بدت سوق علاج السرطان وكأنها ازدحمت فجأة بالآمال التي ولدت من إعلانات متزامنة، صدرت في غير بلد وفي شكل منفصل، عن سبل جديدة في الشفاء من الأورام الخبيثة. ويضع المرضى وأسرهم أيديهم على قلوبهم خوفاً، ويوجس الكثير منهم سراً بالخشية من ألا يعدو الأمر فورة إعلانية، ما يتكرر كثيراً بين الفينة والفينة، ويليه إحباط ووجوم وعودة الى المربع الرقم واحد، حيث خانة اليأس وانعدام الحيلة علمياً حيال الأورام السرطانية الفتّاكة. ولوحظ ان العلاجات الجديدة تركزت على محورين: استخدام جهاز المناعة في قهر نمو الورم الخبيث، والعلاج بالجينات. فقد أعلنت مجلة"فوربس"، استناداً الى مصادر في"مكتب الغذاء والدواء"الأميركي انها في صدد الموافقة على علاج جديد لسرطان القولون، اسمه"امغين"Amgen، وتركيبته العلمية"بانيتوتوماب"Panitumumab. وفي مؤتمر عقدته"الجمعية الاميركية لاختصاصيي السرطان"في مدينة اتلانتا، عاصمة ولاية جورجيا الاميركية، عرضت احدى الشركات العملاقة عقاراً اسمه"تيمسيروليوموس"، باعتباره جديد أدوية علاج سرطان الكلى. والحال ان دواءً آخر، اسمه"تايكرب"Tykerb، حاز الاهتمام الأكبر في أعمال المؤتمر الجيورجي. وقُدّمت أمام اختصاصيي ذلك المؤتمر دراسة أشارت الى تفوقه على دواء"هيرسيبتين"Herceptin، الذي يعتبر من الأدوية الناجعة في علاج سرطان الثدي. ويعمل عقار"تايكرب"على تحفيز جهاز المناعة، ليقاوم الورم الخبيث للثدي، وخصوصاً النوع الذي يتضمن جيناً وراثياً اسمه"هير-2" HER-2. والمعلوم ان هذا الجين يعطي بروتيناً حيوياً يؤدي الى تسعير النمو المتسارع للخلايا السرطانية في الثدي. وفي إعلان منفصل، أثار باحثون الآمال مُجدداً في استخدام التقدم الحاصل في علوم الجينوم البشري، لاستنباط طرق جديدة في علاج السرطان، وخصوصاً في استعمال الجينات كأداة لمكافحة نمو تلك الأورام القاتلة. وأفاد فريق منهم أمس أن تجارب العلاج الوراثي أثبتت نجاحاً مهماً في الحالات المستعصية من سرطان المبيض في تجارب على الفئران. واستطاعت أيضاً ان توفر حماية من الآثار السامة للعلاج بالأشعة. والمعلوم ان سرطان المبيض يتسبب في وفاة 16000 سيدة سنوياً في الولاياتالمتحدة وحدها. وغالباً ما تتوفى المصابة بسرطان المبيض بعد أربع سنوات أو أقل من اكتشاف المرض لديها. وأوضح الاختصاصي في السرطان ديفيد بارتلت، من كلية الطب في جامعة بطرسبرغ الاميركية ان العلاج الجيني المُكتشف ربما مثّل بديلاً فعالاً للأدوية الكيماوية وللعلاج بالأشعة المستخدمة راهناً في علاج سرطانات المبيض. وخلال لقاء عقدته"الجمعية الاميركية للعلاج الوراثي"في بلتيمور، أوضح بارلت وزملاؤه انهم حقنوا فئراناً بخلايا سرطان المبيض، ثم عالجوها بفيروس مُعدّل جينياً ليحمل جيناً اسمه"سيتوزين ديامينيز"، الذي يُعرف أيضاً باسم"الجين المنتحر"، لأنه يدفع الخلايا السرطانية للقضاء على نفسها بنفسها! وفي سياق المؤتمر عينه، عرض فريق علمي مكوّن من خبراء في"كلية طب مايوكلينك"في منيسوتا الاميركية وآخرين من جامعة ميلانو الإيطالية، نتائج أبحاث مماثلة. واستخدم الفريق فيروس الحصبة، بعد ان عدّل مركّباته الوراثية ليصبح قادراً على استهداف الخلايا السرطانية. وتبيّن لأعضاء الفريق انهم حققوا نجاحاً لافتاً. لكنهم أشاروا الى ان نقل ذلك العلاج الى البشر هو مسألة معقدة، وقد تستغرق سنوات طويلة. والمعلوم ان العلاج الوراثي باستخدام الجينات، ما برح أمراً تجريبياً. وفي تجربة شهيرة عام 1999، حقق فريق فرنسي نجاحاً جزئياً في علاج سرطان الدم بواسطة الجينات. وسرعان ما توفي أحد المرضى الذين استفادوا من ذلك العلاج، ما رفع من درجة الحذر العلمي حيال الأمل في استخدام الجينات في مكافحة مرض السرطان المميت.