناس والشركات الكبرى والفضائيات:"مونديال 2006". وإذا كانت مباريات كرة القدم استطاعت منذ النصف الثاني من القرن الماضي أن تحتل كل أربع سنوات موقع الصدارة في حياة الناس، فإنها في الأعوام ال20 الأخيرة فرضت على الساحة الفنية تغييرات عدة، أبرزها مشاركة بعض الفنانين في الغناء للمونديال أو الترويج له أو حضور بعض مبارياته تشجيعاً لهذا المنتخب أو ذاك. هذا السنة، شلّ المونديال الساحة الغنائية تماماً، وفرض على فنانيها سياسة مختلفة. وها هي إليسا تدخل الملعب لتصوّر إعلاناً من أجواء المناسبة، ومحمد عبده يجتمع مع رابح صقر في تعاون فريد، ويقدمان أغنية للمنتخب السعودي، وشركة"روتانا"تقللّ عدد إصداراتها، كذلك فضائية"ميلودي"التي سارعت إلى عرض كليب هيفا وهبي"الواوا"قبل المونديال بأسبوع، لتؤجل عرض بقية كليباتها الحصرية حتى أوائل تموز يوليو المقبل، وعاصي الحلاني يعلن أنه انتهى من تحضيرات ألبوم لكنه لن يطرحه إلا بعد الدور نصف النهائي لكأس العالم. هكذا يؤثر هذا الحدث الرياضي في شكل مباشر في الساحة الفنية، فيلعب دوراً أساسياً في تغيير نشاطات الفنانين وتعديلها هذا الشهر. فن"السامبا" "الحياة"تحدثت إلى بعض نجوم الغناء والشاشة الصغيرة وتعرّفت إلى نشاطاتهم، وعلاقتهم باللعبة الشهيرة والفرق المشاركة. قد تكون إليسا من أكثر النجمات العربيات اللواتي ارتبط اسمهن بالمونديال. فهي، من خلال اعتمادها كوجه إعلاني لأحد المشروبات الغازية الراعية للحدث، قدمت إعلانات من ملعب كرة القدم، جسّدت فيها دور مطربة تدخل مع زميلتها كريستينا أغيليرا لإلقاء تحية غنائية على الجمهور واللاعبين معاً. وتقول إليسا إنها تنتظر هذا الحدث العالمي لأنها تشجع منتخباً معيناً وتتحمس كثيراً له. وتؤكد إليسا أنها تقوم بكل جهد ممكن كي تتابع المباريات المهمة في كأس العالم. وتعتبر أن حبها نابع من كون كرة القدم لعبة حماسية،"تشجعني كثيراً وتستفزني شروطها خصوصاً التكتيك والذكاء والليونة". وتشجع المغنية اللبنانية منتخب البرازيل،"فهو عرف كيف يبرز قوته وفاز أكثر من مرة، آخرها في كوريا الجنوبية واليابان، حين تفوق على ألمانيا بجدارة". وترى إليسا أن الناس يحددون خياراتهم انطلاقاً من حبهم لبلد معين أو لجمال اللاعبين في بعض الأحيان،"أما أنا فأشجع البرازيل لأنه منتخب يعتمد خططاً ذكية ويلعب بطريقة غير تقليدية... تشعر وكأنه يرقص السامبا". ما من طقوس معينة تتبعها إليسا أثناء متابعة المونديال لكنها تحب أن تجتمع مع بعض الأصدقاء خلال بث بعض المباريات المهمة، وأبرزها مباريات البرازيل. وتختم إليسا حديثها بتجربة الإعلان الذي غنّت خلاله باللغة الإنكليزية:"وضعني في أجواء الحماسة قبل بدء المنافسات. أتمنى ان يساهم في اجتذاب أناس جدد الى اللعبة". المونديال و"الواوا" قد ينتظر كثيرون رأي الفنانة هيفا وهبي بالمونديال. فالمغنية التي تخوض"مواجهة"مع الحدث من خلال بدء بثّ كليب أغنية"الواوا"تزامناً مع مباشرة بث تحضيرات المونديال، تترقب بشغف مباريات البطولة:"كرة القدم لعبة جماهيرية وأنا من عشاقها". والمونديال يؤثر في شكل كبير في حياة هيفا وهبي، لكنها فرحة لأن الحفلات الفنية تكون أقل في شهر حزيران:"ما يساعدني على التفرّغ لمتابعة المباريات المهمة". وتعزو اهتمامها بالمونديال لأسباب كثيرة، أبرزها أن هذه اللعبة تؤجج الحماسة في صدر الجمهور:"جميل أن يهتم الناس بكرة القدم بدل أن يتلّهوا بالحروب وتربية الأحقاد... ويا ليتنا في لبنان والدول العربية نركّز أكثر على الرياضة لدى جيل الشباب لأنها ثقافة خاصة بحدّ ذاتها". وتشجّع هيفا منتخب البرازيل:"أحبه منذ مدة طويلة... لأدائه طعماً مختلفاً وخاصاً. وهذا ليس رأيي وحدي بل رأي كثيرين. وبعد البرازيل أشجع إيطاليا". وتحرص هيفا على متابعة المباريات المهمة في المنزل مع عدد من الأصدقاء:"أفضّل أن يكونوا من مشجعي البرازيل كي لا تتحول الجلسة إلى معركة حقيقية". وتثابر هيفا على مزاولة التمارين الرياضية مع مدرب خاص، ليس فقط للمحافظة على الرشاقة بل"طلباً للراحة النفسية والهروب من التعب وضغوط العمل". كما تهوى ركوب الخيل:"أحب الحصان لأنه يرمز إلى الذكاء والجمال والقوة والأصالة... ولكن، يبقى لكرة القدم رونق خاص". رياضي بالممارسة ويبدو الوضع مختلفاً مع النجم التونسي أحمد الشريف الذي يجيد مزاولة كرة اليد وكرة القدم. وهو حاول تخفيف الضغط عن مفكرة نشاطاته هذا الشهر استعداداً لكأس العالم:"قبل نحو شهرين توقفت البطولات، لم نعد نتابع مباريات شيقة، لذا أتشوق للحدث الذي يطل مرة كل أربع سنوات". والنجم التونسي الذي يقيم حالياً في بيروت، اشترى صحناً لاقطاً خصيصاً لمتابعة المباريات:"شرطي الوحيد أن أشاهد المباريات وحيداً بغية التركيز الكليّ على اللعب". ويقول بحماسة:"اشجع تونس أولاً ثم البرازيل. إذا وصلت تونس إلى الدور الثاني، سألغي مواعيدي واستقل أول طائرة متجهة إلى ألمانيا... لن أفوت الحدث إطلاقاً". وأحمد عاش تجربة مثيرة حين غنى في سورية قبل عامين، اذ كان يستغل الاستراحات بين فقرات البرنامج ليصعد إلى غرفته ويتابع مباراة بين فرنساوإيطاليا. ولا يخشى من تضارب المواعيد بين حفلاته والمباريات:"سأنهي حفلتي سريعاً وأعود إلى شاشتي الصغيرة". لكنه يختم حديثه مبتسماً:"الجلوس أربع ساعات أمام الشاشة يجعلني أفقد حماستي للقيام بالتمارين الرياضية اليومية". المناسبة وسيلة قربى وبالنسبة إلى"مليحة العرب"ندى دبوق، التي عادت قبل أيام من مدينة كان الفرنسية بغية التحضير للبرنامج الجديد الذي ستقدمه على شاشة فضائية"الجرس"، فالمونديال يقرّبها من"حبيبها"الذي يهوى اللعبة وينتظر بشغف الحدث العالمي الأبرز. لذا، تحرص على تخصيص وقت كبير لمشاهدة المباريات، خصوصاً تلك التي يخوضها المنتخب السعودي. وتشجع دبوق السعودية:"معظم أصدقائي سعوديون. وأنا أنتمي إلى السعودية، عشت فيها فترة طويلة، وأزورها باستمرار". وترى أن الناس يحددون خياراتهم الرياضية وفق طريقة لعب هذا المنتخب أو ذاك،"وقد تتخطى المسألة الحرفية لتطبع بالتعصب القبلي أو السياسي". وتضيف:"أحضّر شاشة ضخمة لأتابع عبرها المباريات مع مجموعة من الأصدقاء، لنشعر كأننا نتابعها ميدانياً. وقد أذهب خصيصاً إلى ألمانيا لمتابعة إحدى المباريات، خصوصاً إذا وصل المنتخب السعودي إلى مراحل متقدمة". ويلوم الاعلامي نيشان دير هاروتيونيان ساعات العمل الطويلة الموزعة بين الجامعة وبرنامج"شاكو ماكو"الذي يقدمه عبر شاشة"نيو تي في"ورئاسته لتحرير مجلة"قمر"، لأنها تحرمه من متابعة المباريات كلها ويقول:"أحب ألمانياوإيطاليا ثم البرازيل... يستنفرني اللاعب الذكي وأحب التخطيط في هذه اللعبة"، ويختتم مبتسماً:"قد ينتقل الحديث من الشارع إلى طاولة"شاكو ماكو"، لم لا؟". أخيراً، أوقف الفنان السعودي راشد الفارس التحضيرات لألبومه الجديد، ليصدر أغنية خاصة بالمنتخب السعودي لمناسبة تأهله للمونديال. فهل يتحقق حلم الفنانين العرب وتبلغ السعودية أو تونس مراحل متقدمة في النهائيات؟